فاتن أحمد دعبول:
اليوم ونحن نحتفل بذكرى مرور 75 عاما على التحرير من رجس الاستعمار الفرنسي، تنتعش الذاكرة بالعودة إلى ذكرى رجالات شكلوا علامة فارقة في البلاد بما قدموه من مواقف بطولية وإصرار على تحقيق النصر حتى آخر رمق من حياتهم.
وقد طالعتنا كتب التاريخ بالكثير من أسمائهم وسيرهم العطرة على مساحة سورية كاملة، فمن منا لايذكر” يوسف العظمة، حسن الخراط، الشيخ صالح العلي، سلطان باشا الأطرش، إبراهيم هنانو، أحمد مريود” .. والقائمة تطول ليس فقط على صعيد القادة والزعماء، بل على مستوى الشعب بأطيافه كافة، فالمسؤولية ليست حكرا على رجالات بعينها، فكل من موقعه يقدم تضحياته من أجل تحقيق النصر، فكانوا الوقود لثورات التحرر من نير الاستعمار الفرنسي الغاصب.
وماأشبه اليوم بالأمس، فسورية التي قارعت الاستعمار الفرنسي وانتصرت على جحافله، هي اليوم تقارع ألوانا أخرى من الأعداء تحت عنوان” الإرهاب” جاؤوا لإعادة أمجادهم في بلادنا ونهب ثرواتنا واستهداف تراثنا واختراق ثقافتنا وهويتنا، ولكن أحفاد الجلاء يتصدون لهم بكل مايحملونه من مشاعر الاعتزاز والكبرياء، لرسم ملامح انتصارات جديدة، على أرض الانتصارات، ولطالما شهدت هذه الأرض هزائم الأعداء وسقوطهم أذلاء على أبوابها يجرون خلفهم خيباتهم وآمالهم الواهمة.
ومن ذكريات الجلاء تفيض الذاكرة بالصور البطولية والمواقف الشجاعة والتضحيات، فلا يمكن للنصر أن يكون مجانا، وقد وعى أجدادنا هذه الحقيقة، فكانت أهدافهم واضحة وبوصلتهم تتجه دون تردد نحو التحرر يستعذبون الموت والشهادة، فكانوا الأنموذج الذي يحتذى للآباء والأحفاد، وسطروا في سفر الانتصارات منارات لاتزال تضيء للأجيال دروب الحرية والكرامة.
في مثل هذا اليوم 17 نيسان تحقق النصر للشعب العربي السوري، وحصد ثمار صموده وإصراره على النصر بقيادة رجالات آمنوا بأن أبواب الحرية لابد هي مضرجة بالدم، ومن خلفهم شعب يأبى إلا أن يكون منتصرا شامخا يأبى الذل والهوان، ورغم وسائلهم وأسلحتهم البسيطة استطاعوا أن يدحروا جيوش المستعمر.. وكثيرة هي الأعمال الدرامية التي صورت لنا تلك البطولات والمشاق التي كان يعاني منها المجاهدون في سبيل التحرير، وربما الكتب المدرسية عرضت لسيرهم الذاتية في غير مادة درسية، ولكن لماذا لانجسد شخصياتهم في ساحات البلاد ليكونوا منارات تورق من خلالها ذاكرة الأجيال، وتكون لهم القدوة والمثل.
فما أحوجنا اليوم ونحن نقارع أعتى أشكال العدوان على بلادنا إلى جيل متسلح بالوعي والانتماء لقضيته، يستلهم منهم حب الوطن وإكسير الإباء والبطولة، ويقتدي بمسيرتهم للقضاء على العدوان الذي يتلطى لشعبنا في إرثه وحضارته ومقدرات بلاده.
الجلاء .. الملحمة المعمدة بالدم .. نعيش الذكرى اليوم ونحن نتطلع إلى تحقيق انتصارات جديدة على المرتزقة من الإرهابيين، وعلى وقع ذكرى الانتصار، سورية ماضية قدما نحو التطور والبناء بجذوة لاتنطفىء تؤججها ذاكرة حية متجددة لحضارة عصية على الهزيمة وشعب عصي على الانكسار.
كل عام وشعبنا العربي السوري وجيشنا وقائدنا بألف خير.
(سيرياهوم نيوز-الثورة)