آخر الأخبار
الرئيسية » الأخبار المحلية » الحكومة تُورّط مجلس الشعب بتشكيل لجنة مخالفة للدستور!!

الحكومة تُورّط مجلس الشعب بتشكيل لجنة مخالفة للدستور!!

 

| علي عبود

 

في سابقة هي الأولى من نوعها خلال العقود الخمسة الماضية تقوم السلطة التشريعية بتشكيل لجنة مشتركة مع السلطة التنفيذية في مخالفة واضحة وفاضحة للدستور السوري!

وفي سابقة هي الأولى من نوعها أيضا تُعقد فيها دورة استثنائية لمجلس الشعب مدتها يوم واحد فقط، كان هدفها الوحيد كما تبيّن سريعا تشكيل لحنة مشتركة غير دستورية!

ترى ماالذي جرى حتى تُورّط الحكومة مجلس الشعب بمخالفة الدستور؟

وإذا كان مجلس الشعب لم يُحاسب الحكومة على مخالفة المادة /40/ من الدستور التي تنص على (لكل عامل أجر عادل حسب نوعية العمل ومردوده، على أن لايقلّ عن الحدّ الأدنى للأجور الذي يضمن متطلبات الحياة المعيشية وتغيّرها)، فلماذا يرضخ المجلس للحكومة ويتورط أيضا بمخالفة الدستور؟

لقد انتقلنا فعلا إلى واقع غير مسبوق، مايدفعنا من الآن وحتى نهاية هذا الدور التشريعي إلى السؤال: من سيحاسب من؟

لايمكن تفسير وفهم ماجرى مع سيطرة الغموض على الأيام القليلة التي أعقبت بيان مكتب مجلس الشعب بعقد دورة اٍستثنائية بعنوان: (دراسة ومناقشة الواقع الاقتصادي والمعيشي وسعر صرف الليرة).

وبعدما اقتصرت الدورة الإستثنائية على جلسة واحدة اكتشفنا سريعا خلال انعقادها انها مخصّصة للإستماع إلى بيان تبريري لرئيس الحكومة، فمناقشات (تنفيس غضب) فتشكيل للجنة مشتركة مخالفة للدستور!

حسنا، كانت الشفافية تقضي بأن ينص بيان الدعوة إلى الدورة الإستثنائية على التالي: يعقد مجلس الشعب دورة استثنائية تقتصر على جلسة واحدة يوم الإثنين 24 /7/2023 للإستماع إلى بيان الحكومة، ولتشكيل (لجنة مشتركة تضم عدداً من أعضاء مجلس الشعب واللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء، مهمتها إعداد حزمة متكاملة من المقترحات العملية والفاعلة للنهوض بالواقع الاقتصادي والمعيشي والمالي والنقدي، وتحقيق الاستقرار في سعر الصرف، وتحسين الأوضاع المعيشية للعاملين في الدولة)!

نعم، لقد اكتشفنا الآن أن الهدف الوحيد للدورة أو بالأحرى للجلسة الإستثنائية، هو تشكيل لجنة مشتركة لايجيزها الدستور ولا النظام الداخلي لمجلس الشعب، وكأنّ الحكومة تستبق أي مبادرة من المجلس لمحاسبتها وحجب الثقة عنها، على الرغم من أن حجب الثقة عن الحكومة لم ولن يحصل إلا بقرار سياسي.

لو كان الهدف إن يقوم رئيس الحكومة بإلقاء بيان عن الأوضاع الاقتصادية وسعر الصرف، لكان ألقاه في اليوم الأخير من الدورة العادية التاسعة للدور التشريعي الثالث لمجلس الشعب بتاريخ 22/6/2023 أي قبل شهر فقط، فلماذا لم يفعلها في ذلك اليوم؟

وكان يمكن لرئيس الحكومة أن يُلقي ببيانه في مناسبات عديدة على مدى أيام الشهر الماضي، لكن الهدف لم يكن البيان وإنما (توريط)مجلس الشعب بالموافقة المسبقة على ماستصدره الحكومة من قرارات خلال الأشهر القادمة ستؤثر سلبا على حياة ملايين السوريين، وقد كشف رئيس الحكومة عن بعضها وخاصة المتعلق بالدعم!

ويبدو إن قرار تشكيل لجنة مشتركة من السلطتين التشريعية والتنفيذية مخالفة للدستور، اُتخذ بعد انتهاء الدورة العادية التاسعة للدور التشريعي الثالث للمجلس، ولا ندري من اقترحها على رئيس الحكومة، وهذا مايُفسر الدعوة إلى جلسة واحدة، وليس إلى دورة استثنائية، لم يسبق لها مثيل منذ نصف قرن!!

