ثناء عليان:
ألقى الدكتور المهندس فواز حسن بدعوة من اتحاد الكتاب العرب فرع طرطوس أمس محاضرة بعنوان “أثر التكنولوجيا والثقافة في بناء الإنسان”، تحدث فيها عن الجهل الأخلاقي كأحد أخطر أنواع الجهل الخفي وهو برأيه لا يعني بالضرورة الانحراف أو الجريمة، بل هو العمى القيمي، كعالم يبرر الظلم وطبيب يتاجر بالمرضى، وقاضي يسكت عن الفساد، وسياسي يخدع باسم الوطنية.
وبيّن أن التربية الأخلاقية منهج لا موعظة، فالأخلاق لا تدرس كمادة نظرية بل تمارس كحياة، والأخلاق ليست ترفاً بل نظام مناعي يحمي المجتمع من السقوط والانهيار، فحين تسقط الأخلاق لا تنفع الشهادات ولا القوانين، وهذا يعني أننا نحن بحاجة إلى ثورة معرفية تربوية تجعل التربية الأخلاقية قلب العملية التعليمية وصلبها، تبدأ بالتدريب.
وتوقف د.حسن عند الفيلسوف إدوارد بيرنيز, هو مهندس ومؤسس العلاقات الاجتماعية إذ قال: الإنسان ليس دائماً عقلانياً، فهو لديه مشاعر وغرائز خفية تحرك قراراته، وكان السؤال الكبير، لماذا لا نستهدف عواطف وغرائز الناس، بهكذا طريقة يمكن توجيه سلوكهم والتنبؤ به؟
هذا يعني ما يسمى (بالهندسة النفسية للرأي العام، العلاقات العامة، البروباغندا الإعلامية، أو الثقافية أو المجتمعية..) فأحد أهم أساسيات الهندسة الاجتماعية هو تحريك العواطف وتهميش الفكر النقدي.
إن استهداف المشاعر مثل الخوف والغيرة والطمع والرغبة بالأمان أو الرغبات بشكل عام، من شأنه أن يفعل عند الشخص انحيازات عاطفية، وتجعل من هذا الانفعال العاطفي مسيطراً على قراراته أسرع بكثير من التفكير النقدي أو العقلاني.
وبيّن المحاضر أن بيرنيز أكد على توجيه الرأي العام باستخدام الرموز والقصص والعواطف أكثر من الحقائق المجردة، إذ يرى أن الفكرة ليس بالضرورة أن تكون صحيحة صادقة أو كاذبة أو عادلة المهم أنها تستطيع تحريك سلوك الناس، أفراداً ومجتمعات بحيث تخدم مصلحة معينة..
هذا يعني أن من يمتلك الثروة والنفوذ الكافيين يستطيع أن يربح المجتمع في الكثير من النواحي وهذا من شأنه خلق بيئة تسبب للناس المشاكل الاجتماعية والنفسية وبعد ذلك تبيعهم الحلول لهذه المشاكل.
إن مثل هذه الأفكار –يضيف حسن- طورت الإعلام والتسوق والميديا وحتى الذكاء الصنعي في بعض جوانبه، وهذا علم يستحق الوقوف عنده وتعلمه لتفادي سلبياته، لافتاً إلى أن هناك 4 مليارات شخص حول العالم يستخدمون الفيسبوك، وهذا غير الذين يستخدمون باقي وسائل التواصل كالتلغرام والواتس والتويتر وغيرها الكثير، وبرأيه فإن وسائل التواصل الاجتماعي ليست لها علاقة بالتواصل الاجتماعي لأنه قضى على أهم العلوم السبعة ومنها المسرح والسينما، كما قضى على الكتاب وعلى الهاتف العادي والتلفزيون.
وأشار حسن إلى إيجابيات الذكاء الاصطناعي أنه يقدم معالجة خالية أو شبه خالية من الأخطاء، ويساعد في تسهيل الوظائف المتكررة، ومتاح دوماً، يستطيع اتخاذ القرارات الصحيحة بدقة شبه تامة، كما استخدامه في الحالات الخطرة، وفي أماكن يصعب على الإنسان خوضها، وتعزيز مشاركة المستخدم وقابلية التوسع.
ومن سلبيات الذكاء الاصطناعي يذكر د.حسن: ارتفاع التكاليف “أنظمة، خوارزميات، برمجة”، ومن أصعب التحديات، زيادة البطالة، ضعف الإبداع، الافتقار إلى التحسين، زيادة الكسل بين الأفراد، عدم القدرة على فهم العواطف، إضافة إلى مخاطر الأمان والخصوصية.
وتطرق المحاضر إلى كتاب الفيلسوف الفرنسي إدغار موران “إلى أين يسير العالم” مؤكداً أن الكتاب يخص كل إنسان ويطرح خمس مشكلات نذكر منها أن الإنسان يعيش أزمة حضارية كبرى ولا يوجد لديه مرجعيات وإذا واجهته مشكلة يذهب إلى الدين أو السياسة وإلى الإيديولوجيا، كماأن هناك مشكلة في الحداثة المفرطة لدرجة مات الإنسان في أعماقنا وبرزت الأرقام والتفاهات وبرز الإنسان الاقتصادي الرقمي واختفى الجانب الروحي وأصيب بجفاف رهيب، إضافة إلى انشطار الشخصية.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _الحرية
syriahomenews أخبار سورية الوطن
