يوسف فارس
قام جيش الاحتلال، أمس، حفلة جديدة من الجنون في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، وهو واحد من أكبر مخيمات القطاع، وكان تحوّل منذ عودة القتال في منتصف آذار الماضي إلى أكبر مأوى للنازحين، بعدما نزح إليه مئات آلاف المواطنين من مدن بيت لاهيا وبيت حانون ومخيم جباليا، ثم الأحياء الشرقية لمدينة غزة، الشجاعية والتفاح والزيتون.
وظلّ «الشاطئ» حتى الأمس، المنطقة الأكثر هدوءاً مقارنة بأحياء الشيخ رضوان والكرامة والصبرة، فيما كان التقدير السائد شعبياً، أنّ المخيم سيغدو، بعد توسّع العملية البرّية، آخر المآوي الآمنة التي سيتركّز فيها النازحون من مناطق مدينة غزة. غير أنّ هذا التقدير لم يكن في محلّه؛ إذ شهد المخيم حفلة هائلة من الجنون استهدفت خلالها الطائرات الحربية نحو 13 منزلاً، وأُخليت في غضونها العشرات من المربّعات السكنية طوال ساعات. وفي حين كانت العائلات تتنقل من بيت إلى آخر، في انتظار انتهاء قصف أحد المنازل المُنذرة بالإخلاء، فإنها عقب انتهاء التحذير، تعود إلى المربع السكني الذي كانت فيه، قبل أن يهدّد جيش العدو منزلاً آخر بالقصف.
وهكذا، أمضى الأهالي يوماً من الرعب، حيث أغارت الطائرات الحربية على منازل عائلات جاد الله وسمور وبصل والصوري وأبو عجوة ومطرية وحمودة وطه وأبو الخير وشلدان وأبو مرق والمناعمة ونجم وأبو سعدة. ولم يمهل جيش الاحتلال النازحين لإخراج أغراضهم ومملكاتهم من منازلهم، فكان أمر الإخلاء يأتي بشكل مفاجئ ولا يُمنح سكان المنزل أكثر من خمس دقائق لتنفيذه، لتهرع النسوة بأثواب الصلاة، ويجري الأطفال حفاة، بينما يحمل الرجال كبار السن والمرضى على أكتافهم ويهربون بهم من مكان إلى آخر.
الاحتلال يلقي قنابل حارقة على خيام النازحين
ويرمي العدو عبر هذا التكتيك إلى تحقيق هدف الإخلاء بالنار، وهو ما كان حصل مثله، أمس، في أحياء النصر والشيخ رضوان والأمن العام والرمال الجنوبي. إذ حوّلت الغارات المكثّفة تلك الأحياء إلى خراب، قُطّعت فيه أوصال الطرق ومُنع افتتاح الأسواق، في مسعى مستمرّ إلى تقويض أي فرصة وإمكانية للحياة، ودفع السكان إلى الرحيل بالنار. وانعكست سياسة الضغط الأقصى تلك، في ارتفاع حالات النزوح عبر شارع الرشيد، الذي غصّ بمئات العائلات المتّجهة إلى مناطق وسط القطاع وجنوبه، فيما عجز العدد الأكبر من السكان عن النزوح.
وفي ساعات المساء، بدأت موجة قصف أكثر جنوناً، استخدم فيها جيش الاحتلال المئات من قنابل الإضاءة والقنابل الحارقة التي استهدف فيها خيام النازحين التي تتكدّس في مناطق شمال غرب مدينة غزة. ويؤكّد مصدر في الدفاع المدني أنّ القنابل التي يلقيها العدو هي أداة قتل ورعب جديدة، إذ تسقط العشرات منها على خيام النازحين في أوقات متأخّرة من الليل وتتسبّب بحرائق وإصابات خطيرة، مضيفاً «أننا ننشغل طوال ساعات الليل في ملاحقة الحرائق التي تتسبّب بها تلك القنابل، ويؤدّي أكثرها إلى إصابات بحروق بالغة، خصوصاً أنها تسقط وسط خيام مزدحمة بالنازحين».
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار