آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » الحرب الباردة التي لم تنته … هل حلّت الثورات الملونة مكان الحرب الباردة؟

الحرب الباردة التي لم تنته … هل حلّت الثورات الملونة مكان الحرب الباردة؟

مصعب أيوب

قتل، دمار، تخريب، فوضى، انفلات أمني، سطو مسلح… وغيرها من التعابير الكثيرة التي لم نكن نسمع بها من قبل أصبحت اليوم فحوى حديثنا ومجالسنا، أنتجتها لنا الحروب والثورات المزعومة للوصول إلى أبهى صورة للحياة الرغيدة حسب ما تزعم القوى العالمية المسيطرة على العالم وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية فهي تمثل حالياً القوة العسكرية العظمى على المسرح الدولي والتي تسخر كل إمكاناتها ولا توفر أدنى فرصة في سبيل السيطرة على العالم.

 

هذا ما سيخبرنا به كتاب «الهيمنة الكاملة الديمقراطية الدكتاتورية في النظام العالمي الجديد» الصادر مؤخراً عن الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن المشروع الوطني للترجمة.

 

الإدارات الأميركية المتعاقبة تتبع إستراتيجية الهيمنة المطلقة فقد عملت على تأجيج التوترات في جميع أنحاء العالم.

 

إستراتيجيات وخطط للسيطرة على أوروبا الشرقية وروسيا

 

بعد انتهاء الحرب الباردة رّوجت الولايات المتحدة لما اسمته الثورات الملونة، فقد أجبرت رئيس جورجيا في عام 2003 على تقديم استقالته بتهمة التلاعب في صناديق الانتخاب البرلمانية وهو ما أطلقت عليه اسم ثورة الورود، وكذلك فقد مهدت الطريق أمام ما نعتته بالثورة البرتقالية في 2004 لنرى سيناريو شبيهاً بسيناريو ثورة الورود بحجة التزوير في الانتخابات، ومن أجل المحافظة على مكانتها وتعزيز قوتها لجأت واشنطن إلى جميع الوسائل من التغطية على التطورات القتالية لعناصرها في أفغانستان إلى تجاوزات الجيش الإسرائيلي في فلسطين والتحريض على الثورات الملونة وحتى التدخل المباشر لحكومات الدول الأخرى.

 

كانت الديمقراطية المزعومة هي سلاح أميركا الفعال وسعيها المتواصل لإحلال السلام هو شغلها الشاغل كما كان يصدر عبر مكاتبها ومتحدثيها.

 

أزمة الصواريخ 1962 م كانت مرحلة مهمة في العالم والتي من خلالها أصبح بإمكان أميركا ضرب موسكو بأكثر من 100 صاروخ ذي رأس نووية، وعن طريق الاستطلاع تبين لطائرة التجسس الأميركية لوكوهيديو2 وجود قواعد صاروخية سوفييتية نووية تحت الإنشاء في كوبا وقد طالبت واشنطن بتفكيك القواعد وتوقيف جميع الأعمال العسكرية وقد تم التفاوض ووضعت الحلول للأزمة وانتهت.

 

في فصول الكتاب نقرأ أيضاً حرب جورجيا التي دعمتها الولايات المتحدة للدفاع عن دولة جديدة ضمن الاتحاد السوفييتي المتفكك، فلم يكن من روسيا إلا أن ردت بسرعة للدفاع عن الدولة الجديدة وكانت عندها أنظار العالم كله تتجه نحو القوتين المتنازعتين تحسباً لحرب قاتلة من المتوقع اندلاعها في أي لحظة.

الديمقراطية في النظام العالمي الجديد

 

تختلف تعريفات الديمقراطية لتجد من يقول إنها تدل على المشاركة والعمل المؤسسي وتداول السلطة والفصل بين السلطات على حين أن آخرين يقولون إنها ضمان للحريات السياسية والمدنية على الرغم من أن نسبة كبيرة من البلدان العربية ترى الديمقراطية ملائمة جدا لبلدانها ولكن الأنظمة الحاكمة لا تتقبل ذلك ولا تعترف به.

 

انتهت الحرب الباردة بهدم جدار برلين الذي يقسم ألمانيا إلى نصفين معلنة بذلك انتصار واشنطن في حالة يسودها ترد اقتصادي وسياسي روسي.

 

زعمت واشنطن أنها تسعى لإحلال الديمقراطية ولكن لا أحد يعلم ما خفي، فهي ديمقراطية ممزوجة بالسيطرة على الاقتصاد والثقافة والسياسة، فلم تتوقف مساعي إدارة واشنطن للترويج للديمقراطية ودعم حقوق الإنسان ولكن العرب لم تتغير وجهة نظرهم تجاه الولايات المتحدة ويمتلكون اعتقاداً ثابتاً أن سياسات أميركا ليست عادلة وهي مسخّرة حصراً لخدمة مصالح أميركا وشعبها، فنلاحظ مثلاً أن أميركا تدعم دائما التواجد الإسرائيلي في فلسطين وتجاوزات الجنود الإسرائيليين وفي المقابل هناك تأييد وتعاطف من معظم الشعوب تجاه الفلسطينيين.

