فردوس دياب:
يتجدد الأمل بالجلاء العظيم، وترتحل الذاكرة بعيدا في أعماق الروح التي تستنهض إشراقتها ونبضها لتحلق من جديد في فضاءات الحرية والعزة والشموخ والتضحية بلا حدود دفاعا عن هذه الأرض المقدسة التي لا تزال تسقى حتى اللحظة من دماء أبنائها قداسة وعنفوانا وإباء.
في السابع عشر من نيسان تزهر الأماني وتولد الطموحات من رحم التضحيات والبطولات التي امتطت صهوة الحرية لتحلق عالياً في الأفق علها تحتضن تلك الهامات والقامات التي بذلت أرواحها في سبيل هذا الوطن ليبقى حراً وكريماً وشامخاً، هي شمس الجلاء التي لن تغيب أبداً في أرواحنا، والتي ستبقى تغمرنا أنوارها كل صباح لتمدنا بعنفوان الحرية والاستقلال الذي لا نزال ندفع ثمنه من تضحياتنا ودمائنا التي ارتوت منها هذه الأرض.
لقد كان جلاء المستعمر الفرنسي عن أرضنا في السابع عشر من نيسان في العام 1946 ، ثمرة نضال وكفاح طويل استمر لأكثر من عقدين من الزمن بدأ منذ أن دنست أقدام المحتل الفرنسي تراب هذا الوطن، حيث كانت المواجهة الأولى معه في معركة ميسلون صبيحة 24 تموز 1920 بقيادة الشهيد البطل يوسف العظمة الذي سطر ورفاقه أول وثيقة بالدم في سفر الجلاء العظيم وفتحوا الباب واسعا أمام مقاومة الاحتلال بكافة أشكاله وأوجهه وأقنعته، حيث شهدت سورية في تلك الفترة أكثر من ثلاثمائة ثورة ضد المحتل الذي رضخ في نهاية المطاف لمطالب الشعب السوري في الحرية والاستقلال والسيادة المطلقة على ارضه وقراره ومصيره.
في يوم الجلاء تستحضرنا بطولات وتضحيات الأحرار والأبطال من أبناء شعبنا العظيم رجالاً ونساءً، في مشهد تمتزج فيه قيم الإباء والعزة، مؤكدة الثبات على درب الحرية والاستقرار والشموخ والإصرار على دحر الإرهاب والاستعمار الذي لا يزال يتكالب ويستشرس علينا للنيل من شعبنا ووطننا وجيشنا العظيم الذي صان الأرض والعرض والتاريخ والمستقبل.
سيبقى الجلاء المحطة الأهم في تاريخ شعبنا الأبي، لأنه يشكل نقلة نوعية في استرجاع وانتزاع حقوقهم التي كان الاستعمار الفرنسي يسلبهم إياها، فهو يمثل ذكرى استقلال شعب عن الاستعمار بعد نضال وكفاح مرير لأكثر من ربع قرن كان زاخرا بالنضال ومقارعة المستعمر حتى أجبره على الامتثال لإرادة الشعب السوري في الحرية والاستقلال.
في هذا اليوم العظيم يتكاتف السوريون خلف جيشهم وقائدهم ليؤكدوا للعالم أنهم الشعب الأقوى على وجه الأرض وأنهم الشعب الذي علم العالم معنى الصمود والشموخ والإباء.
في هذه المناسبة المقدسة يلتف السوريون خلف مستقبلهم الذي يحاول أعداء هذا الوطن اغتياله وطمس معالمه، لكن شتان أن ينجحوا في ذلك وفي هذا الوطن رجالات عاهدوا الله أن يبذلوا أرواحهم رخيصة في سبيل أن يبقى وطنهم وشعبهم حراً وعزيزاً .
في عيد الجلاء يجدد السوريون العهد والوعد على أنهم سوف يبقون المدافعين عن هذا الوطن مهما اشتدت المحن ومهما تكالبت الوحوش واستشرست، يجددون العهد والوعد على أنهم سيبقون في خندق واحد لصد كل الهجمات التي تستهدف وحدتهم وتلاحمهم وتاريخهم ومستقبل أبنائهم واحفادهم.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة