آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الثورة الطلابية الثانية….(الجزء الثاني)….

الثورة الطلابية الثانية….(الجزء الثاني)….

 

باسل علي الخطيب

 

أنا لست عن عبث اكتب عن ثورة الطلاب في الجامعات الامريكية، هذه الثورة لن تقتصر على امريكا، ستنتقل إلى أوروبا والبداية كالعادة من باريس، ومنها إلى بقية الدول، وستنتقل إلى الكثير من دول العالم….

ظني وتوقعي أن هذه الثورة ستكون حدثاً خارقاً في القرن الواحد والعشرين، و سيكون لها تداعياتها الكبيرة والمؤثرة وعلى المدى البعيد…

 

قلنا في الجزء السابق أن الثورات الطلابية عام 1968 امتدت إلى الكثير من دول العالم…

وصلت هذه الثورة إلى مصر، على فكرة الإعلام الأعرابي النفطي و الغربي لا يشيروا أبدا في وثائقياتهم إلى هذه الثورة، هذا لأنها أحدى الثورات التي لا تخدم الأجندة الثقافية و الفكرية التي يروجون لها….

 

المظاهرات الطلابية انطلقت آنذاك في جامعات مصر اعتراضاً على أحكام المحكمة المخولة محاكمة قادة سلاح الطيران المصري، الذين اعتبروا مسؤولين عن كارثة تدمير كل الطائرات المصرية في ارض المطارات في اليوم الأول من حرب حزيران عام 1967….

المتظاهرون اعتبروا أن أحكام المحكمة كانت مخففة جداً، ليس هذا فحسب، المتظاهرون المدفوعون بنفس وطني قوي جداً، رفعوا شعارات تطالب الدولة بإطلاق حرب تحرير لإزالة آثار العدوان و تحرير سيناء، طبعاً المطالب أيضاً تضمنت ايضاً أموراً لها علاقة بإصلاح النظام السياسي و إطلاق

الحريات…

 

كان نتاج الثورة الطلابية في مصر إعادة المحاكمة أعلاه، و إطلاق حرب استنزاف طويلة ضد العدو الصهيوني كلفت مصر الكثير و لكنها كلفت العدو و أرهقته كثيراً، و أعادت الروح إلى الروح المصرية، و أجبرت الأمريكيين أن يتحركوا جدياً لتطبيق القرار 242 لإنقاذ الكيان من تبعات هذه الحرب المكلفة والتي استمرت لعامين، و لم تتوقف إلا بقبول عبد الناصر بمبادرة ( روجرز) الأمريكية للسلام، التي كانت تضمن انسحاب الصهاينة إلى حدود ما قبل 5 حزيران، و لكن تم الانقلاب على ذلك عبر اغتيال عبد الناصر 28 أيلول، و من ثم إنقلاب السادات و فريقه في 17 أيار 1971 و تفرده بالحكم في مصر…

و بقية القصة تعرفونها…

 

أريد أن أشير إلى نقطة مهمة هنا في سباق نتائج الثورة الطلابية العظيمة في مصر 1968، و التي اعتبرها واحدة من أنقى و أجمل الثورات العربية….

من المعروف عن المطربة الكبيرة أم كلثوم أنها لم تكن ذات موقف سياسي محدد، هي مالأت كل الأنظمة السياسية التي عاصرتها في مصر، و هي كانت بسبب غطرستها و غرورها بعيدة عن قضايا شعبها سواء الوطنية أو الاقتصادية، يشبهها في ذلك الملحن الكبير محمد عبد الوهاب، أم كلثوم و محمد عبد الوهاب غنوا و لحنوا لكل الزعماء الذين عاصروهم على اختلاف توجهاتهم السياسية، الملك فاروق و جمال عبد الناصر و أنور السادات….

الأغنية الوطنية الأولى و الوحيدة التي اجتمعوا فيها كانت أغنية (صار عندي الآن بندقية)، من كلمات الشاعر الكبير نزار قباني، و تم إنجازها كنوع من التجاوب مع موجة الاحتجاجات تلك، و ليس كقناعة أو انتماء أو إيمان…

و روعة الأغنية تعود إلى عظمة الكلمات اولاً، عدا عن إن اسمي أم كلثوم و محمد عبد الوهاب لا يسمحان لهما إلا أن ينتجا شيئاً عظيماً….

أوردت ذلك كمثال عن حجم تأثير تلك التظاهرات…

 

لم تؤدِ مظاهرات 1968 الطلابية في عموم بلدان العالم إلى تغييرات سياسية بالمعنى الانقلابي للكلمة، لكنها أدت إلى تغييرات ثقافية وفنية واخلاقية واجتماعية عميقة بعيدة المدى، طالت كل ميادين الحياة ووصلت حدود الرياضة والفن والموضة….

 

ولكن هذا لاينفي أن هذه الثورات قد أحدثت تغييرات سياسية، تحدثنا سابقاً عن إجبار ديغول على الاستقالة، كما أن تداعيات هذه التظاهرات جعلت الاحزاب اليسارية تصل إلى الحكم في أغلب بلدان أوروبا الغربية آنذاك، عدا عن هذه التظاهرات أسهمت بوصول نيكسون إلى الحكم في امريكا عام 1969، ليس لشخصه وقد وعد بإنهاء الحرب في فيننام، إنما اعتراضاً على خصمه الجمهوري الذي كان يساند تلك الحرب، وقد سرعت هذه التظاهرات بإنهاء الحرب في فيتنام، وانسحاب الامريكيين من هذا البلد….

 

كان عقد السبعينات من القرن الماضي الذي شهد تداعيات ومخرجات تلك الثورات ثاني أكثر عقود البشرية ديناميكية وحيوية، وقد تجلى ذلك كما قلنا في الكثير من نواحي الحياة، علماً أن بعض تلك المخرجات كان سلبياً، وذلك نتيجة عشوائية وفوضوية تلك التظاهرات وعدم نضجها…

هذه المخرجات جعلت المجتمعات في حالة سيلان دائمة، كان نتاجه فوضى وقلق وتخبط على مستوى الأسرة والنظم الاجتماعية….

 

كانت الردة على تلك المخرجات مع مطلع الثمانينات الذهاب نحو (التشدد)، هذه معركة خاضتها النخب الاقتصادية والسياسية والثقافية المحافظة، وكان من نتاجها وصول المحافظين إلى الحكم في أغلب دول اوروبا، رونالد ريغان في امريكا، مارغريت تاتشر في بريطانيا، فرانسوا ميتران في فرنسا، هلموت كول في المانيا وغيرهم….. عدا عن ظهور الحركات الأصولية والمتشددة في الكثير من دول العالم….

 

لذا يمكن اعتبار عقد الثمانينات من القرن الماضي اكثر عقود البشرية ديناميكية وحيوية، لما شهده من صراعات ومنافسة على كل المستويات، ومانتج عن ذلك عن بنى جديدة في كل النواحي اجمالاً، كمحاولة من كل طرف إثبات افضلينه أو جودته….

 

يتبع…..

(موقع سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل حان دور سورية في حرب التدمير والابادة؟

  ميخائيل عوض تزداد مناسيب القلق على سورية ومستقبلها وتكثر التسريبات والتحليلات عن خطط اجتياحها. فاين تذهب الامور؟ وما هي المعطيات؟ نتنياهو اعلن حربا وجودية ...