آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » الحكام العرب.. على الأقل اخجلوا؟

الحكام العرب.. على الأقل اخجلوا؟

ما كان غير ممكن بات ممكناً بفضل مواقف الأنظمة العربية التي تتسابق فيما بينها لإثبات ولائها للكيان الصهيوني، الذي يستعبد الحكام العرب من دون أي تفسير منطقي لذلك.

 

حسني محلي

 

في الحالات العادية، لا يمكن لأي إنسان أن يتحمّل مشاهد المجازر الوحشية اليومية التي يقوم بها الصهاينة المجرمون ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وفي الضفة الغربية أيضاً.

 

وما كان غير ممكن بات ممكناً بفضل مواقف الأنظمة العربية التي تتسابق فيما بينها لإثبات ولائها للكيان الصهيوني، الذي يستعبد الحكام العرب من دون أي تفسير منطقي لذلك. ولو كان فيهم القليل وليس الكثير من الشرف والإباء العربي لاقتلعوا هذا الكيان من جذوره، وكان أجدادهم السبب في زرعه في أرض فلسطين المقدسة، اعتباراً من وعد “بلفور”، وما سبق ذلك من مؤامرات خطيرة جعلت من حكام الخليج عبيداً للصهيونية وأسيادهم في الغرب الاستعماري والإمبريالي.

 

بدأ ذلك باللقاء الأول بين الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس الأميركي روزفلت في 14 شباط/ فبراير 1945 على متن المدمرة “كوينسي”، ليسخّر آل سعود بعد ذلك كل إمكانياتهم النفطية والدينية والمذهبية خدمة للمشاريع الصهيو-أميركية التي نجحت في إقامة الكيان الصهيوني على التراب الفلسطيني بقرار التقسيم المشؤوم.

 

وكانت عبودية آل سعود هذه بداية المؤامرات الخليجية الخطيرة بعد استقلال دولها اعتباراً من العام 1970، إذ تبنت هذه الدول بحكامها الذين صنعتهم بريطانيا وأميركا مشاريع الإسلام السياسي والتي اكتسب طابعاً دموياً بتبني الاستخبارات الأميركية والبريطانية ومعها السعودية والإماراتية والباكستانية حركات “الجهاد الإسلامي” في أفغانستان.

 

وكان ذلك كافياً لبروز اسم أسامة بن لادن والقاعدة ومن بعده الملّا عمر وطالبان بانعكاسات ذلك في البداية على الجزائر كأول ساحة لتجربة ما يسمى بـ”الربيع العربي” الدموي الذي لولا نتائجه لما تجرأ الكيان الصهيوني على ما يقوم به الآن ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية.

 

وهو ما تحقق له بعد الواقع المرير الذي وصلت إليه سوريا بسبب هذه الحرب التي ما زالت تعاني من آثارها دمشق، حيث يسيطر الجيش التركي والموالون له من مختلف الفصائل المسلحة من المعتدلين والمتطرفين والأكثر تطرفاً على نحو 10٪؜ من مساحة سوريا. فيما تسيطر الميليشيات الكردية وعشائر “قسد” المتواطئة مع أميركا والغرب والكيان الصهيوني على نحو 20٪؜ من هذه المساحة.

 

ما يمنع الجيش السوري من القيام بأي عمل عسكري ضد “إسرائيل”، بعد أن خسر عشرات الآلاف من خيرة عناصره في حربه ضد الإرهابيين بمختلف ولاءاتهم العربية والإقليمية والدولية، وهم جميعاً كانوا وما زالوا في خدمة “إسرائيل”. ولعبت الأنظمة العربية والإسلامية معاً وبالتناوب الدور الرئيسي في تدمير سوريا، بعد أن تآمرت على القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها مع أطراف فلسطينية ملطخة سمعتها بالكثير من قصص التواطؤ والعمالة والخيانة.

