لم تُفلح كل الوقفات الاحتجاجية والبيانات الحزبية والعشائرية والمناطقية التي ندّدت أردنيا بقانون تكميم الأفواه كما وصف محليا عشرات المرّات بعد بالتخفيف من حدّة الاندفاع نحو إقرار القانون.
ولا بتقديم شُروحات مُقنعة للرأي العام بخصوص الاسباب الموجبة لصدور مثل هذا القانون الذي خلط أوراقا سياسية وليس تقنية او فنية فقط بصيغة لم تكن متوقعة لجميع الأطراف.
بانتظار استقرار الرؤية وصوت صافرة الحكم بخصوص تحديد مستقبل للقانون لا تزال المشاهد المحلية ضبابية الطابع خصوصا في جزئية التأثير المحتمل في ثلاث مسارات بعد الآن للقيود التي فرضت على مؤشرات التعبير الإلكتروني وهي التعددية الحزبية والأحزاب ومشاريع الدولة الأردنية في الاستثمار بمجال التكنولوجيا وثالثا التأثير المحتمل على الانتخابات النيابية المقبلة المقررة ما بين شهري تموز وتشرين الأول في العام المقبل 2024.
هذه التأثيرات مؤجلة والانطباع وحتى الآن لدى الأوساط السياسية أن صدور القرار بالمصادقة ملكيا على القانون الجديد يعني التأسيس لمرحلة جديدة من بينها توقع عزوف انتخابي والاستمرار في عزوف الشارع الأردني عن العمل الحزبي لان صدور القانون مؤشر حيوي على عدم وجود نوايا جدية باتجاه مسارات الإصلاح السياسي.
وهي مسارات يبدو أنها لا تزال ليست في نطاق الأولويات بالنسبة للحكومة الأردنية بالرغم من كل المناخات والأجواء التي رافقت صدور وثيقة تحديث المنظومة السياسية في البلاد.
عمليا من الصعب التكهّن بالخطوة التالية في مسيرة قانون الجرائم الإلكترونية.
لكن لم يكن من المتوقع أن يخلط هذا القانون عمليا الأوراق السياسية ويؤسس لحالة تكهّن إن لم تكن مرغوبة ولا مطلوبة عمليا بخصوص مسار تحديث المنظومة السياسية في البلاد والعمل الحزبي خلافا لأن الإخفاق في شرح أسباب القانون الموجبة نتج عنه حالة احتجاج عامودية وأفقية في ذات الوقت انتقلت من نخب المعارضة واللجان التنسيقية إلى أنشط المهنيين في مجال الإعلام والحريات العامة.
كما انتقلت إلى مستويات الأطراف والمناطق بعد صدور ثلاث بيانات منطقية مناطقية وعشائرية الطابع تندد بالتشريع الذي يستهدف صمت الأردنيين وتكميم أفواههم مع تزايد النغمة التي تفترض بأن الأسباب والخلفيات وراء التشريع الجديد سياسية بامتياز لا بل لها علاقة بتقليص عدد الناخبين في الانتخابات المقبلة وبترشيد عملية النفوذ الحزبي عموما وايضا لها علاقة بترتيبات ما مفترضة أو مريبة على صعيد القضية الفلسطينية.
وهي اعتبارات رافقت كل النقاش والجدل حول قانون كان يفترض به أن لا يثير أصلا أي جدل لا بل يحظى بتوافقات يتم شرحها عبر تجنب العبور بمراحل إقرار القانون بغضب وبحالة تُعجّل أوراق التشريع الجديد الشعبية والسياسية حرقت مبكرا.
ويبدو أن مبادرة لتأسيس لجنة تنسيق حزبية هي التي دفعت المؤيدين للقانون الجديد إلى زوايا حرجة في المعادلة السياسية خلافا لانها الهبت الأجواء بسلسلة كبيرة من البيانات والاحصاءات والفعاليات الاحتجاجية.
والأهم سلسلة أكبر من التحذيرات من التداعيات والنتائج وسط الانطباع أن الدولة وليس الجمهور قد لا تكون جاهزة بعد للمرحلة التي يتم تدشين تنفيذ القانون فيها بسبب كلفة تنفيذه السياسية المباشرة على الحريات الحزبية و على مسار تحديث المنظومة وانتخابات عام 2024 خلافا لما يتطلّبه تنفيذه من موارد وإمكانات وتحضيرات لدى السلطة القضائية أو لدى الأجهزة الأمنية في الوقت الذي كان المطلوب فيه تثقيف مهني وبعض التنظيم الإداري خلافا للاستمرار بتنفيذ سلسلة من القوانين الاخرى الموجودة أصلا والتي يمكن عبرها معالجة ظواهر الافتئات والقدح والذم والتشهير ومخالفات وجرائم التعبير الإلكتروني.
سيرياهوم نيوز 4_راي اليوم