إسماعيل مروة
الكتاب السوري هو واحد من الكتب العربية التي تتمتع بكثير من الاحترام والمصداقية باختلاف الدور التي تصدره، سواء كانت دوراً عامة أم دوراً خاصة، ويتمتع الكتاب السوري بسمعة كبيرة لجديته وللأفكار التي يطرحها، ومن هنا تأتي أهمية وجود الكتاب السوري الذي لم يغب عن المعارض على الرغم من الحرب على سورية والأزمات الكثيرة.
ومعرض الشارقة الدولي في دوراته أعطى الكتاب السوري أهمية وفي مراحل قام بتقديم تسهيلات عديدة للناشرين السوريين، في هذه الدورة ماذا عن الحضور السوري في معرض الشارقة للكتاب؟
الكتاب الرسمي
للعام الثاني على التوالي وخلال زيارتي لمعرض الكتاب الدولي في الشارقة رأيت غياباً للمؤسسات الرسمية المعنية بالكتاب ونشره مثل وزارة الثقافة، الهيئة السورية للكتاب واتحاد الكتاب العرب.
في العام الماضي رأينا كتب اتحاد الكتاب العرب تنشر من خلال وكيل وهو دار سويد وكان هناك معروضات من هذه الكتب، في هذا العام لم أجد جناحاً للاتحاد فقصدت دار سويد للنشر ووجدت لديها مجموعة من الكتب ولكن هذه الكتب كانت مقتصرة على ما طبعته دار سويد بالتشارك مع اتحاد الكتاب العرب في العام الماضي وهذه السنة، وعندما سألت د. مانيا سويد قالت: نحن تشاركنا بطباعة هذه الكتب ونعرضها بصفة مشتركة أما الكتب الأخرى التي يختص بها الاتحاد فهي غير موجودة على الإطلاق.
كما كان هناك غياب لجناح وزارة الثقافة في العام الماضي ويوجد توكيل لدار الملايين الناشرة التي قامت ببيع هذه الكتب في العام الماضي، وهذه السنة أيضاً ذهبت فلم أجد جناحاً لوزارة الثقافة وإنما دار الملايين وفق عقد متفق مع الهيئة السورية العامة للكتاب تقوم بعرض الكتب وقد قصدت الجناح ولكن القائم بالأعمال لم يشأ أن يتحدث مبيناً أن الكتب تعود للوزارة وهو غير مخول بالتحدث.
وبالمراجعة في كتب الدار خلال العام الماضي وهذا العام تنقسم إلى قسمين اثنين، قسم يتعلق بإصدارات وزارة الثقافة كاملةً وقسم يتعلق بإصدارات وزارة التعليم العالي والكتاب الجامعي والبحث العلمي وغير ذلك ويتم عرضها في هذه الدار.
السؤال اليوم: لماذا تغيب الجهات الرسمية وهل هناك من أسباب موجبة لغيابها عن المشاركة في هذا المعرض، ولو أنها أرادت المشاركة بشكل فعلي فهناك الكثير من التسهيلات المقدمة للجهات الرسمية كما كل الجهات الأخرى، وكيف يمكن لناشر خاص أن يقوم بالمشاركة وأن تتخلف الجهات العامة عن تقديم الكتاب الذي يحمل قيمة فكرية وقيمة معنوية وقيمة مادية أيضاً بسبب أسعاره المخفضة التي يمكن أن تكون لمصلحة الجهة الرسمية؟
دور النشر الخاصة
وقد شاركت دور النشر السورية الخاصة في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ ٤٢ بفاعلية كبيرة جداً سواء كانت تراثية أم معاصرة فكرية أو غير ذلك، يوجد عدد كبير من هذه الدور التي جلتُ على أقسامها وفي بعضها لم يحضر صاحب الدار شخصياً ويوجد من ينوب عنه ويشرف على الجناح وهو لا يعرف سوى القيام بعملية المبيع، وقد انتخبت عدداً من هذه الدور سواء كانت دوراً فكرية معاصرة أم تراثية واستقصيت بعض الآراء حول هذه المشاركة في المعرض.
