|سلمان عيسى
فجأة، خلت الأسواق في طرطوس من روادها .. احتار أصحاب المحال التجارية ماذا يفعلون .. قاموا بتخفيض الأسعار، لم يجدوا أحداً تفاعل مع هذا التخفيض .. وضعوا بضائعهم على البسطات وداروا بها في الحارات والشوارع .. يروّجون لبضاعتم وتخفيضاتهم دون جدوى .. حتى ان الأمر وصل بهم إلى تقديم الأسماك واللحوم والدجاج والبيض بأقل من الأسعار الاسترشادية التي تصدرها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بكثير .. ورغم ذلك لم يتقدم أحد للشراء .. حتى ان أحد الباعة صرخ بأعلى صوته ( أظهر وبان.. عليك الأمان ) يقصد أي مستهلك خائف من فاتورة كبيرة لا يقدر على تسديدها ..وهذا أيضا لم يغير شيئا .. سألوا واستفسروا عن الأسباب.. فتبين لهم أن المستهلكين في طرطوس قد ذهبوا جميعا إلى أسواق دمشق للفرجة على تزيين المحال التجارية خاصة في سوق البزورية التي تبيع المكسّرات حيث قام اصحابها بتزيين محالهم التجارية كما لم يرسمها أي فنان في العالم .. وهناك حصلوا على تنزيلات لا تخطر على بال أحد.. وبطريقهم اكملوا على سوق الحميدية واشتروا ألبسة نخب اول بأرخص الأسعار.. في المناخلية والسوق المستقيم وفي كل الأسواق الدمشقية كانت الأسعار اقل مما هي عليه في اية محافظة أخرى..
بعد ذلك وجدوا حكيما يجول في الشوارع مبتسما .. مشرق الوجه يبارك هذه الأسواق بخطوات بطيئة .. تذكرنا بجولات كهنة معبد آمون على أسواق طيبة .. يلتف حوله مرافقون ومصورون لتوثيق هذه المباركة التي أسرّت خاطره كثيرا، خاصة أنه اول من تنبأ باجتماع رسمي بتخفيض اسعار الكاجو والبندق واللوز والفستق الحلبي والسوداني .. والسكر نباة لأجل نقاء الصوت بعد الخطاب الجلل للحكيم ..
بعد أن استيقظ المستهلكين من الحلم الجميل، وجدوا أنفسهم أمام كابوس موجع، خاصة بعد أن تيقنوا أن الأسعار لا يمكن تخفيضها الا بإرادة التجار والمستوردين.. وأن كل ( التفنيص ) الذي سبق الاسبوع الأخير من الشهر المبارك هو دعاية لفشل قادم سنصل إليه قبل العيد .. وضربات استباقية لتأكيد الفشل في حماية المستهلك .. وفي ضبط الأسعار..
أيها المحتفلون بتخفيض الأسعار: المستهلك يحتاج خضار و فاكهة ولحمة وبيضا بأسعار معقولة تبيّض وجوه أرباب الأسر .. ولا رغبة لديهم لتبييض وجوههم أمام زوجاتهم بعد تناول ( وجبة ) مكسرات .. هذه لكم .. وليست للفقراء الغائبين عن سجلات تفقدكم..!؟
(سيرياهوم نيوز3-30-4-2022)