عاد التوتّر مُجدَّدًا إلى العُلاقات بين الكوريّتين بعد حالةٍ من الهُدوء، واللّقاءات الثّنائيّة بين المسؤولين في البَلدين طِوال الأعوام القليلة الماضية خاصّةً بعد لقائيّ القمّة بين كيم جونغ أون، زعيم كوريا الشماليّة والرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب.
التّصعيد جاء هذه المرّة ليس على لِسان الزعيم كيم جونغ أون الذي عاد إلى الاختِفاء عن الأنظار، وإنّما على لِسان شقيقته الصّغرى كيم يو جونغ، المُرشّحة لخِلافته في حالِ حُدوث أيّ طارئ له، التي هدّدت بضرباتٍ عسكريّةٍ مُؤلمةٍ للجار الجنوبيّ إذا لم تتوقّف استِفزازاتها.
الاستِفزازات المعنيّة هي تلك النّاجمة عمّا وصفته السيّدة كيم بحملاتٍ مسعورةٍ تشنّها جماعات كُوريّة شماليّة مُنشقّة ضدّ دولتها، وتتمثّل في إطلاق بالونات عبر الحُدود تحمل منشورات تُوجِّه انتِقادات شَرِسَة للنّظام الحاكِم في بيونغ يانغ.
الرّفيقة كيم وصفت هؤلاء المُعارضين بأنّهم “نِفايات بشريّة” و”كلاب مسعورة” وهدّدت بلجمهم إذا لم يتوقّفوا سريعًا، والإقدام على الخطوة الانتقاميّة المُقبلة، التي يُخوّلها للإقدام عليها تفويض الرئيس الأعلى والحِزب الحاكِم.
حُكومة كوريا الجنوبيّة تعاملت مع هذه التّهديدات بطريقةٍ جديّةٍ، وعقدت حُكومتها اجتِماعًا طارئًا لمجلس الأمن القومي، وتعهّدت في الوقتِ نفسه بمُحاكمة هؤلاء المُنشقّين بصرامةٍ ووقف استِفزازاتهم بالتّالي، وطالبت الجار الشماليّ بالحِفاظ على العُلاقات واستِمرار الالتِزام بمُعاهدة السّلام بين البَلدين المُوقّعة بعد الحرب الكوريّة.
هذا التّصعيد من قبل كوريا الشماليّة يَعكِس، أو بالأحرى يأتِي امتدادًا، لتدهور العُلاقات الصينيّة الأمريكيّة، وكان لافتًا أنّ الرّفيقة كيم يو جونغ احتفلت بالذّكرى الثّانية للِقاء شقيقها مع الرئيس ترامب في سنغافورة قبل عامين بالتعهّد بالمزيد من التّطوير لقُدرات بلادها العسكريّة بشقّيها النّووي والصّاروخي الباليستي، وعدم ترتيب أيّ لقاءات جديدة بين الزّعيمين، تستخدمها واشنطن كمَكسبٍ سياسي، ودُون أن يكون هُناك مُردود مُباشر وملموس.
ويظل السّؤال الذي يطرح نفسه بقوّة: أين الزعيم الكوري الشّمالي، ولماذا لم يظهر في العَلن بعد اختِفائه للمرّة الثّانية في نيسان (إبريل) الماضي؟
لا أحد يملك الإجابة عن هذا السّؤال، سواءً في داخِل كوريا الشماليّة أو خارجها، بسبب العَواقب الوخيمة في الحالة الأولى، وغِياب أيّ معلومات ذات مِصداقيّة عالية في الحالة الثّانية، خاصّةً أنّ كُل التكهّنات التي راجت حول وفاة الزعيم الكوري الشمالي في الإعلامَين الأمريكيّ والكوريّ الجنوبيّ ثَبُتَ كَذِبها.
الزعيم كيم أون جونغ يستمتع فيما يبدو بانشِغال أعدائه بحالات اختِفائه، وترويج إشاعات حول السّمنة، وإدمانه التّدخين الشّره، ولهذا عاوَد الاختِفاء عن الأضواء للمرّة الثّانية وترك السّاحة لشقيقته الصّغرى لكيّ تتدرّب على الزّعامة وتكتسب الخبرة اللّازمة، أو لعلّه يرى في نفسه أكبر من أن يَهبِط إلى مُستوى خُصومه في أمريكا أو حليفتها الكوريّة الجنوبيّة.
الرّفيقة كيم، تبدو أكثر تَشدُّدًا من شقيقها القائِد الأعلى، وتخشى أن يأتي اليوم الذي يترحّم فيه الأمريكان والكوريّون الجنوبيين على الرئيس كيم جونغ أون وعهده، إذا ما اختفى كُلِّيًّا من المشهد، وتولّت شقيقته الحُكم.
(سيرياهوم نيوز 5 – رأي اليوم 15/6/2020)