 

وجاء عداء الأنظمة العربية لحزب الله وحركات المقاومة الإسلامية والوطنية في لبنان واليمن ليثبت مرة أخرى مدى التزام هذه الأنظمة “بتعهداتها” للكيان الصهيوني وواشنطن التي كان عليها أن تركع أمام هذه الأنظمة لما تملكه من البترول والغاز، الذي لولاه لعاشت الدول الغربية كل كوارثها الاقتصادية والمالية، وبالتالي الاجتماعية والنفسية. وهو ما لم يتحقق بفضل عمالة الأنظمة المذكورة التي لعبت دور المخفر المتقدم لحماية مصالح الغرب الإمبريالي الصهيوني وعقيدته، بجذوره التاريخية والدينية المعادية للعرب والمسلمين لأسباب دينية بحتة، صليبياً كان أو يهودياً.

 

ويفسر كل ذلك وقوف هذه الأنظمة قبل وبعد “كامب ديفيد” و “وادي عربة” و”أوسلو” إلى جانب الكيان الصهيوني الذي تلقى أول هزيمة له في حرب تموز /يوليو في لبنان، والآن في غزة. فجن جنون هذه الأنظمة وأسيادها فتآمرت على لبنان داخلياً عبر عملائها وهم كثر، كما هي تآمرت على إيران وأكثر من مرة عبر عملائها أيضاً وهم ليسوا قليلين، بفضل التدخل المباشر وغير المباشر لأنظمة الخليج التي دعمت وتدعم أعداء إيران وسوريا ولبنان واليمن وباقي شعوب المنطقة بما فيها شعوب هذه الأنظمة.

 

وكان هدفها جميعاً منذ سنوات طويلة هو القضاء على الشعور الديني الصحيح والقومي الحقيقي والوطني الشريف لشعوبها، وجرّها إلى متاهات عالم الغباء والجهل حتى لا يفكر الإنسان العربي إلا في تفاهات الحياة اليومية بغرائز أنانية تستفزها وتشجعها وسائل الإعلام التي تملكها الأنظمة المذكورة، وخصصت من أجلها عشرات بل مئات المليارات من الدولارات.

 

وتريد لهذه الأنظمة أن تمنع شعوبها من التعاطف والتضامن ليس فقط قومياً ووطنياً ودينياً بل حتى إنسانياً مع الشعب الفلسطيني العظيم الصامد في غزة والضفة الغربية. وإلا كيف لنا أن نفسر خنوع هذه الأنظمة وسكوتها مع إعلامها وذبابها الإلكتروني على المجازر الوحشية في غزة وكأًن المذنب هو الشعب الفلسطيني.

 

وكيف لنا أن نفسر الاحتفالات التي أقامها آل سعود في الوقت الذي تقتل وتذبح فيه آلة الحرب الهمجية الصهيونية أطفال فلسطين ونساءها انطلاقاً من مفاهيمها الدينية التوراتية بنكهتها الصهيونية. وكيف لنا أن نفهم الموقف الجبان لحكام مصر والأردن المعنيتين مباشرة بالأزمة في غزة والضفة الغربية.

 

وإلا لماذا لا تتحرك الشعوب العربية بمعظمها كما تحركت في العديد من مدن العالم الغربي الذي يقف إلى جانب الكيان الصهيوني. ويبدو أن حكام المنطقة بمواقفهم الحالية يريدون لهذا الكيان أن ينتصر على حماس بحجة “تطرفها الإسلامي” خاصة بعد مصالحتها مع دمشق وطهران وصنعاء وحزب الله، مصدر الرعب الحقيقي ليس فقط للكيان العبري بل أيضاً للأنظمة العربية والإسلامية التي بموقف موحد منها مهما كان متواضعاً ولو لمرة واحدة كان الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية أحياء يرزقون الآن في بيوتهم، وفي أمن وسلام يستحقونهما أكثر من أي شعب آخر في العالمين العربي والإسلامي.

 

هم صامدون في وجه أخطر كيان استعماري احتل، ومع الأسف، فلسطين وما زال بدعم مباشر أو غير مباشر من حكام عرب يعرفهم القاصي والداني ليس الآن فقط بل منذ أن خلق الغرب الإمبريالي هؤلاء الحكام وحماهم مقابل البيعة له.

