حسين فحص
لا يترك الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرصة لتقديم نفسه على أنه متفوّق على الآخرين، حتى لو كان هذا الآخر هو جاره الكندي. ترامب أعرب عن رغبته بضم كندا إلى الولايات المتحدة، فخلق أزمة كبيرة وصلت ارتداداتها إلى عالم الرياضة
مع بدء العد التنازلي لانطلاق منافسات كأس العالم 2026 لكرة القدم، تطفو إلى السطح أسئلة جوهرية حول تنظيم البطولة وأمنها في ظل الحرب التجارية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على شريكتيها في استضافة الحدث العالمي: كندا والمكسيك.
في الأسابيع الأخيرة، أثارت تصريحات الرئيس دونالد ترامب وسياسيين أميركيين آخرين بشأن كندا غضباً على جانبي الحدود، وخلقت إجراءات مثل الرسوم الجمركية على الواردات الكندية إضافةً إلى التهديدات بضم كندا، بيئةً عدائية، ما يهدد مستقبل بطولة كأس العالم المقبلة، أو بالحد الأدنى يطرح علامات استفهام حول تنظيمها من دون مشكلات تُذكر.
الرئيس المنتخب دونالد ترامب حاول التقليل من آثار حربه التجارية على «المونديال»، فاعتبر أن التوترات التجارية مع «الجارتين» من شأنها تعزيز استضافة كأس العالم 2026. ومع ذلك، تثير المؤشرات الحاصلة في كندا على وجه التحديد قلقاً متزايداً في الأوساط الكروية، وسط مخاوف بأن تتفاقم الأمور.
ومنذ أن هدّدت إدارة ترامب لأول مرة بفرض رسوم جمركية على السلع المستوردة الكندية، امتدت تداعيات ذلك من الساحة السياسية إلى الملاعب. وزاد الأمر سوءاً استفزاز السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، للكنديين قبل مباراة هوكي جمعت البلدين منذ مدة، متبنّيةً سردية ترامب بقولها: «نتطلع إلى فوز الولايات المتحدة على كندا، الولاية الأميركية الحادية والخمسين التي ستصبح قريباً».
أزالت بعض المناطق الكندية أعلام الولايات المتحدة من ملاعبها
في ضوء ما حصل، كثرت الاعتراضات الكندية، وجاء بعضها من بوابة الرياضة. بصفتهما جارتين مباشرتين، تتشارك الولايات المتحدة الأميركة وكندا في بطولات رئيسية لمعظم الرياضات، مثل كرة السلة (NBA) وكرة القدم والهوكي، مع تشكيل هذه الأخيرة فخراً للكنديين.
وسط الأزمة، ظهر التوتر الكندي ــ الأميركي جلياً في مباراة هوكي بين المنتخبين في بطولة الأمم الأربع الأخيرة، حيث كانت هناك حساسية ملموسة بين اللاعبين على وقع صرخات استهجان من المشجّعين الكنديين تجاه المنافسين ونشيدهم الوطني، ما جعل أستاذ العلوم السياسية بجامعة كونكورديا، دونال جيل، يقول: «هذا هو الوضع الأكثر توتراً في السياسة الرياضية بين الولايات المتحدة وكندا في التاريخ».
لكنّ الاعتراضات الأبرز والأكثر حزماً جاءت من خارج عالم «الألعاب»، وصبّت إجراءاتها، على سبيل المثال لا الحصر، في المنشآت الرياضية. ظهر ذلك في مدينة ميسيسوجا الكندية التي أعلنت إزالتها جميع الأعلام الأميركية من الملاعب الرياضية والمواقع على طول بحيرة أونتاريو. وصوّتت بلدات أخرى في أونتاريو، مثل ويست لينكولن، على إزالة العلم الأميركي من ساحات الهوكي المحلية، مع ترجيح سير غالبية المناطق الكندية لإزالة الأعلام الأميركية من مختلف الملاعب والمضامير.
تُعد هذه الخطوات جزءاً من موجة واسعة للمشاعر القومية في كندا، إذ أعلن أكثر من مصدر أن قرار إزالة الأعلام الأميركية اتُّخذ استجابةً لملاحظات السكان الذين طالبوا بمزيد من «المظاهر الواضحة للفخر والتضامن الكندي في هذه المدة من عدم اليقين المتزايد». ورغم أن هذه الإجراءات تندرج تحت الإطار المعنوي، إلا أنها تبقى لفتة رمزية تؤكد أهمية دور الرياضة في الخطاب السياسي.
أخبار سوريا الوطن١_ الأخبار