عقب الخبير المصرفي عامر شهدا على تصريحات كان أدلى بها امس وزير التجارة الداخلية عمرو سالم، أشار فيها إلى أن قطاع الصناعة حالياً لا يعمل بأكثر من 10% من طاقته عازياً السبب إلى غياب التصدير.
شهدا كتب منشوراً عبر حسابه الشخصي في فيسبوك فند فيه التصريح معتبراً من باب التهكم أن ما ورد على لسان الوزير يشير إلى ضـلوعه العميق بالاقتصاد!
وبحسب شهدا فإن ما أدلى به الوزير خلال انعقاد الاجتماع السنوي للهيئة العامة العادية السنوية للجنة الوطنية السورية لغرفة التجارة الدولية في فندق الشيراتون بدمشق، بمثابة طرح للمشاكل دون أن يكون هناك بـحث في الاسباب والحلول.
وبين شهدا أن انخفاض الصناعة هو سبب انخفاض التصدير وليس العكس، كما صرح الوزير سالم، مشيراً إلى أن البيان المالي الحكومي ذكر ان معدلات النمو الاقتصادي ارتفعت من ٢،٢ % الى ٢.٤%، متسائلاً كيف ارتفعت بظل عمل ١٠% فقط من قدرات القطاع الصناعي؟.
وقال شهدا مخاطباً الوزير سالم: “الاشارة من قبلكم لنسبة عمل القطاع الصناعي يهدف قطعا لحرصكم لرفع معدلات النمو، وهذا مؤشر على عمق ضلوعكم بالاقتصاد، لكن لا يمكن الحديث عن معدل الانتاجيه دون الحديث عن معدلات النمو من اجل المقارنه باقل تقدير، فـالمعروف ان ارتفاع معدل الانتاجيه يؤدي الى انخفاض التكلفة ويحسن من القدرة التنافسيه ويسهم في عملية تصريف البضائع والخدمات محليا وخارجيا.
شهدا طالب الوزير بتوضيح الاجراءات والقرارات الحكومية التي شجعت على رفع الانتاجيه، وأضاف: “انا على يقين انك تعلم، ولكن ليعلم المواطن، بأن اهم عوامل النمو الاقتصادي هي قدرة الاقتصاد على التكوين الرأسمالي اي قدرته على اعادة الاستثمار والدخول في استثمارات جديده، عن طريق تكوين فوائض استثمارية من المشاريع الموجودة العامله، لافتاً إلى أن النمو الاقتصادي عادة يقاس من خلال قياس معدلات النمو في الناتج القومي والدخل الشخصي ومعدلات الاستثمار والتكوين الرأسمالي.
وأشار شهدا إلى أن الوزير سالم غفل عن ذكر البيان المالي للحكومة بهذا الخصوص، حيث ذكر البيان ان الانفاق الاستثماري بلغ ٣٧،٩% من اجمالي الاعتمادات الاستثمارية، وهذا يعني -وفقا لشهدا- ان الحكومة تحاول التخفيف من التضخم الا انها ترفع من نسبة البطالة والفقر، وتحد من رفع نسبة التكوين الرأسمالي، وبالتالي الدخل الشخصي مؤشر واضح جدا، متسائلاً على اي اساس طالب الوزير برفع الانتاجية؟.
وحول تصريح وزير التجارة الداخلية وقوله إن الكل مدعو للعمل على تنمية الصادرات من خلال تحريك عجلة الصناعة، أشار شهدا إلى وجود مصانع متوقفة، وانتاج ضعيف، وتراجع دور الزراعة في ظل معاناة الفلاحين بسبب نوعيات الأسمدة وندرتها ورداءة الأدوية.
أما بالنسبة لقوله ان قطاع الصناعة لا يعمل أكثر من 10% من طاقته، وذلك يسبب انخفاض أرقام التصدير مع غياب تصدير النفط وبالتالي ندرة بالقطع الأجنبي، قال شهدا: “إن بيان وزارة الاقتصاد ذكر انخفاض الاستيراد من ١٧ مليار يورو عام ٢٠١٠ الى ٤،١ مليار يورو عام ٢٠٢١ اي بنسبة ٧٥،٩%، وقد اعتبرتم هذه السياسه التي اقريتموها، كونك عضو باللجنة الاقتصادية، من افضل السياسات للاقتصاد الوطني، وان هذه السياسه تحقق عدد من الغايات، وتساهم في الحفاظ على الصناعات المحلية، وتؤمن فرص عمل للمواطنين وتخفف الطلب على القطع الاجنبي!.
