آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » التصريحات المنسوبة لوزير الخارجية الأمريكي، مجتزأه وخارجة عن سياق الحديث

التصريحات المنسوبة لوزير الخارجية الأمريكي، مجتزأه وخارجة عن سياق الحديث

 

 

أحمد رفعت يوسف

 

كان واضحاُ للمتابعين للشأن السوري، بأن التصريحات المنسوبة لوزير الخارجية ألأمريكية ماركو روبيو، حول سورية، وتحذيره من انهيار السلطة خلال أسابيع، لا يمكن أن تكون إلا مجتزأة، وغير دقيقة، وخارجة عن السياق العام للأوضاع، خاصة بعد التطورات التي حصلت، على العلاقات السورية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومع الدول الإقليمية والدولية، المهتمة والفاعلة بالشأن السوري.

وبعد العودة إلى التصريحات، التي أدلى بها روبيو، أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، وقراءتها كما وردت وبروحها، تبين أن المقصود فيها، هو عكس ما تناقلته الأخبار التي اجتزأت الحديث، وقرأته على مبدأ “لا تقربوا الصلاة…”.

فالفقرة التي أثارت اللغط، حول التحذير من انهيار السلطة في دمشق، كان من باب حث الكونغرس الأمريكي، على التعامل الإيجابي، مع الخطوات التي اتخذها الرئيس ترامب حول سورية، والتي فاجأت، حتى الكثير من أعضاء الكونغرس، والمسؤولين الأمريكيين.

وقراءة تصريحات روبيو، لا يمكن فهمها في سياقها الصحيح، بدون المرور على ما قاله رئيس اللجنة، السناتور جيم ريش في بداية الجلسة، عندما شكر روبيو، والرئيس ترامب، على قرار رفع ‌ العقوبات عن سورية، باعتبار أن ريش، الذي زار سورية، والتقى الشرع، كان ممن عملوا لاتخاذ القرار.

وأكثر من ذلك، فقد أكد ريش، أن سورية تمثل “فرصة للولايات المتحدة” وأن على الولايات المتحدة، أن “تستكشف هذه الفرصة”.

كما سأل روبيو، عن سبب عدم إعادة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، وفتح السفارة الأمريكية، وكان رد روبيو، بأن المانع لا يتعلق بالحكومة السورية، وإنما “بسبب وجود بعض الجماعات المسلحة، والعناصر الإرهابية، التي ما زالت ناشطة في سورية”.

وفي إطار رده على أسئلة ريش وأعضاء اللجنة، وشرحه للأوضاع في سورية، أكد روبيو أهمية الموقع الجبوسياسي لسورية في المنطقة، وقال “إن تاريخ المنطقة، يثبتُ بأن استقرار سورية، يؤثر في استقرار المنطقة برمًتها، وبأنّ المنطقة لا تستقرّ، حين تكون سورية غير مستقرّة”.

وهنا نستطيع القول، بأن استقرار سورية اليوم، بات مطلباً أمريكياً وإقليمياً ودولياً، ليس حرصاً على مصلحة سورية، أو حباً بالشعب السوري، وإنما لأن التغييرات الجيوسياسية، والانقلاب الدراماتيكي الذي حصل، في موازين القوى والقوة الإقليمية والدولية، بسبب تغيير هوية النظام في سورية، بات يتطلب هذا الاستقرار، للتعامل مع هذه التغيرات وارتداداتها.

وفي إطار هذا الشرح، جاءت الفقرة التي أثارت التساؤلات حولها، حيث كان روبيو، يشرح الوضع في سورية، ومبررات العمل مع (رئيس السلطة الانتقالية) وحكومته، وقال “إن رفضنا الانخراط معهم فالفشل محتّم” .. “وتقديرنا الحالي هو أنّ السلطات الانتقالية – ونظراً للتحديات التي تواجهها – قد تكون (لولا الانخراط الأمريكي) على بعد أسابيع، أو أشهر بسيطة، من احتمال الانهيار، ما سيؤدي لنشوب حرب أهلية واسعة النطاق، وبحجم ضخم جداً، وبعبارة أخرى يعني تقسيم البلد”.

كما دعا روبيو الكونغرس، لاتخاذ قرار رفع العقوبات، وخاصة قانون قيصر، وقال “على الكونغرس في نهاية المطاف، أن يقوم بذلك، لنضمن أنه إذا ما التزمت (السلطات السورية) بتعهداتها، فإن بوسعنا، أن نخلق بيئة، تسمح للقطاع الخاص، بالنموّ وخلق فرص اقتصادية، للشعب السوري”.

وهنا تساءل السيناتور ريش، فيما إذا كان سيتم إعطاء الرئيس الشرع، تأشيرة لزيارة الولايات المتحدة، ووافق روبيو، وأكد احتمال أن يتم ذلك، خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أيضاً لا يمكن فصل الموقف الأمريكي، عن الأجواء الإقليمية والدولية، حيث ترافق كلام روبيو وريش، مع قرار الاتحاد الأوروبي، برفع العقوبات عن سورية، والذي لا يمكن أن يتم بدون التوافق، مع الموقف الأمريكي، ومع التوافق الأمريكي الروسي، الذي جاء بعد المكالمة المطولة، بين ترامب وبوتين، والتي وصفت بالإيجابية، حول الوضع في أوكرانيا، إذ من غير المعقول، أن يتم التوافق حول أوكرانيا، مع بقاء الخلاف والتوتر في سورية.

بالتأكيد هذا الكلام، لا يعني أن سورية، باتت في وضع الاستقرار والأمان، لأن الوصول إلى هذا المرحلة، يتطلب الكثير من العمل والجهد، وخاصة في الملفات الداخلية الكبيرة والشائكة، التي يتطلب على القيادة السورية معالجتها، وفي هذا الطريق، بالتأكيد يوجد الكثير من العقبات والمطبات، بدليل ما أثارته التصريحات المجتزأة، من كلام روبيو، من مخاوف وشكوك، لأن الشعب السوري، شبع حروباً وأزمات وانقسامات، ومن حقه أن يشعر بالسلام والأمن والاستقرار، والمسار الوحيد المتوفر حالياُ، للوصول إلى هذه الحالة، هو التعامل الإيجابي، مع التطورات التي شهدناها، منذ لقاء ترامب – الشرع، وإعلان ترامب، عن رفع (جزئي) للعقوبات، بانتظار أن يكمل الكونغرس الإجراءات، ورفعها نهائياً.

(أخبار سوريا الوطن ١-الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قمة بغداد وزيارة ترامب: الحاجة الى مسكّنات

  د.جورج جبور   لا ريب ان ثمة خمس دول، على الاقل، ترى ان زيارة الرئيس ترامب ناجحة جدا. هي الدول الثلاث المضيفة وسورية وامريكا ...