لا يزال التمويل والبحث عن طرق تمويل مضمونة وفاعلة للشركات، وخاصة الناشئة وبناء شبكة علاقات موثوقة مع الشركات والمؤسسات الاستثمارية، الشغل الشاغل لرواد الأعمال في سوريا، حيث ترتبط طرق التمويل بتحقيق الاستقرار، وتعزيز الأمان والسلم المجتمعي، ودور الحكومة في تسهيل التمويل، وبناء الشبكات المطلوبة، والاستفادة من رفع بعض العقوبات الذي تم على المستويين الأميركي والأوروبي.
وفي السياق السوري، تكتسب هذه النقطة أهمية في ظل محاولات متعددة سواء حكومية، أو من القطاع الخاص، لإيجاد حلول تنسجم مع المرحلة الحالية وتسهم في إعادة بناء الاقتصاد، خاصة أن التمويل هو بداية الطريق نحو الانطلاق بالمشروعات.
•خبير اقتصادي: أفضل طرق الوصول إلى التمويل تشمل التمويل الجماعي بالأسهم
حلول مبتكرة
وبين الباحث في الشؤون السياسية والاقتصادية المهندس باسل كويفي في حديث لصحيفتنا «الحرية» أن من أولويات المرحلة الحالية تحقيق الاستقرار، وتعزيز الأمن والأمان والسلم المجتمعي المستدام، وسيادة القانون للوصول إلى حلول مبتكرة في مختلف القطاعات، الاقتصادية والمالية والتنموية الشاملة، التي من شأنها تمكين ثقافة المواطنة، والانتماء لسوريا الجديدة الموحدة، دون أن يغيب عن أذهاننا، التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها سوريا بعد سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024، وإرثه السيئ في المجالات كافة.
• كويفي: بناء شبكات علاقات مع الشركات ورواد الأعمال يتطلب استراتيجية مدروسة تعتمد الثقة
في ظل هذه التحديات ورفع معظم العقوبات الدولية في 2025، يمكن للشركات والمشاريع الناشئة الوصول إلى التمويل بطرق فعالة تناسب الظروف الحالية، وتتطلب البحث عن أفضل الاستراتيجيات لبناء شبكات علاقات مع الشركات، المؤسسات الاستثمارية، ورواد الأعمال والقطاع الخاص على المستويات المحلية، الإقليمية، والعالمية، ويُعتبر دور الحكومة مهم جداً في تسهيل التمويل وبناء هذه الشبكات.
ركائز أساسية
وأشار إلى أنه وبعد رفع معظم العقوبات الدولية عن سوريا خلال العام الجاري، أصبح الوصول إلى التمويل، وبناء شبكات العلاقات ركائز أساسية لنمو الشركات الناشئة واستدامتها، لكن التحديات مثل الاقتصاد المدمر (انخفاض الناتج المحلي بنسبة 50% منذ 2010)، نقص السيولة، والاضطرابات الأمنية المتبقية، لا تزال تعيق التقدم. ومع ذلك، فإن الاستقرار النسبي، إعادة الاندماج في النظام المالي العالمي (مثل عودة SWIFT في حزيران/ يونيو 2025)، ودعم دولي بقيمة 5.8 مليارات يورو من مؤتمر بروكسل (آذار/ مارس 2025) يفتحان آفاقاً جديدة للوصول إلى التمويل وبناء الشبكات، مع دور الحكومة وأهمية الاستقرار وتعديل القوانين لتتماشى مع ذلك.
التمويل الجماعي وغيره
في ظل الظروف الحالية تواجه طرق الوصول إلى التمويل في سوريا صعوبة في الحصول على قروض بنكية تقليدية للشركات الناشئة، لافتاً إلى أن أفضل الطرق للوصول إلى التمويل في الظروف الحالية تشمل، التمويل الجماعي بالأسهم (Equity Crowdfunding) خاصة مع عودة التحويلات عبر SWIFT، مع توقعات بنمو السوق بنسبة 17.6% حتى 2030، وكذلك التمويل القائم على الإيرادات (Revenue-Based Financing) للشركات ذات التدفق النقدي الثابت، والسندات القابلة للتحويل (Convertible Notes) حيث يتحول القرض إلى أسهم لاحقاً، ما يؤجل التقييم في سوق غير مستقر، ولعل فرص المستثمرين الملائكيين (Angel Investors) من الشتات السوري أو الإقليم والعالم قد يكون أكبر ممول للشركات الناشئة في سورية، بالإضافة إلى المنح الخارجية الحكومية والبرامج التي تقدم منح غير قابلة للسداد وتدعم الابتكار.
الاعتماد الحصري على القطاع الخاص غير كافٍ حالياً بسبب الفراغ النسبي المؤسسي وضعف البنية التحتية
استراتيجية مدروسة
أما بناء شبكات علاقات مع الشركات، المؤسسات الاستثمارية، ورواد الأعمال فذلك يتطلب استراتيجية مدروسة، خاصة في سوريا حيث تعتمد الثقة في معظمها على العلاقات الشخصية، إضافة إلى المشاركة في فعاليات مستهدفة للتواصل مع مستثمرين إقليميين وعالميين، والانضمام إلى شبكات متخصصة للربط بمستثمرين أوروبيين وخليجيين مع بناء الثقة، وضمان الامتثال القانوني للاستثمارات والمستثمرين.
من الجانب الآخر يأتي دور الحكومة المهم في ترسيخ الاستقرار الأمني والسياسي، وهو يشكل حجر الزاوية لجذب التمويل وبناء الشبكات.
وفق تقرير البنك الدولي يتوقع نمواً اقتصادياً بنسبة 1% فقط في 2025 بسبب التوترات الحدودية، لكن الاستقرار النسبي سمح بجذب 5.8 مليارات يورو من بروكسل واستثمارات خليجية، ولكن دون استقرار مستدام تظل الثقة منخفضة، ما يحد من تدفق رأس المال والنهوض الاقتصادي.
وأكد كويفي أن الاعتماد الحصري على القطاع الخاص غير كافٍ في الوقت الحالي بسبب الفراغ النسبي المؤسسي، وضعف البنية التحتية، وعلى الحكومة الجديدة (وفق تصريحات الرئيس أحمد الشرع) أن تلعب دوراً محورياً عبر إطلاق ( Syrian Development Fund ) يوفر تمويلاً ويربط الشركات بالمستثمرين، مع تسهيل التراخيص والإطار القانوني فالإصلاحات الجديدة يجب أن تزيل احتكارات ما قبل 2024، والفساد، وتدعم عودة رؤوس الأموال وتتطلب تعاوناً وثيقاً مع القطاع الخاص لضمان التنفيذ الفعال، مع ما يرافق ذلك من إعفاءات وتسويات للضرائب المالية والقروض البنكية للمنشآت المتضررة خلال الحرب وحكم النظام السابق مع التعويض وجبر الضرر لإعادة تدوير عجلة الانتاج المحلي زراعياً وصناعياً وعقارياً وسياحياً.
وكانت وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات أطلقت مؤخراً مبادرة “شبكة المستثمرين السوريين ” (Syria Angels Network)، بهدف تحفيز الاستثمار الخاص في الشركات الناشئة، وربط المستثمرين السوريين داخل البلاد وخارجها برواد الأعمال المحليين، ما يمثل منصة جديدة للتعاون بين المستثمرين، وتوفر فرصاً لتمويل الشركات الناشئة ودعمها بالإرشاد والخبرة. وبناء الثقة بين رأس المال المحلي والأفكار المبتكرة.