الرئيسية » كتاب وآراء » الحسابات الدقيقة

الحسابات الدقيقة

أسعد عبود

إن أسرعت فتجاوزت الموعد فأنت متسرع .. و إن تأخرت عن موعدك .. سبقك الزمن ..ما العمل؟! تأتي في الموعد .. إن كان ذلك صحيحاً، فهل هو متاح دائماً و الوصول إليه سهل ..؟!… هل تكفي منبهات الساعة و أجراس الاستيقاظ ؟.. أم ماذا؟ ما المطلوب كي لا تقع جزئياً أو كلياً ضحية عدم احترام شروط الزمن. زرت أوكرانيا في خريف 1989 .. كانت جمهورية سوفييتية .. بلاد جميلة جداً وتطرح مواقعها وشوارعها على الزائر رائحة القرب والتفاهم مع الدولة السوفييتية ..بل كانت من أكثر الجمهوريات السوفييتية التزاماً بالواقع القائم في تلك الأيام .. وكانوا يقولون لنا إنهم والروس أولاد عمومة .. جيران ووحدة حال أنموذجية. لم يطل على ذاك الواقع الزمن فما لبثت أن بدأت تتغير الحسابات .. والاعتبارات .. والدولة التي كانت أكثر التزاماً صارت الأكثر بحثاً عن خصوصية .. رغم الاختلاطات التي صنعها الزمن والتاريخ لتلك الخصوصية. لست بصدد كتابة تعليق سياسي عما جرى ويجري في هذه البلاد .. ولا أدعي أنني واسع المعرفة الدقيقة التفصيلية للمجتمع الأوكراني .. ولا للبلد .. إنما كل ما في جعبة ذاكرتي من شواهد .. أن هذه الجمهورية التي كانت على موعد قريب من الاستقلال عن الدولة السوفييتية المتضعضعة والمتهالكة كانت تمتلك فرصة لإقامة حياة كريمة كاملة الاستقلال لشعبها وساكنيها .. ثم بدأت الأحداث فيها تتسارع وبشكل مقلوب .. وبتقديري إن أي متابع كان يستطيع و قتها أن يتلمس شباك وخيوط تنصب للعبة خطرة. مشوبة بتبنٍ لمصالح لم يكن واضحاً أنها مصالح الشعب الأوكراني.. وقتها … كان موعد الرؤى الواضحة الدقيقة لمنع الاختلاط مع مواعيد الزمن. وهكذا بدأت المسألة تتدحرج متفلتة من حسابات الزمن .. إلى أن وصلت إلى ما وصلت إليه .. و أظهر أن ثمة حسابات أخرى تحاول ضبط عقارب الزمن على مصلحتها .. تعالت الأصوات من الشرق والغرب .. محدثة ضجيجاً غريباً وغير معهود ..و في إطار ما يقال و تصرخ به الحناجر غاب بشكل شبه كامل صوت الشعب الأوكراني الذي له مصلحة بالحياة فوق أرضه بشروط صحيحة وعلاقات سلام متوازنة. علا الضجيج و دخلت المسألة في حسابات فوضى التعامل مع الزمن والتاريخ ومعطياته الدقيقة .. !! ورغم كل ما حصل … ما زال أمام الأوكرانيين فرصة للعودة إلى حياتهم القابلة لإنشاء دولة قادرة على إحياء شعبها. متى ..؟ عندما يكون الصوت الذي يتأبط الزمن هو صوت شعب أوكرانيا ..فحسب …

(سيرياهوم نيوز-الثورة٢٣-٢-٢٠٢٢)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

عن إعادة التموضع.. ودور النُخَب

      بقلم :بسام هاشم   هفي مرحلة ما بعد الانتصار على الإرهاب، وفي سياق إعادة بناء الدولة الوطنية، تجد سورية نفسها أمام تحديين ...