آخر الأخبار
الرئيسية » عالم البحار والمحيطات » التهدئة لا تُطمئن الشركات العالمية: البحر الأحمر غير مأمون

التهدئة لا تُطمئن الشركات العالمية: البحر الأحمر غير مأمون

 

لقمان عبدالله

 

 

 

رغم مرور أكثر من شهر على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، لا تزال شركات الشحن العالمية، التي يُفترض أن تهرع للعودة إلى المسار التقليدي عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر وقناة السويس، متردّدة، وتراقب المشهد البحري بكثير من الريبة. وفي الوقت الذي تبذل فيه مصر جهوداً مكثّفة لإعادة تثبيت صورة قناة السويس كأسرع الطرق وأكثرها أماناً وربحية، تكشف المؤشرات الدولية أن معركة استعادة الثقة تلك لم تبدأ فعلياً بعد؛ إذ إن شركات النقل الكبرى، من «ميرسك» الدنماركية إلى «هاباغ لويد» الألمانية، تتعامل مع البحر الأحمر باعتباره مسرحاً لمخاطر قابلة للاشتعال في أي لحظة، مبدية خشيتها من أن تؤدّي أي انتكاسة في غزة أو اليمن إلى تهديد البحر الأحمر ونسف أي خطوات لاستئناف المرور في ممرات المنطقة.

 

وكان رئيس «هيئة قناة السويس»، الفريق أسامة ربيع، أكّد أن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة انعكس إيجاباً على حركة الملاحة، وأن القناة بدأت تستعيد جزءاً من زخمها الطبيعي. ولتعزيز طمأنة الأسواق العالمية، كشف ربيع عن مؤشرات أداء لافتة، إذ سجّلت إحصائيات تشرين الأول/ أكتوبر الماضي ارتفاعاً في الحمولات الصافية بنسبة 16.3%، وزيادة في الإيرادات بنحو 17.5% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، وهي بيانات أرادت بها الهيئة الإشارة إلى أن القناة لا تزال ممراً آمناً وقادراً على استيعاب الحركة المتراجعة أخيراً بفعل اضطرابات البحر الأحمر.

 

على أن هذه المؤشرات الإيجابية ورسائل الطمأنة التي أصدرتها القاهرة، لم تجد صدى كافياً لدى شركات الشحن العالمية، خصوصاً في ظل ضمانات أمنية تتجاوز حدود التهدئة المؤقّتة. وفي هذا الإطار، نشر موقع «سبلاش 24/7» البحري السنغافوري المعنيّ بتغطية عالمية للشحن والموانئ، الأسبوع الماضي، تقريراً دولياً حذّر فيه خبراء من شركات «زينيتا» و»SEB» و»ألفالينر»، من «العودة المتسرّعة» إلى الممرات الملاحية الجنوبية، مؤكّداً أن شركات النقل والتأمين تحتاج إلى وقت طويل قبل استعادة الثقة. وأشار التقرير إلى تراجع حركة الشحن في خليج عدن وقناة السويس بأكثر من 45% مقارنة بعام 2023، إضافة إلى انخفاض أسعار الشحن بأكثر من 50% منذ مطلع العام.

 

لم يُحسم ميزان القوى في البحر الأحمر بعد، ما يزيد من قلق الشحن العالمي

 

 

وفي السياق نفسه، قال بيتر ساند، كبير المحللين في «زينيتا»، وهي منصة استخباراتية للشحن البحري والجوي، إن «التفاصيل غير واضحة، ولا يمكن الاعتماد على أقوال حركة أنصار الله لضمان سلامة الطواقم والسفن والبضائع». وأضاف أن «شركات النقل تحتاج إلى ضمانات أكبر بكثير، وكذلك الأمر بالنسبة إلى شركات التأمين». مع هذا، أفاد خبير من شركة الأمن البحري «أمبري» بأن عمليات عبور باب المندب شهدت زيادة طفيفة في الأيام الأخيرة، حيث استأنفت شركتان يونانيتان عمليات العبور، بينما تُجري شركات أخرى عمليات عبور علنية بعد أن كانت حجبت سابقاً بثّ نظام تحديد الهوية التلقائي (AIS). وطلب الخبير من «أمبري» إعادة تقييم سياسات الشركة بشأن تجنّب «باب المندب»، مشيراً إلى أن المخاطر بالنسبة إلى بعض الشركات عادت إلى مستويات مقبولة.

 

ومن جانب آخر، ينبّه خبراء الأمن البحري إلى ضعف فعالية التحالف البحري بقيادة واشنطن والتحالفات الأوروبية الأخرى التي فشلت جميعاً في الاحتواء العسكري في البحر الأحمر. والأمر نفسه تؤكّده تقارير «معهد البحرية الأميركية» التي تفيد بأن الأحداث في البحر الأحمر خلقت شعوراً بأن الممر أصبح «حقل اختبار» لتقنيات تسليح جديدة، وأنه ليس مكاناً يمكن الوثوق باستقراره على المدى القريب، وهو ما يدل عليه ميل شركات النقل إلى سلوك خطوط أطول من مثل رأس الرجاء الصالح رغم التكلفة العليا، والذي بدأ يتحوّل إلى «عادة تشغيلية» لدى أكبر ناقلات العالم.

 

أمّا في كيان العدو، فإن تحليلات وسائل إعلام من مثل «يديعوت أحرونوت» و»غلوبس» صبّت في الاتجاه ذاته، بالإشارة إلى أن البيئة الإقليمية نفسها لا تزال قابلة للانفجار، وأنه لم يُحسم ميزان القوى في البحر الأحمر بعد، ما يزيد من قلق الشحن العالمي بدل أن يخفّفه. وعلى الرغم من أن وقف إطلاق النار في غزة حدّ من التوتر، لكنه لم يُنْهِ الأزمة، إذ لا تزال شركات النقل تشعر بأن البحر الأحمر منطقة رمادية، وأن أي عودة بلا ضمانات أمنية ستكون مقامرة قد تعيدها إلى نقطة الصفر.

 

 

 

أخبار سوريا الوطن١- الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

غرق 4 في انقلاب قاربي مهاجرين قبالة سواحل ليبيا

  أفاد الهلال الأحمر الليبي اليوم السبت بغرق أربعة أشخاص على الأقل جراء انقلاب قاربين كانا يقلان 95 مهاجرا غير نظامي قبالة سواحل مدينة الخمس ...