محمد راكان مصطفى
يفترض عند اتخاذ أي قرار دراسة إمكانية تطبيقه على أرض الواقع بشكل فعلي، وإلا فإن القرار سيكون صورياً أو أنه سوف يتحول إلى مبرر لارتكاب المخالفة في حال صعوبة تطبيقه.
فوضى التسعير ظهرت بوضوح خلال أيام العيد تجلت في استغلال واضح من السائقين للمسافرين بين المحافظات حيث تقاضت وسائل النقل أسعاراً مضاعفة عن التعرفة النظامية، مستغلين حاجة العائلات الماسة للسفر خلال العطلة لقضاء الأعياد بين ذويهم، وحاجتهم للتنقل بالعودة إلى محافظات سكنهم وعملهم، على الرغم من المحاولات الخجولة لبعض المكاتب التنفيذية في بعض المحافظات في ضبط هذه المخالفات والتجاوزات.
وروى صديق لي أنه وأمام ندرة وسائل النقل من محافظة درعا اضطر لمشاركة سيارة تكسي أجرة مع ثلاثة أشخاص آخرين دفع كل منهم 20 ألف ليرة حتى تسنى له العودة إلى دمشق؟ ويمكن لكم القياس وفق ذلك على بقية المحافظات الأكثر بعداً بالمسافة.
وظهرت هذه الإشكالية أيضاً في وسائط النقل بين الريف والمدينة، حيث استغل بعض السائقين العطلة وقلت وسائل النقل لفرض أسعار مضاعفة على التعرفة النظامية المحددة من قبل المكاتب التنفيذية في المحافظات.
كما أن الحال لم يكن أفضل في العاصمة فتجلى الخلل بوضوح في قرار التعرفة الجديدة، والتي أصدرها المكتب التنفيذي في محافظة دمشق للخطوط الطويلة بـ130 ليرة سورية على الرغم من علم متخذي القرار استحالة تأمين فراطة من فئة العشر ليرات وصعوبة تأمين فئة الخمسين ليرة.
هذه المعادلة تضع السائق أمام أحد ثلاث حالات إما ارتكاب المخالفة وتقاضي مئتي ليرة أو يسامح بـ30 ليرة ويكتفي بتقاضي مئة ليرة أو أن يتوقف عن العمل تفادياً لارتكاب المخالفة والتعرض للعقوبة.
ضمان التطبيق الصحيح للتعرفة يتطلب إما وضع تعرفة منطقية أو تأمين متطلبات الالتزام بها عبر توفير كميات كافية من الفئات النقدية المطلوبة، وعدم ترك إدارة الموضوع للتعرفة الفاسدة وخياراتها وتحميل المواطن لعبء هذه الخيارات سواء كان سائقاً أم راكباً.
بشكل مواز لا نستطيع تبرئة ساحة السائقين من جشع البعض منهم، فهناك سائقون لخطوط القصيرة رغم منطقية تعرفتهم المنطقية والمحددة من المكتب التنفيذي بـ100 ليرة مازالوا مصرين على المخالفة وتقاضي ضعف الأجرة غير آبهين بأي تهديد أو وعيد أطلقته وتطلقه الجهات المعنية؟!
حال سائقي التكسي ليس بأفضل من زملائهم بل ذهبوا بطمعهم وجشعهم أشواطاً وأشواطاً عن زملائهم سائقي السرافيس في تقاضيهم أجوراً بلغت أضعافاً مضاعفة عن قرار المكتب التنفيذي في المحافظة والقاضي بالتقيد بضعف ما يظهر على شاشة العداد، فارضين شروطهم وقوانينهم على الجميع ليقينهم بعدم جدية الجهات المعنية بتطبيق القرارات الحكومية الناظمة لأسعار أجور النقل، إضافة لاطمئنانهم من عدم تقدم المواطن بشكوى لعدم إيمانهم بجدواها.
على الأجهزة الرقابية أن تتحمل مسؤولياتها وتجد الحلول في وجه فوضى أجور النقل، بما يضمن التقيد والالتزام بالتعرفة الرسمية من قبل سائقي وسائط النقل العامة، وعدم تحميل المواطن وضعف ثقافته بالشكوى في انتشار هذه الظاهرة، فدور المواطن والشكوى يكون محصوراً بالشكوى عن المخالفات الخفية إن وجدت بحيث يكون دوره إعلام الجهات ذات الصلة بما هو خافياً عنها، وليس أمام ظاهرة متفشية وبادية للجميع والجهات الرقابية على علم بكل تفاصيلها، فالأمر بات بحاجة إلى حل حكومي يفرض هيبة القانون والنظام يكون رادعاً لكل من تسول له نفسه استغلال الآخرين.
سيرياهوم نيوز 6 – الوطن