القاهرة | في موازاة المباحثات التي أجراها رئيس «الشاباك» الإسرائيلي، رونين بار، في القاهرة، أول من أمس، والتي أحيطت بسرّية تامّة، إلى حين مغادرته الأراضي المصرية، استمرّ التواصل الأمني والاستخباري، سواء على مستوى الوفود التي زارت العاصمة المصرية، خلال الأيام القليلة الماضية، أو حتى الوفود المصرية التي حطّت في عواصم خليجية وأوروبية، جنباً إلى جنب الاتصالات التي يجريها كلّ من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ووزير خارجيته سامح شكري. وفي فحوى هذه الاتصالات ما مفاده أن الدعم الغربي المستمرّ لكيان الاحتلال الإسرائيلي، سيدفع هذا الأخير إلى ارتكاب مزيد من الجرائم في غزة، في غياب أيّ «ضغوط حقيقية» لوقف الحرب، فضلاً عن عرقلة وصول المساعدات إلى القطاع عبر معبر رفح، أو من طريق البحر، على رغم الجهود التي بُذلت أخيراً لهذه الغاية، فيما يعاني أهالي غزة نقصاً حاداً في مجمل مستلزمات الحياة الأساسية.
وفيما يُعمل على بلورة اتفاق هدنة إنسانية تمتدّ لأيّام، في مقابل صفقة لتبادل الأسرى يفترض أن يتمّ الإعلان عنها خلال الساعات المقبلة، لا تزال تفاصيل «الهدنة المؤقتة» تخضع لمناقشات طويلة ومعمّقة، غير مرتبطة على أيّ حال بإنهاء الحرب، وفق مصادر مصرية تحدّثت إلى «الأخبار» عن كواليس ما جرى في الأيام الماضية. وبحسب ثلاثة مصادر في أجهزة أمنية وسيادية مصرية تعمل على الملفّ الفلسطيني بشكل مباشر، فإن «مفاوضات الاتفاق على وقف طويل لإطلاق النار، فشلت، بسبب مواقف أوروبية وأميركية تخشى من تبعات هذه الخطوة في ما يتّصل بقوّة حماس العسكرية»، مرجعةً الأمر أيضاً إلى تعقيدات خاصّة بـ»سقف المطالب الإسرائيلية». ومن جهتها، تعتقد واشنطن وبرلين وغيرهما من العواصم الأوروبية، بأن إسرائيل ستكون قادرة على «تحرير الرهائن»، والقضاء على «حماس»، من خلال عمليتها البرية، وهو ما تشكّك فيه القاهرة، وفق ما رشح عن الاتصالات التي أجرتها، وركّزت فيها تل أبيب على أهميّة استمرار الدعم الدولي لعمليتها العسكرية، باعتبارها «صعبة ومعقّدة»، وذلك بسبب «استخدام حماس، المدنيين دروعاً بشرية»، بحسب ما تدّعي.
تواجه التحرّكات الاستخبارية المصرية – الأميركية ضغوطاً يمارسها نتنياهو، الذي يرفض أيّ وساطة أو مقترحات مصرية
وإذ تقترح مصر التي تَعتبر «حماس» وبقية الفصائل الفلسطينية حركات مقاومة وطنية، معالجة سياسية وليست أمنية للمسألة، فإن هذه الرؤية لا تزال قاصرة عن موازنة الضغوط التي تمارسها إسرائيل. وفي هذا الجانب تحديداً، تحدّث مصدران مصريان في جهاز سيادي، بشكل منفصل، إلى «الأخبار»، عن «جهود» لدعم هذه الرؤية، عبر اتصالات تجريها القاهرة مع كل من الدوحة وأنقرة، على اعتبار أن الوضع الكارثي الحالي في غزة بات يستلزم تحرّكات دبلوماسية عاجلة، وأكدا أيضاً أن «وقف إطلاق النار يبدو مستحيلاً راهناً، لكن يمكن التوصّل إلى هدنة لأهداف إنسانية».
وفي هذا الوقت، تواجه التحرّكات الاستخبارية المصرية – الأميركية ضغوطاً يمارسها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي يرفض أيّ وساطة أو مقترحات مصرية، وهو ما تزامن مع إصراره على التصعيد العسكري وتعميق عمليّات الاستهداف في قطاع غزة، في كل مرّة يقترب فيها الأطراف من التوافق على تفاصيل الهدنة الإنسانية وصفقة تبادل الأسرى. وحمّل الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، أمس، ضيفه، وزير القوات المسلّحة الفرنسية، سيباستيان لوكورنو، بعد الحديث عن خطورة التصعيد العسكري في القطاع، رسالةً إلى القيادة الإسرائيلية مفادها أن عرقلة الجهود الحالية في التفاوض لن تؤدّي إلا إلى مزيد من التدهور، فيما يبدو أن ثمّة أطرافاً عربية تنتظر الوقت المناسب للعب دور الوسيط، في ظلّ الاضطراب الذي يسود العلاقات المصرية – الإسرائيلية من جهة، والأردنية – الإسرائيلية من جهة ثانية، على حدّ قول مصدر في المخابرات المصرية.
سيرياهوم نيوز1-الاخبار اللبنانية