| سلمان عيسى
لم يكن ارتجافي في صبيحة ذلك اليوم البارد والماطر، لا خوفا، ولا بردا، بل اكتشفت حين بدأت ( اتجوجح ) يمينا ويسارا فاتحا ذراعاي اتكئ على هذا الحائط باليسار و اليمين عل حائط آخر .. حينها ادركت انني وعائلتي وربما الملايين غيرنا قد اكتشفوا واكتشفنا، اننا في عين الخطر .. اقل من دقيقة ونحن نصارع الوقت .. نصارع الخوف، ثم توقفنا قليلا لنعاود الخوف لكن بدرجة اقل .. اعتقدت ان جدران ذلك البيت تكرهنا .. تدعونا للمغادرة .. برد شديد وامطار غزيرة .. ورغبة عارمة لمغادرة الخوف .. ( حضنا ) بعضنا بقليل من الالبسة .. اغلقنا الباب وغادرنا ..
في الخارج كانت الامطار غزيرة والبرق والصواعق على اشدها .. في الشارع والحدائق القريبة من المنزل كان عشرات .. بل مئات من اولائك الذين اصبحت جدران منازلهم باردة من رواد الحدائق ..كانت الشوارع مكتظة بالسيارات، كما لو انه يوم من ايام وقفة الاعياد ..مشينا بالشوارع اتابع الصفحات واخبار الوكالات .. لقد وقعت الكارثة ..
الكارثة، التي كان يمكن ان تحل على حينا وقريتنا ومدينتنا كما حلت على اهلنا .. و اهلكهم للأسف .. لم تكن تلك الصور التي تنشرها الوكالات ووسائط التواصل الاجتماعي عن مبان تهدمت جزئيا وأخرى سويت بالارض الا مقدمة لصور اصعب واقسى وأكثر إيلاما .. اطفال و نساء وعجز .. عوائل بأكملها التهمتها الجدران الباردة التي فقدت حنانها .. حالات العناق التي اظهرتها الصور تشي بالكم الكبير من الحب والحنان ان كانوا اطفالا او كبار او ازواج .. قسوة القدر خطفت اولائك الاحبة وطوتهم تحت الانقاض ..
عدنا في الصباح .. بعد اكثر من ساعة على الكارثة .. رافقنا الارق لساعات طوال .. اعيننا مثبتة في الاسقف التي كانت مشروعا لأدوات تقتلنا .. لكتل صماء خرساء قد تهرس رؤوسنا وعظامنا .. وتصبح اداة قاتلة تفقد الرحمة .. والحنان والدفء ..
مازال قلبي يرتجف .. ينقبض حتى الآن كلما تذكرت تلك الرجفة التي ادتها جدران المنزل واجبرتني انا وعائلتي .. جدران اخرى وعوائل اخرى ارتجفت كثيرا .. بعضها وقع على ساكنيها .. وبعضها الآخر يبقى مشروع قاتل اذا ما استمرت الارض تتراقص على صفيحات تتكسر لتغير موقعها رغما صلابتها .. وقسوتها .. رحم الله كل الذين قضوا تحت الانقاض والشفاء العاجل للمصابين .. عسى ان تتكسر كل الايادي التي قامت بالغش في بناء الابنية الحديثة التي انهارت ..؟!
(سيرياهوم نيوز3-تشرين)