 

في مقابل المزيد من التواطؤ والعمالة والتآمر أولاً على شعوبهم ليبقوا في عالم الخضوع والخنوع والاستسلام، وبالتالي على الدول والشعوب التي ترى فيها خطراً على مشاريعها ومخططاتها بما في ذلك الكشف عن حقيقتها المتعفنة. وهو ما نراه جميعاً الآن في أحداث غزة حيت تتآمر هذه الأنظمة على الشعب الفلسطيني كما تآمرت على الشعب السوري واللبناني والعراقي وشعوب العالم العربي الأخرى في سنوات ما يسمى بـ”الربيع العربي” الدموي. وهو ما لم يكن كافياً لهذه الأنظمة فتآمرت على اليمن المناضل بحجج طائفية كما فعلت ذلك في سوريا ولبنان والعراق والبحرين في الوقت الذي لم يكن في ليبيا أي علوي أو شيعي أو درزي بل وحتى مسيحي او كردي، فهم جميعاً ومئة في المئة سنة، ويقاتلون بعضهم البعض بدعم من دول سنية أي تركيا وقطر من جهة ومصر والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى وكانت على شفا حرب طاحنة فيما بينها في حزيران/ يونيو 2017.

 

من دون أن يمنعها ذلك من المصالحة فيما بينها لاحقاً بتعليمات واشنطن في آخر فصول مسرحية المضحك المبكي، ولا خجل فيها لهم جميعاً. بعد أن تنافست فيما بينها كي تظهر وكأنها وخاصة تركيا وقطر “حامي حمى الشعب الفلسطيني ونضاله ضد الصهيونية والإمبريالية”. ومن دون أن يتذكر أحد أن أكبر قواعد هذه الإمبريالية موجودة على أرض هذه المشيخة الصغيرة التي لعبت دوراً خطيراً جداً في سنوات “الربيع العربي” الدموي جنباً إلى جنب مع آل سعود وآل نهيان واآخرين. وكانوا جميعاً في خندق واحد مع الرئيس إردوغان ضد الرئيس الأسد وحزب الله وإيران فقط لأنها وقفت إلى جانب الدولة السورية.

 

ويعرف الجميع أنه لولاها لما كنا الآن نتحدث عن ملحمة حماس في غزة التي استشهد من أجلها قاسم سليماني وعماد مغنية وأبو مهدي المهندس والآلاف من عظماء هذه الأمة الذين عاجلاً أم آجلاً سينتصرون، ليس فقط في غزة والضفة الغربية بل في كامل التراب الفلسطيني.

 

وستنطلق منه رايات الحرية والكرامة والشرف التي سترفعها شعوب المنطقة بعد أن تتخلص من حكامها طالما هم متمادون في عمالتهم في السر والعلن من دون خجل، لأنهم يعرفون جيداً أن انتصار حماس ومن معها سيكون بداية الهزيمة النكراء لهم ولأسيادهم، وكل من باع نفسه للشيطان، وطلب منهم جميعاً وهم كثر وفي كل مكان أن يتخلوا نهائياً عن وطنيتهم وقوميتهم ودينهم، وأخيراً شرفهم وكرامتهم وضميرهم مقابل حفنة من الدولارات الملطخة بدماء الملايين من العظماء الذين سقطوا شهداء للدفاع عن هذه الأرض الطاهرة، وكل من عليها من الشرفاء المخلصين والله سيكون معهم دائماً مهما تأخر الزمن، وغصباً عن كيد الكافرين بالله والوطن وسيكونون حتى يوم القيامة في ضلال مبين!

 

سيرياهوم نيوز1-الميادين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مصر ترفض «الأمر الواقع» على المعبر: العدو نحو اجتياح رفح… بغطاء أميركي

  بعد أسابيع من التأخير غير الواضح الأسباب، أعلنت واشنطن، أمس، أن الرصيف البحري قبالة سواحل قطاع غزة، بات جاهزاً لاستقبال شحنات المساعدات الإنسانية. وقال ...