المهندس نضال رشيد بكور
حين نتأمل الوجود الإنساني من منظور إسلامي ، نجد أن الحرية ليست مجرد شعار يرفعه الإنسان
بل هي جوهر وجوده وامتحان حقيقته ..فالإنسان خُلق مكرماً وحُمّل الأمانة التي أبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها . وهذه الأمانة هي الحرية المقترنة بالاختيار.
لكن الحرية في التصور الإسلامي ليست انفلاتاً من كل قيد
بل هي حركة واعية ضمن نظام كوني متوازن .
الله تعالى منح الإنسان قدرة على أن يختار ، ولكنه في الوقت نفسه بيّن له طريق الخير وطريق الشر :
*وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ*
هنا يظهر البُعد الفلسفي: الحرية ليست في أن أفعل ما أشاء
بل في أن أعي مسؤولية أفعالي .
فالاختيار يجر وراءه محاسبة ، والقرار يلازمه جزاء .
وهكذا يتجاوز الإسلام التصوّر العبثي للحرية ، ليربطها بمعنى أسمى ، هو *التحرّر من العبودية لغير الله*
فالإنسان في حقيقته لا يستطيع أن يعيش بلا قيد ، لكنه يختار قيده . فمن تحرّر من شهواته وأهوائه وانطلق نحو عبودية الله وحده ، صار حراً بحق .
أما من استسلم لشهواته فقد قيّد نفسه بغير أن يدري .
من هنا نفهم أن الحرية في الإسلام ليست مجرد *حق*
بل هي أيضاً *واجب* حق للإنسان أن يختار ، وواجب عليه أن يسلك درب المسؤولية.
وفي الجمعة المباركة ، لعل من أعمق الدعاء أن نسأل الله أن يرزقنا حرية حقيقية : حرية الروح من أسر الهوى ، وحرية العقل من ضباب الغفلة ، وحرية القلب من قسوة الدنيا
(أخبار سوريا الوطن1-الكاتب)