الرئيسية » كتاب وآراء » التنمر على لبنان فشل آخر للنظام الرسمي العربي وخدمات بالجملة لمشروع هيمنة اسرائيل على المنطقة العربية

التنمر على لبنان فشل آخر للنظام الرسمي العربي وخدمات بالجملة لمشروع هيمنة اسرائيل على المنطقة العربية

  • د. احمد القطامين

تواصل اسرائيل جولات السيطرة على النظام السياسي العربي وتسخير امكانيات العرب لضرب نقاط القوة الاخيرة في الكيان المثخن بالجراح. احداث كارثية تفتعل هنا وهناك لضرب الزوايا الرخوة المقاومة للمشروع الصهيوني وتسعى لتحطيم ما تبقى من عناصر الحياة في الجسد العربي تمهيدا للدخول الكلي والطوعي في الحضن الصهيوني.

لم يحدث في التاريخ ان امة تتعمد التخلي عما لديها من عوامل القوة والفعل لصالح عدو شرس خطير واضح النوايا يمتلك سياسات معلنة للقضاء على الطرف الاخر وتدميره وانهاء اية امكانية لديه للنهوض مستقبلا.

ما يجري في المنطقة ضد لبنان يندى له الجبين ويشير الى حالة وصلت فيها الامور الى نقطة خطيرة قد تقود المنطقة مجددا الى اتون موجة تدميرية جديدة كتلك التي اعقبت انتفاضات الربيع العربي وادت الى اشغال الامة في حروب لا تنتهي وعملت على تدمير امكانياتها وموارد اجيالها القادمة.

شكل لبنان عبر المائة سنة الماضية واحدة من اربعة عواصم للثقافة المتنورة والفكرالعربي المتحرر والمتحضر وهي القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد. اجهزت المؤمرات على دمشق وبغداد بهجوم مباشر احتلالي تدميري بلا رحمة وتم اخراجهما خارج نطاق القدرة على التأثير، رافق ذلك عملية اضعاف ممنهجة للقاهرة الى درجة انها اصبحت غير قادرة على ممارسة اي تأثير يذكر في محيطها العربي والافريقي وبقيت بيروت التي تعد بالنسبة لاعداء الامة “عقدة العقد”.

لم يتعرض بلد في العالم لمثل ما تعرض له لبنان من محاولات التأثير والتدمير والتخريب في مناحي الحياة المختلفة، واستطاع المتامرون عليه ان يدمروا بنيته الاقتصادية والثقافية والفكرية والاجتماعية وتم اضعاف الدولة الى مستوى انتفاء وجودها الفعلي في محاولة منهم لمنعه من ممارسة التأثير في المنطقة، ومع ذلك بقي لبنان المعقل الاخير شديد الفاعلية في مواجهة اسرائيل وتمكن من نسج معادلة ردع نادرة الحدوث مع اسرائيل وكل القوى التي تدعمها او تتبعها في المنطقة والعالم.

ما يجري هذه الايام من تنمر على لبنان قد يكون المعركة الاخيرة، اذا نجحت سيتم خلق لبنان المرغوب لدى اسرائيل وبعض القوى الاقليمية العربية، اما اذا فشلت فسيعود لبنان قلعة اسطورية صامدة بوجه اسرائيل وشوكة دامية في خاصرة النظام السياسي العربي المرتمي في احضان اسرائيل.

سيرياهوم نيوز 6 – رأي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

تشومسكي وحلّ الدولتين: بين النقد الموضوعي والتخوين

  رأي علاء اللامي     يمرُّ العالِم الألسني الأميركي نعوم تشومسكي بحالة صحية صعبة منذ أسابيع حتى أشيع خبر وفاته ثم تبيّن لاحقاً أن ...