بقلم معد عيسى
يبدو أن قدر المواطن أن يدفع ثمن إهمال الإدارات، وأن يتحمل نتائج تجاربها وحتى عندما تقع الشبهات، وما حدث في محطة توليد بانياس كان آخر فصول وقوع المواطن ضحية الإهمال، فالمنشآت السياحية والخدمية توقفت، وآلاف العائلات التي تكبدت تكاليف وعناء السفر والحجز لقضاء عطلة الصيف عادت بخفي حنين وبعتب الأبناء.
لم تكن رواية ثقب الخزان أكثر استفزازاً من التصريحات حول تنظيف الشاطئ وطريقة التنظيف، وكأن الأمر يمكن إخفاؤه ككثير من الممارسات و الصفقات التي تمت في الكواليس.
بالعودة إلى ثقب الخزان، الرواية الرسمية لا تقنع أحداً لأن ما حدث يصنف كارثة لأكثر من أمر، أولاً للضرر المادي والبيئي الذي وقع، وثانياً للاستخفاف بالعقول بطريقة التبرير، فالرواية لا تقنع أحداً لأن ما وقع كبير في علم بناء الخزانات، فأي خزان يتم بناؤه يكون له حوض ترسيب بحيث تتجمع الكميات المتسربة من الخزان في هذا الحوض ويتم ضخها للخزانات الأخرى لإجراء الصيانات المطلوبة، ولكن يبدو أن حوض التسريب غير جاهز وهذا أول خلل، ثانياً الكميات المتسربة كبيرة جداً والغريب أنه لم يتم اكتشافها، وهذا له تبرير واحد وهو أن الأمر”انفلاش” للخزان وليس ثقباً وهذا يقود إلى إهمال بعدم إجراء الصيانات المطلوبة الأمر الذي أدى إلى وقوع الكارثة، فالخزانات مجهزة بسخانات للفيول وهذه السخانات تعمل وتتوقف عند درجة حرارة معينة بموجب حساسات وعلى ما يبدو أن الحساسات متوقفة الأمر الذي رفع حرارة الفيول بشكل كبير، ما أدى لتغيير مواصفات معدن الخزان وبالتالي حدث “الانفلاش”، وهذا تفسره الكميات الكبيرة التي تسربت إلى الشاطئ.
و دون التقليل من الجهود التي بذلت لاحتواء الفيول المنفلت بدا واضحاً وجود كميات كبيرة من الفيول في الخزانات بدليل ضخ الفيول إلى الصهاريج وليس إلى الخزانات المجاورة، ما يعني أن الخزانات الأخرى ممتلئة وهذا يعيد تبرير نقص وقود توليد الكهرباء إلى وزارة الكهرباء ويطرح عليها سؤالاً حول المجموعات المتوقفة، هل هي متوقفة بسبب نقص الوقود أم بسبب عدم جاهزية المجموعات فنياً للعمل؟ وما سبق يقود إلى سؤال آخر حول مردود مجموعات التوليد؟.
ألا يكفي ما حصل لفتح ملفات الكهرباء ووقف عملية ابتزاز الدولة والمواطن؟ كم هي المبالغ التي تمّ صرفها لصيانة مجموعات توليد بانياس؟ ألم يكن من الأجدى توريد مجموعات توليد باستطاعات كبيرة ٢٥ ميغا أفضل بكثير من صيانات بمبالغ كبيرة لمجموعات لا تعطي بعد الصيانة أكثر مما تعطي مجموعات التوليد المذكورة مع فارق أن مجموعات التوليد القائمة تستهلك من الوقود ضعف ما تستهلكه هذه المجموعات مع مردود مضاعف؟.
مشكلة محطة بانياس تكشف مشكلة كبيرة بقطاع توليد الكهرباء لنواحي الصيانات والمشاريع والإستراتيجية، وطريقة إدارة هذا القطاع التي كشفت المشكلة ما لم يذهب إليه أحد حتى اليوم في الوقوف على خفايا ندفع ثمنها اليوم جميعاً.
(سيرياهوم نيوز-الثورة2-9-2021)