في ختام زيارته الرسمية إلى الجزائر، والتي استمرت ثلاثة أيام، وقع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس السبت، اتفاق شراكة متجددة وملموسة وطموحة، في خطوة تهدف لبعث العلاقات المتعثرة بين البلدين وفتح عهد جديد بين ضفتي المتوسط.
وذكرت وكالة الأنباء الجزائرية أن تبون وقع بالجزائر العاصمة مع ماكرون على «إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة» بين الجزائر وفرنسا، حيث جرت مراسم التوقيع بالقاعة الشرفية لمطار هواري بومدين الدولي بحضور وفدي البلدين.
ونقلت قناة «فرانس 24» عن تبون قوله خلال مؤتمر صحفي عقب توقيع الإعلان إن زيارة نظيره الفرنسي «الناجحة» التي بدأت الخميس «أتاحت تقارباً لم يكن ممكناً لولا شخصية الرئيس ماكرون»، وأضاف متحدثاً بالفرنسية حسب وكالة «أ ف ب» «اتفقنا على مستقبل يهم الطرفين».
من جهته اعتبر ماكرون أن إعلان الجزائر سيتيح «تعزيز العلاقة المتقاربة من خلال إجراء حوار دائم حول جميع الملفات، بما في ذلك المواضيع التي منعتنا من المضي قدماً».
وأوضح ماكرون، أن من بين المواضيع التي أعاقت تقدم البلدين هو موضوع الذاكرة، قائلاً: «العلاقات بيننا مترابطة مع بعضها البعض وحميمية وأحياناً يكون هناك سوء فهم».
وأضاف: «وقعنا الاتفاقيات بفضلكم سيدي الرئيس ونحن نتحلى بالقناعة ذاتها وليست العلاقات ثنائية فقط وإنما هي عميقة جداً».
وأوضح ماكرون أنه تم القيام بتحديد الموضوعات المدرجة للمتابعة الدقيقة ومن بينها موضوع التنقل لمزدوجي الجنسية وكل من لهم إرادة وطموحات في التنقل بسهولة بين البلدين.
وتابع: «في الأسابيع القادمة ستكون هناك اجتماعات في الجزائر بين وزراء البلدين وزيارات ثنائية ونحن كلانا نقوم بالحشد والتعبئة والقيام بالمتابعة الحثيثة عن كثب حتى تترجم الأقوال إلى أفعال».
وذكرت «أ ف ب» أن «إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة» ينص على رغبة البلدين في «افتتاح حقبة جديدة» وتبني مقاربة ملموسة وبنّاءة تركز على المشاريع المستقبلية والشباب.
كما جاء فيه أن «الشراكة المميزة الجديدة» باتت مطلباً يمليه تصاعد التقلبات وتفاقم التوترات الإقليمية والدولية، وورد فيه أيضاً أنه «يوفر إطاراً لوضع رؤية مشتركة ونهج تنسيق وثيق لمواجهة التحديات العالمية الجديدة والأزمات العالمية والإقليمية وتغير المناخ والحفاظ على التنوع البيولوجي والثورة الرقمية والصحة».
وسبق التوقيع على «إعلان الجزائر من أجل شراكة متجددة»، التوقيع على 5 اتفاقيات تعاون ثنائية في عدة مجالات، شملت خصوصاً التعليم العالي والصحة والرياضة ووقّع عليها وزراء من البلدين.
وتقرر خلال زيارة ماكرون إنشاء لجنة مؤرخين مشتركة من أجل تسوية الخلافات ومواجهة الماضي «بشجاعة» على حد تعبير الرئيس الفرنسي، حيث يمكن تنصيبها في غضون الـ15 إلى الـ20 يوماً القادمة» وفق تبون الذي أوضح أن عملها قد يستغرق عاماً قابلاً للتمديد.
ونشأ خلاف عميق بين البلدين في الخريف الماضي بشأن مسألة الذاكرة حول الاستعمار الفرنسي «1830-1962»، ووصف ماكرون، يوم الخميس الماضي، ماضي فرنسا والجزائر بـ«المعقد والمؤلم».
وفي إشارة إلى الماضي الاستعماري لفرنسا وحرب الاستقلال في الجزائر التي انتهت عام 1962، قال الرئيس الفرنسي: «لم نختر الماضي وعلينا مسؤولية بناء المستقبل في السنوات المقبلة»، وأعرب عن أمله أن تفتح الزيارة آفاقاً جديدة للشراكات والتعاون بين البلدين.
والاتفاق الذي تم توقيعه أمس، هو ثاني وثيقة يوقعها البلدان خلال 10 سنوات بعد إعلان التعاون والصداقة الموقع عام 2012، بين الرئيسين السابقين عبد العزيز بوتفليقة وفرنسوا هولاند.
سيرياهوم نيوز3 – الوطن