أكثر من ذلك لو أن الأمر يتعلق فقط بدراسة ومناقشة الواقع الاقتصادي والمعيشي وسعر صرف الليرة، فعلى حد علمنا، فإن أعضاء مجلس الشعب يناقشون هذه العناوين، وخاصة الأوضاع المعيشية لملايين السوريين، في جميع الجلسات، ويقوم بعضهم بنشرها على حسابه الشخصي في الفيس بوك، وبالتالي لم تكن هناك من حاجة للدعوة إلى دورة استثنائية، إلا في حال وجود قرار سياسي بحجب الثقة عن الحكومة مجتمعة أو عن وزراء اللجنة الاقتصادية!

نعم، لو أن بيان الدعوة إلى دورة استثنائية كان شفافا لما تحمّس الكثير من أعضاء مجلس الشعب، سواء في تصريحاتهم الإعلامية، أو على صفحات الفيس بوك للتأكيد بصوت عال: حان الوقت لحجب الثقة عن الحكومة!

وذهب الحماس بعدد من أعضاء المجلس إلى التوقيع على طلب استجواب للحكومة السورية تمهيداً لحجب الثقة عنها، وذلك وفق ما ينص عليه النظام الداخلي للمجلس، وبلغ عدد الموقعين 27 قبل ساعة من انعقاد الجلسة الإستثنائية، ليتفاجأ من وقّع، ومن لم يوقّع أن الجلسة مخصصة للإستماع إلى بيان الحكومة، وليس لمناقشة احراءات استجوابها، ومن ثم حجب الثقة!

وبغض النظر عن توفر الإرادة السياسية، فإن طلب الإستجواب يجب أن يدرج على جدول الأعمال ليطرح بعدها في جلسة عامة، وبات واضحا أن السلطتين التشريعية والتنفيذية تمكنتا من تجنب إحراجهما بمناقشة طلب الإستجواب ولو لم يتطور إلى حجب للثقة، من خلال حصر الدورة الإستثنائية بجلسة واحدة انتهت إلى تشكيل لجنة مشتركة غير دستورية!

ليس صحيحا ان طلب الإستجواب يُقدّم في الجلسات العادية لاالإستثنائية لأنه يحتاج إلى مناقشته في عدة جلسات، فالدستور لم ينص على تقديم الإستجواب فقط في الدورات العادية، كما أن الدورات الإستثنائية السابقة باستثناء الأخيرة تمتد غالبا لأكثر من شهر، مثل الدورة الإستثنائية التي بدأت يوم 11/7/2021 وانتهت يوم 8/9/2021 أي استمرت بحدود الشهرين تقريبا، وهي مدة كافية لمناقشة طلب الإستجواب وحجب الثقة معا.

لقد لخّصت النائب عروبة محفوض المشهد بإيجاز: (لا نتائج محقَّقة من هذه الجلسة، لم نتوقّع أن نجتمع من أجل إعادة طرح المطالبات التي طالما تحدّثنا عنها في جلسات سابقة، الجلسة كانت عبارة عن كلام بكلام، مجريات الجلسة تمحورت حول تكثيف وتفنيد مطالب قديمة ودائمة ومتجدّدة متعلّقة بالوضع الاقتصادي والمعيشي من قِبل أعضاء مجلس الشعب، مقابل تبريرات من قبل الحكومة من دون الوصول إلى أيّ حلول)

المأزق الآن بعد تشكيل هذه اللجنة يقتصر على مجلس الشعب فقط، فلم يعد واردا بالنسبة له مناقشة الحكومة في الأوضاع المعيشية والإقتصادية وسعر الصرف قبل إنجاز اللجنة المشتركة اللادستورية لتقريرها النهائي!

السؤال المهم هنا: ألم يلفت أي نائب نظر رئاسة المجلس إلى عدم دستورية تشكيل لجنة مشتركة من السلطتين التنفيذية والتشريعية؟

والسؤال الأكثر أهمية: هل ممثلو التنظيمين العمالي والفلاحي راضون عن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية كي يوافقوا على تشكيل لجنة مشتركة غير دستورية؟

لو أن الأمر يتعلق بالإقتراحات، فإن دراسات ومذكرات التنظيمين العمالي والفلاحي وغرف التجارة والصناعة ومقالات وتصريحات أساتذة المال والإقتصاد في الجامعات السورية كافية لتكون خطة عمل للحكومة، ونجزم بأن اللجنة المشتركة لن تبتكر حلولا جديدة عما هو مطروح ومتداول منذ سنوات!

الخلاصة: بما أن اللجنة المشتركة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية غير دستورية، وبما أن هذه اللجنة لن تنقذ الأوضاع في عهد حكومة لم يعد أمامها سوى عام قبل رحيلها..فالسؤال: من الجهة التي تملك صلاحية إبطال قرار اللجنة سوى المحكة الدستورية العليا، أو غالبية أعضاء المجلس في أول جلسة قادمة لهم بدعم من التنظيمين العمالي والفلاحي، بالإضافة إلى ممثلي النقابات الأخرى؟

(سيرياهوم نيوز3-خاص)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

إيرواني: الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية وصلت لمستوى غير مسبوق من الإجرام

    أكد مندوب إيران الدائم لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني أن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أراضي سورية وصلت إلى مستوى غير مسبوق من ...