|بقلم:علي عبود
استنتجنا بسهولة بعد إبرام عقد تشاركية مع شركة وطنية لتأهيل وتشغيل واستثمار محطة دير علي، أن الحكومة قررت التخلي عن شركتها الناجحة والرابحة “السورية للشبكات”!
لم نجد سببا واحد لتفضيل شركة خاصة لانعرف مؤهلاتها بتنفيذ مشاريع كهربائية على شركة حكومية نفذت مشاريع ضخمة ليس في سورية فحسب، وإنما في الخارج أيضا، ويعتبر خط التوتر 400 ك ف الذي نفذته السورية للشبكات في لبنان لصالح شركة ألمانية أنموذجا نال إعجاب واستحسان المستثمرين الأجانب قبل اللبنانيين والسوريين!
ولفتنا حرص الحكومة تذليل الصعوبات وتقديم التسهيلات اللازمة للشركة التي لم تُعلن وزارة الكهرباء عن اسمها ولا عن بعض المشاريع التي نفذتها من قبل وأين؟
ولا نستغرب أن تستنجد الشركة “المجهولة” التي وصفتها الجهات الحكومية بـ”الوطنية” بـ “السورية للشبكات” كما فعلت الشركة الألمانية التي فازت بعقد لتنفيذ خط التوتر العالي 400 ك ف فلم تجد أفضل من “السورية للشبكات” لتنفيذه بدلا أن تأتي بمعداتها وآلياتها ومهندسيها وعمالها وتتكفل بنقلهم وإقامتهم وأجورهم العالية!
الطريف في الأمر إن الحكومة اللبنانية فوجئت بتلزيم مشروعها لشركة سورية لاتثق بها أصلا لأنها لاتعرف عنها شيئا وكانت تُرسل ليلا مهندسيها ليقوموا بحفر الأعمال المنفذة نهارا للتأكد من جودتها، أما المفاجأة التي لم يُصدقها اللبنانيون فهي أن السورية للشبكات أنجزت التمديدات الأرضية في بيروت وضواحيها دون أن تقطع حركة المرور ولو لساعة واحدة، وكل ذلك بفعل الخبرات العالية التي اكتسبتها شركتنا من المشاريع الكهربائية التي نفذتها في سورية على مدى أكثر من عقدين من الزمن!
وإذا كان تلزيم محطة (ديرع علي) للقطاع الخاص أتى في سياق تطبيق قانون التشاركية رقم 5 لعام 2016 ووصف الحكومة له بأنه “الأول من نوعه”.. فهل يعني هذا أن السورية للشبكات لم تعد مؤهلة لتنفيذ هكذا مشاريع أم ماذا؟
حسنا، نحن لسنا ضد التشاركية، ولكن ضد أن تنتزع مشاريع يمكن أن تنفذها الشركات الحكومية كما يٌقال”عالغميضي”، وبالتالي يجب ان نستفيد من التشاركية في مشاريع ليست في متناول عمل الشركات العامة على الرغم من الضربات القاتلة التي تعرضت لها خلال العشرين عاما الماضية!
ولم تكن تجارب الحكومة مع القطاع الخاص بالناجحة لافي مجال السكن والكهرباء ولا الإسمنت ولا النقل ..الخ!
جميعها كانت تجارب محبطة ومخيبة للآمال!
وبما أن التشاركية ليست مجانية فلماذا نعهد لها بمشاريع تخصصت بتنفيذها شركات حكومية بمبالغ أقل وجودة مضمونة بفعل الخبرات المتراكمة؟
والسؤال الأكثر أهمية : هل فعلا قانون التشاركية سيعيد تأهيل وتطوير منشآت القطاع العام الإنتاجية والمرافق العامة بما يحقق مصلحة الدولة والتقليل من المديونية، وخاصة في المشاريع ذات التكلفة الكبيرة؟
قلناها ونعيدها: التكلفة النهائية ستدفعها الدولة، وإذا كان الأمر يتعلق فعلا بنقص السيولة فلتحّول الحكومة الشركات التي تحتاج إلى إعادة تأهيل إلى شركات مساهة تُطرح على الإكتتاب العام.
الخلاصة: يجب أن يُحصر قانون التشاركية بتنفيذ مشاريع جديدة تصب في عملية إعادة الإعمار وزيادة الإنتاج والتصدير، ولعل تنفيذ مشروع يحل أزمة النقل مثلا كالميترو سيكون فعلا باكورة نموذجية للتشاركية بين الحكومة والقطاع الخاص!
(سيرياهوم نيوز3-خاص بالموقع3-7-2022)