بوابة للعربية العالمية
من جانبه أوضح رئيس اتحاد الناشرين السوريين وصاحب دار الحافظ للنشر هيثم حافظ أن معرض الشارقة الدولي للكتاب يعتبر بالنسبة للناشر السوري البوابة الأولى بعد معرض مكتبة الأسد للكتاب فهو من أول المعارض العربية التي تنظم بعد انتهاء معرض مكتبة الأسد، وهذا أعطى جانباً إيجابياً لتسويق الكتاب السوري من خلال المعارض العربية، ولعلها من الخطوات المهمة والرائدة لدور النشر السورية أن تكون حاضرة في معرض الشارقة الدولي للكتاب.
ونحن كناشرين سوريين وضعنا خططاً كثيرة بعد عودة النشر في سورية إلى عهده السابق ومن أجل العودة للريادة العالمية بأن يكون معرض الشارقة هو بوابتنا الكبيرة للوصول إلى المعارض العربية وبوابتنا الكبيرة للوصول إلى العالم ولاسيما بعد التسهيلات والمرونة في تنقل الكتاب من الشارقة والإمارات العربية المتحدة إلى بقية أنحاء العالم.
شرف المشاركة
وعن دار كنعان أوضح د. سعيد البرغوثي أن المشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب باتت من البديهيات عنده بعيداً عن النتائج غير المجزية في كثير من الأحيان مؤكداً أنه يقنع بالقليل ويكفي أن يلتقي الأحبة والأصدقاء ويطلع على كل جديد في صناعة الكتب ونشرها.
كما أشار البرغوثي إلى أن البيع في المعرض ليس الغاية الرئيسية من وجوده فيه إذ إنه يقوم بتوزيع العديد من طبعات الكتب مجاناً في المعرض، وفي الكثير من الأحيان يهدي كتباً للأطفال ويوقعها لهم ويرفقها ببعض الكلمات المبهجة ويطلب إليهم أن يحافظوا على الكتاب ويبقوه بجانبهم حتى يكبروا ويستطيعوا قراءته وتفكر معانيه، حيث يقوم بتوزيع قرابة 10 إلى ١٥ كتاباً في كل معرض وبالتالي إذا تحصلنا على قارئ واحد أو كاتب واحد من هؤلاء فإنه إنجاز عظيم وأعتبر نفسي قدمت شيئاً مميزاً.
نيات نبيلة
وقد بينت د. مانيا سويد صاحبة دار سويد للنشر أن العلاقة بين دور النشر تكون بطبيعة الأحوال تنافسية ولكنها تتلاشى عندما نصل إلى مرحلة من الثقة بأن نتشارك ونتعاون مع بعضنا البعض لإيصال الهدف والغاية من دار النشر، فقامت الشراكة بين دار سويد وميتا فيرس بريس في الإمارات ليصل صوت الكتاب والمؤلف السوري أولاً وأيضاً الكتاب العربي بالطريقة اللائقة والصحيحة التي تليق بها.
ومشاركتي في معرض الشارقة ليست حديثة وإنما أصبحت طقساً وعادة عندي ولاسيما في ظل إقامتي في دولة الإمارات فهي تبعث في داخلي البهجة والفرح من أجل الاحتفاء بمنجز مرهق في إعداده من إعداد الكتاب الإبداعي وحتى نشر وطباعة هذا الكتاب.
وقد جاء التعاون بين دار سويد واتحاد الكتاب العرب خلال فترة عصيبة وهي الأحداث المريرة التي عانت منها سورية وكذلك الحصار أيضاً ونحن أحببنا أن نقوم بمبادرة إنسانية وندعم الكلمة السورية وللكتاب السوري من خلال هذه المؤسسة غير الربحية التي هي اتحاد الكتاب وقد أصدرنا معاً ٦ عناوين في هذا العام وسابقاً نحو ٧ عناوين وأنا أعتبرها بادرة تعاون لها أفق واسع بما تعنيه من النيات النبيلة بين العمل الخاص والمؤسسات غير النفعية.