 

زعمت واشنطن أن الديمقراطية نظام حكم يحطم بلا هوادة آلة الدولة القديمة والتبعية الملكية ويقضي على نظام الملكيات للأرض وأن إلغاء الطبقة الإقطاعية سيتلقى تأييد الفلاحين كونهم الطبقة الأكثر ظلماً.

 

في نظرية تفترض مجيء حقبة جديدة من التاريخ تغير العالم أوهمت أميركا الشعوب بالنظام العالمي الجديد، يفترض البعض أن هذا النظام ستتولى فيه مجموعة من النخبة لتحكم العالم بنظام حكم عالمي واحد وهو ينادي بتحرير العالم من النزاعات وينشر الوعود بسعيه الحثيث للقضاء على الفقر والمرض والغرض منه تلبية احتياجات الناس ونشر السلام في كل العالم.

 

القوة العسكرية أساس لكل شيء

 

مما استخلصته من الكتاب المؤلف من قرابة الأربعمئة صفحة أنه بسبب امتلاك الولايات المتحدة اقتصاداً متوازناً والحصة الأكبر من ناتج الاقتصاد العالمي، وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي أصبحت الولايات المتحدة هي القطب الأوحد في العالم والقوة العظمى التي لا منافس لها وبات العالم يخضع لهيمنة أميركا صاحبة القوى بأبعادها الأربعة الفكري والثقافي والاقتصادي والتكنولوجي.

 

يعزز الإنفاق العسكري المرتفع المستمر للبلاد القصف العشوائي الذي ينفذه الجيش الأميركي في الخارج وبالاعتماد على قوتها العسكرية استطاعت أميركا التدخل في الشؤون الداخلية لدول عديدة وشنت الحروب واختلقت الصراعات.

 

قامت أميركا بوضع قواعد عسكرية في مناطق كثيرة لغرض معين وزعمت وشرّعت ضرورة وجود هذه القواعد بطريقة يتقبلها العقل والمنطق ولكن مع الوقت يندثر هذا الغرض ويصبح هناك مبررات لبقاء القواعد العسكرية الأميركية، وقد قوبل الوجود العسكري بالرفض التام في مواقع عديدة وكان لا بد من مقاومتها فالبقاء للأقوى.

 

مساعٍ حثيثة لفرض السيطرة والهيمنة

بعد أحداث أيلول 2001 أصبحت مكافحة الإرهاب محور الأمن الوطني والسياسة الخارجية لأميركا ومن وقتها وبعقلية الحرب الباردة باشرت أميركا الحرب على الإرهاب في جميع أنحاء العالم بذريعة الأمن الوطني والدفاع عن الحريات وقسمت البلدان إلى معسكرات وقسمت حكومات متعددة، وأصبحت هذه العمليات أداة لواشنطن للحفاظ على هيمنتها وتعزيز ما يسمى بالديمقراطية والقيم الأميركية في الخارج، وهو الأمر الذي ألحق الأذى بالكثيرين حول العالم وأغرق العالم بحالة من الفوضى والتشتت الأمني.

 

وبصرف النظر عما يسمى مكافحة إرهاب فقد انتهكت أميركا الدولة الراعية لحقوق الإنسان- حسب ما تزعم- الحريات والإنسان وحقوقه في دول كثيرة بصورة عنيفة.

 

أضاء الكتاب أيضاً على سعي واشنطن الدائم لتقوية مخزونها النووي والخطط التي استخدمتها للحفاظ على أمنها لرد أي هجوم كالخطة 8022 المرعبة التي وضعت لمهاجمة أي عدوان محتمل حتى لو لم يتم التأكد منه وثبوته.

 

تعلمنا في دروس التاريخ أن الشعوب والدول تشبه مراحل تطور الإنسان في الضعف والنمو والهرم والتراجع الصحي، فكذلك تجد الدول تبدأ ضعيفة هشة وتنمو وتتطور وتعلو ويعظم شأنها وتزدهر إلى أن تبدأ بالتدهور والضعف والتراجع، فهل سنشهد نهاية ممزوجة بالانكسار للقوى المهيمنة على العالم؟!

 

سيرياهوم نيوز1-الوطن

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المؤسسة العامة للسينما تعيد تأهيل صالات الكندي

تماشياً مع رغبة المؤسسة العامة للسينما في تقديم أفضل ما يمكن من أساليب العمل السينمائي، وتأكيداً لضرورة تأمين حالة عرض متقدمة ومتميزة لجمهورها، فإنها عملت ...