وأشار شهدا لوجود ١.٢ مليون عاطل عن العمل، مذكراً الوزير بان الصناعات المحليه صناعات تحويليه معظمها يعتمد على الانتاج الزراعي، اي موادها الاولية محليه، في حين أن الانتاج الزراعي بأسوأ حالته، مبيناً أن الصناعات الحاليه صناعات تعتمد موادها الاوليه، على مواد مصنعه خارجيا فهي بحاجه لاستيرادها، في حين أوقفت الحكومة لاستيراد، موجهاً سؤاله للوزير: “كيف إذا تطلب زيادة الانتاج والتصدير وتحريك العجله الصناعيه.
وقال شهدا إن الدعوة لزيادة التصدير يلزمها البحث بموضوع التضخم، وارتفاع الاسعار، وبين أن التضخم الناتج عن زيادة التكلفة من جانب العرض يحصل بسبب ارتفاع تكلفة المنتجات المحلية والمستوردة، كأن ترتفع اسعار البترول واسعار المواد الاولية، والتي ينتج عنها ارتفاع في مستوى الاسعار، في حين أن الحكومة ترفع الاسعار داخليا فتزيد نسبة التضخم، ثم تقوم باستيراد التضخم من الخارج، ثم تطلب زيادة التصدير!.
واعتبر شهدا أن أهم مؤشرات تشجيع التصدير تكون بالتخفيف من التضخم وآثاره، ومن اهم التدابير للتخفيف منه هو التخفيف من عجز الموازنه وحجم مديونية الحكومة، لافتاً إلى ما جاء في ببيان الحكومة المالي بخصوص الدعم للدقيق التمويني، حيث ان اكثر من ٥٠% من المبلغ المخصص لدعم الدقيق التمويني سيتم تأمينه عن طريق الاقتراض، مستغرباً يفوت الوزير كل ذلك وهو عضو باللجنة الاقتصادية!.
وبحسب شهدا فإن المصارف الخاصة هي الحل والبوابة الأولى لمشكلة الاقتصاد سواء من ناحية توفير القطع أو من ناحية الايداع والسحب دون معوقات، مذكراً الوزير بأنه عضو في عضو باللجنة الاقتصادية، وانه موافق السياسة النقدية الانكماشيه لجهة سقوف السحب، اما بالنسبة للمصارف أشار شهدا إلى وجود فائض في السيولة وفقاً لتصريحات رسمية، وهي “الفوائض” عبارة عن نقود ولا يمكن اعتبارها رأسمال اقتصادي الا عندما يتم استخدامها لشراء سلع اقتصادية يمكن ان تدخل في عملية انتاج سلع اقتصادية اخرى فكيف سيتم ذلك امام منع الاستيراد؟.
ولفت شهدا إلى أن رأس المال الاقتصادي لتمويل العجز بالموازنه، يكون صحيا عندما يستخدم للانفاق على المشاريع الاقتصادية، وليس من اجل تمويل النفقات الجاريه كسداد دعم الدقيق التمويني، فبيع السندات الحكومية واشراك المصارف بشراءها يجب ان تستخدم وارداتها لتنفيذ المشاريع الانتاجيه، وليس لتمويل الانفاق الجاري.
وتابع شهدا: “المصارف تلعب دورها الاقتصادي عندما تمول مشاريع اقتصادية انتاجيه ترفع من نسب التصدير وتؤمن موارد القطع، وهذا يتطلب ان تحصل على سيولة رخيصه من خلال تخفيض نسب الفوائد حتى تساعد على خفض التكلفة والاسعار وترفع نسب التصدير، وتزيد من موارد القطع الاجنبي، متسائلاً كيف يتم ذلك وانتم ترفعون نسب الفوائد؟.
(سيرياهوم نيوز3-المشهد 17-11-2022)