يتربع الجامع العمري في منطقة أثرية من مدينة إزرع، تحيطه الكنائس والبيوت الأثرية الرومانية والبيزنطية والتي بعضها مازال مسكوناً حتى الآن.
وأوضح رئيس دائرة آثار درعا الدكتور محمد خير نصر الله لـ”الحرية”، أن هذا الجامع عايش مختلف العصور والأديان، والدليل العناصر المعمارية المنتشرة في أغلب أجزائه، إذ يمكن مشاهدة تيجان وأجسام وقواعد الأعمدة، والسواكف الضخمة والميازين والربدان المتقنة النحت، وهو بذلك يتطابق مع غيره من الأبنية الدينية في حوران وسوريا، مبيناً أن ملكية الموقع تعود للأوقاف الإسلامية في محافظة درعا، وهو مسجل لصالح دائرة آثار درعا بالقرار رقم 142/ آ/ تاريخ 21/10/ 1968م.
ولفت إلى أن للجامع قيمة كبيرة لدى أهالي مدينة إزرع، لكونه يجثم وسط المدينة القديمة وتحيطه الكنائس والبيوت الجميلة من كل الجهات، وهو أحد أربعة مساجد عمرية تعود بفترة بنائها للخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بعد أن أمر بتشييدها وذلك أثناء زيارته للمنطقة، علماً أن الثلاثة الباقية موجودة في مدن بصرى وصلخد ودرعا المدينة، ولم يتم التمكن من معرفة الشكل الأصلي لبناء الجامع العمري في إزرع لتعرضه لأضرار مختلفة بشكل أسقط ثلاثة صفوف من أعمدة الحرم بشكل كامل، وأسقط المئذنة الواقعة في الجهة الشمالية الغربية من البناء قبل أكثر من ستة عقود، وتوضح المؤشرات أن البناء بأكمله كان مصمماً لتكون سقوفه مستوية من ألواح الحجر البازلتي المتوفر بسهولة في حوران.
وتطرق إلى استخدم الجزء الجنوبي منه والبالغة مساحته 47×33 م، منذ حوالي قرن ونيف من الزمن كمدرسة لتعليم أبناء القرية أصول الكتابة وتحفيظ القرآن، ولجهة أقسام الجامع فيشكل الحرم (مكان إقامة الصلاة) القسم الجنوبي من البناء، ووفقاً لدراسة وحيدة شهدها الجامع قام بها المهندس الألماني ميخائيل ماينكه، تبين أنه مؤلف من خمسة أجنحة تقطعها صفوف من الأعمدة التي تحمل أقواساً نصف دائرية كبيرة، وسقفاً حجرياً قوامه الربدان والميازين، أما الصحن فيأتي في القسم الشمالي من البناء ويمثل الفناء المكشوف كما الحال في جامع درعا والجامع الأموي في دمشق، والعديد من الجوامع الإسلامية المبنية وفق هذا الطراز، لكن للأسف طال العبث والتخريب والإهمال أغلب أجزائه وأتى عليها، ولم يتبق سوى جزء صغير من الجدار الشرقي، ولجهة المئذنة كذلك لم يبق منها شيء يدل على شكلها القديم، لكن يعتقد أنها في الزاوية الشمالية الغربية من الصحن كالتي تتواجد في جامع درعا، ويصفها البعض من أبناء المنطقة بأنها كانت مربعة الشكل من الأسفل ترتفع لحوالي 37 م وفيها عدد من النوافذ والفتحات وممرات عند قاعدتها، ومبنية بكاملها من الحجر.
وفي توصيف الرواق الشمالي قال رئيس الدائرة إنه مستطيل الشكل وهو يناظر الحرم (الرواق الجنوبي)، وفي منتصفه من الداخل توجد قنطرتان اثنتان على الأرجح أنهما من العهد البيزنطي، وتحملان سقفاً مكوناً من الجوائز الحجرية (الربذ) والميازين محمولاً على أعمدة مقنطرة، وعرض هذا الرواق من الداخل ٥.٣٠ م وسقفه بسماكة ٧٠ سم مكون من الربذ، وتعلوه طبقة تقليدية مكونة من الأتربة والكلس وبحص الخفان.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الجامع يحتاج إلى أعمال تدعيم إسعافي وطارئ للمبنى تلافياً لحدوث أي انهيارات في أجزائه بفعل العوامل الطبيعية أو البشر، وليكون الجامع جزءاً من المسار السياحي للمنطقة الأثرية بمدينة إزرع وشاهداً على التنوع الديني والتسامح بالمنطقة.
syriahomenews أخبار سورية الوطن