مشاركة متميزة
وعن مشاركة دار التكوين للنشر أكد سامي أحمد أن الدار تحرص دائماً على المشاركة في معرض الشارقة للكتاب لما له من أهمية ثقافية وحضور قراء مميزين وعددهم يزيد في كل عام، وتشارك دار التكوين في هذا المعرض منذ عشرين عاماً ولاسيما من خلال تقديم الإصدارات الجديدة والمتميزة في كل عام، فنحن طبعنا في هذه الدورة كتاباً اسمه (المنطق الرمزي) لبرتراند راسل وهي المرة الأولى التي يترجم فيها إلى العربية منذ صدوره منذ أكثر من ستين عاماً، ولدينا أيضاً كتاب جديد اسمه (التحليل النفسي) وهو مترجم أيضاً، كما يوجد كتب عراقية للمفكر عبد الرزاق الجبران وأصدرنا له ٦ كتب هذا العام، ولدينا أيضاً الأعمال الكاملة للكاتب والمفكر السوري فراس السواح والتي وصلت إلى ٢٥ كتاباً إضافة إلى كتاب جديد قيد الإنجاز.
وأكد أحمد أن المشاركة السورية في المعرض جيدة جداً من حيث النوع والكم والمحتوى المتميز فالناشر السوري أينما حل فإنه بالطبع متميز بمشاركاته في كل المعارض الدولية، وقد أشاد أحمد بمشاركات دور النشر السورية الأخرى من حيث المحتوى الفكري المقدم ومنها (نينوى، دار الفكر، دار كنعان، دار ورد).
رعاية مباركة
ونوه د. مجد حيدر صاحب دار ورد للنشر بأن الدار تشارك في هذا المعرض المتميز منذ نحو ٢٣ عاماً، وهو من المعارض المركزية والمهمة في عالم النشر في وطننا العربي وقد طور وقدم طرقاً وإستراتيجيات حديثة في طرق إصدار الكتاب ونشر الثقافة وتعريف الناس بحقوق الملكية الفكرية، إضافة إلى دعمه للحقوق والنشر وهذا كله كان حباً وإيماناً بالكتاب وبكفاءته وقدرته على التغيير والتثقيف، وهو ما رعاه الحاكم الشيخ القاسمي مشكوراً، وإنه لمن دواعي سرورنا وجودنا هنا اليوم في الشارقة في هذه التظاهرة الفكرية والثقافية كي نواكب ونطلع على كل جديد في عالم الكتاب والقراءة والنشر في هذا المعرض الذي يواكب كل جديد ويستقطب الفكر من كل مكان وهو ما بدا جلياً وواضحاً للزوار وللمشاركين خلال عدة سنوات ونحن نأمل أن يستمر ويتسع في كل البلاد العربية.
مشاركة وفاعلية
معارض الكتب تمثل نافذة مهمة وضرورية لكل الناشرين ومَنْ يجُل في معرض الكتاب يجد كثيراً من الهيئات الرسمية تقوم بالمشاركة حتى وإن كانت مشاركتها من المطبوعات لا تتعدى الكتاب أو الكتابين أو غير ذلك، والميراث الكبير لوزارة الثقافة السورية واتحاد الكتاب العرب في سورية يجب أن يكون مترجماً في المشاركة بفاعلية في مثل هذه المعارض وخاصة عندما نجلس في الجلسات الخاصة في ردهات المعرض، ويتحدث الناشرون عن أهمية هذا المعرض والمشاركة في المعارض لما تحقق من بيع للكتاب وترويج له وللفكر وعقد صفقات تبادل كتب وغير ذلك، ومما يدخل البهجة في النفس أن الناشرين السوريين يشاركون بفاعلية في كل هذه المعارض وينتقلون من بلد لآخر، معرض الشارقة الدولي للكتاب واحد من أهم ثلاثة معارض في العالم وحصل على المركز الأول لثلاث سنوات وشارك فيه السوريون بفاعلية وحبذا أن يتم استثماره بشكل أكبر.
سيرياهوم نيوز1-الوطن