الرئيسية » كتاب وآراء » الجامعاتُ الأمريكيةُ وثورةُ الوعي

الجامعاتُ الأمريكيةُ وثورةُ الوعي

 

كتب الدكتور المختار

الدعايةُ العالميةُ التي عملَت عليها إ.سر.ائيلُ ما بعد 7 أكتو.بر تسعى إلى تثبيتِ أنَّها تحاربُ “إ.ر..ها.بيي ح.م.ا.س” وليس الشعبَ الفل.سطيني في غزّ.ةَ، ودأبَت على إعادةِ ترويجِ السرديةِ القديمةِ أنَّها هي الضحيةُ وهي تدافعُ عن نفسِها.

وهذه إحدى ركائزِ سرديةِ المظلوميةِ السائدةِ منذ أكثرَ من خمسةٍ وسبعين عاماً مضَت والتي عمادُها أنَّ إ.سر.ائيلَ هي الديمقراطيةُ الوحيدةُ في الشرقِ، وهي محاطةٌ بعالمٍ عربي مسلمٍ غيرِ متحضّرٍ يريدُ القضاءَ عليها، في حين هي تمثّلُ قيمَ الغربِ المتحضرِ ولذلك هي واقعةٌ تحتَ تهديدٍ مستمرٍ، وهي الضحيةُ.

في الأسابيعِ الأولى للحر.بِ قامَت شركةُ إعلاناتٍ كبيرةٍ تدعى A.d.f.r.e.e.w.a.y بالتعاونِ مع ثلاثِ منظماتٍ إ.سر.ائيليةٍ للدعايةِ وهي s.t.a.n.d.w.ith و”أمان د.يجيتل” و m.a.k.o
قامَت بنشرِ إعلاناتٍ مدفوعةِ القيمةِ في سبعِ دولٍ وهي: الك.يا.ن، وجنوبُ أفريقيا والبرازيلُ والأرجنتينُ واستراليا وبريطانيا والولاياتُ المتحدةُ، وكان الهدفُ من تلك الإعلاناتِ المحافظةَ على السرديةِ نفسِها أنّ إ.سر.ائيل هي الضحيةُ وتدافعُ عن نفسِها وشيطنةَ صورة ح.م..ا.سَ واستخدموا عباراتٍ بهذه الإعلاناتِ تخدمُ هذه السرديةِ، مثلَ: (أطفالٍ مخطو.فين، مئاتِ آلافِ النا.ز.حين الإ.سر.ائيليين، ح.م.ا.س تريدُ القضاءَ على إ.سر.ائيلَ، ادعموا إ.سر.ائيلَ دوماً). وعملوا كثيراً للسيطرةِ على هذه السرديةِ في الولاياتِ المتحدة.

ولكن هذه المرةُ رغمَ كلِّ هذه الجهودِ والأموالِ الطائلةِ والاستراتيجياتِ للتأثيرِ في الرأي العام، وخاصةً جيلَ الشبابِ، انقلبَ السحرُ على الساحرِ وأتت النتائجُ معاكسةً لما خطّطوا له، حيث نشاهدُ هذه الأيامَ ثو.ر.ةً طلابيةً في عمومِ الولاياتِ المتحدةِ تنتقلُ من جامعةٍ إلى أخرى، انطلقَت من جامعةِ كولومبيا في نيويورك، إلى جامعةِ تافتس، فجامعةِ إيمرسون في بوسطن، ثم جامعةِ ييل في ولاية كونيتيكت، وجامعةِ بيركلي في كاليفورنيا. وجامعة هارفرد، ومعهد ماساتشوستس.

والصورُ من تلك الجامعاتِ تبشّرُ بالخيرِ، بأنَّ هناك تحولاً نوعياً في الوعي بعدَ وصولِ صورِ الد.ما.رِ والمجا.ز.رِ إليهم. وتأتي أهميةُ هذه المظا.هراتِ من أنَّ الطلابَ الذين يشاركون فيها هم من جميعِ الجنسياتِ والأصولِ والعرقياتِ والهوياتِ، ومنهم طلابٌ فل.سطينيون، وطلابٌ ي.هو.د، ويطالبون بوقفِ الإ.با.د.ةِ الجما.عيةِ بغ.زّ.ةَ، ومقاطعةِ إ.سر.ائيلَ، وسحبِ الاستثماراتِ منها، ويطالبون بوقفِ الق.معِ الذي تمارسُه إدارةُ الجامعاتِ والشرطةِ ضدَّ الطلابِ المنتفضين.

والإ.علامُ الإ.سر.ائيلي كعادتِه يُجري التحليلاتِ لما يجري في تلك الجامعاتِ بأمريكا ويتهمُ تلك المظ.اهر.اتِ بأنَّها تتحركُ بفعلِ الكر.ا.هيةِ ومعا.د.ا.ةِ ا.ل.سا.م.ية.

ما يحصلُ في تلك الجامعاتِ أمرٌ جديرٌ بالاهتمامِ والمتابعة لسببين: الأولُ: – إنّه لأولِ مرةٍ في تاريخِ الصر.اعِ العربي الص.هي.و.ني تحصلُ مظا.هراتٌ بهذا الحجمِ.
والثاني: – لأنّه لأولِ مرةٍ تصلُ الصورةُ الحقيقيةُ لما تمارسُه إ.سر.ائيلُ مما أيقظ الوعي لدى جيلِ الشبابِ لما يجري في منطقتِنا واكتشافِ حجمِ الخد.عةِ والتضليلِ الذي تمارسُه عليهم حكوماتُهم.

وبذلك يمكنُنا استثمارُ البيئة التي أمَّنتها هذه المظاهرات لقبولِ سماع وجهة نظر ثانية وذلك عبرَ الاهتمام و
بتخصيصِ منصات إعلامٍ موجّهٍ يصلُ بطريقةٍ ما إلى المجتمعاتِ الغربيةِ ويشرحُ قضايانا بشكلِها الحقيقي للشعوبِ وليس للحكوماتِ، حيث بقيت تلك الشعوب الغربية مغيَّبة وأسيرة رواية واحدة مزيفة لعشرات السنين، أما الآن بعدَ سيطرةِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعي أصبحَ كلُّ شيءٍ ممكناً، وكما تسعى الحكومات الغربية عبرَها لاختراقِ مجتمعاتِنا وقيمنِا خدمةً لمصالحِهم، فلماذا لا نستثمرُها نحن خدمةً لقضايانا وإيصال صوتنا…؟

(سيرياهوم نيوز ٢-صفحة الكاتب)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هل يعلن ترامب الحرب على الصين؟

نور ملحم في وقت يستعد فيه الجيش الأمريكي لحرب محتملة ضد الصين، ويجري تدريبات متعددة لمواجهة ما سُمي بـ«حرب القوى العظمى»، بدأت بكين في بناء ...