حدد وزير المالية د.يسر برنية ثلاث خطوات لإصلاح نظام الأجور، كانت بدايتها بمكرمة السيد الرئيس أحمد الشرع وزيادة تم تطبيقها بنسبة 200% على الراتب المقطوع، وثاني الخطوات هي زيادة الأجور لتحصين بعض قطاعات الدولة من الفساد والرشوة كالقضاء والرقابة والتعليم، وثالث الخطوات تتمثل بزيادة في بداية العام المقبل ضمن قانون إصلاح الخدمة المدنية ولجميع قطاعات الدولة.
عن هذه الخطوات وأهميتها وتأثيرها على مستوى الدخل العام للمواطن وتحسين القدرة الشرائية يقول الخبير الاقتصادي والمستشار المالي د.علي محمد: بعد سقوط النظام البائد أقرت الحكومة السورية الجديدة أنه سيتم إصلاح منظومة الأجور، لا سيما وأن مستوى الأجور في القطاع العام متدن بشكل كبير، وكذلك بالنسبة للقدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود. فكان الحديث في البداية عن زيادة قدرها 400% لم تحدث في الأشهر الستة الأولى، بل في نهاية الشهر السادس وبموجب المرسوم 102 بمنح زيادة بقدر 200% ومرسوم103 لمنح زيادة بقدر 200% المتقاعدين ورفع الحد الأدنى للأجور إلى 750 ألف ليرة، ويعتبر رفع الحد الادنى للأجور هو الخطوة الأولى في إصلاح منظومة الأجور التي كانت مشوهة بطبيعة الحال وكذلك غير عادلة وغير منصفة وهي نقطة يجتمع الجميع عليها.
ويوضح د.محمد أن النقطة المهمة بحديث السيد الوزير، هي أن قيمة 400% التي تم الإعلان عنها بداية العام هي كلمة كبيرة جداً على واقع الاقتصاد السوري، على الرغم من كون الموظفين يستحقون هذا المبلغ بكل تأكيد، لكن هناك معدلات تضخم مرتفعة وتدنٍ في الأجور بنسبة كبيرة لكن الـ 400% ستجعل الراتب إلى حد ما يلائم متطلبات المعيشة.
وبرأي د.محمد فإن 200% هي مبلغ كبير جداً يُطرح في كتلة الأجور العامة، ولكن هل لدى الحكومة هذه الموارد أم لا؟ الإجابة برسم وزارة المالية.
ثانياً ربما رأت الوزارة أن طرح هكذا زيادة بهذه النسبة الكبيرة ستؤدي إلى اختلال في العرض النقدي في السوق ستؤدي الى ضخ كتلة نقدية كبيرة في السوق في فترة ما يزال فيها الاقتصاد السوري في مراحله على ما هي عليه، أي بدون زيادة في الإنتاج.
بالطبع ليس هناك من تحفيز في الإنتاج ولا انطلاقة كبيرة للقطاع الخاص كل ذلك قد يؤدي إلى زيادة الكتلة النقدية في ظل الإنتاج الثابت والكتلة الثابتة، أي إن التضخم سيحدث بشكل أو بآخر وهذا الأمر معروف في علم الاقتصاد كقانون.
خبير مالي: رفع الحد الأدنى للأجور هو الخطوة الأولى لإصلاح منظومة الأجور القديمة و المشوهة
وقال د.محمد: إن حديث وزير المالية عن العمل على طرح الزيادة الموعودة بنسبة 200%، أعتقد أنها ستحدث “خضة” في السوق وسنحتاج إلى بعض الوقت حتى يتم امتصاص هذه الخضة، لذلك ربما اليوم بدأ الحديث عن أن الزيادة ستكون لبعض القطاعات التي ترى الوزارة بأنها مهمة وحساسة كالصحة والتعليم والقضاء وغيرها، كونها مفاصل حساسة لكن ربما رأت الحكومة أن هذه قطاعات حساسة جداً لابد من العمل على تحصين موظفي هذه القطاعات بأن تصبح لديهم زيادات جيدة تتلاءم مع طبيعة عملهم وتحصنهم من الفساد.
وبالطبع فإن كلام الوزير عن بعض القطاعات يهدف إلى الحفاظ على الكوادر من التسرب الوظيفي والارتقاء بهذه الوظائف بشكل أساسي.
ويعتقد د. محمد بأن هذه التصريحات أتت من دراسة كاملة لمنظومة الأجور في سوريا وكيفية إصلاح هذه المنظومة وكيفية إصلاح الرواتب والأجور مع مراعاة التحديات والآثار التي قد تنجم عن زيادات كبيرة في الرواتب في السوق وفي مؤشرات السوق وزيادة في القدرة الشرائية، لكن سيرافقه تضخم بسبب ثبات الإنتاج في ظل زيادة الاستهلاك، وبالتالي الفائدة من الزيادة ليست كما هو مراد ومطلوب وكما هو لب الموضوع، على أن تتنشط عجلة الإنتاج خلال الفترة القادمة ويصبح هناك زيادة في الإنتاج وزيادة في تحفيز القطاع العام.
وبحسب محمد فإن هناك مشكلة أيضاً تتعلق بالقطاع الخاص تتمثل في أن زيادة الرواتب في القطاع العام قد تحدث فجوة بينها وبين القطاع الخاص وقد يحدث مزاحمة على القطاع الخاص على هذا الأمر، مؤكداً على أهمية زيادة الرواتب في كل القطاعات على ألا يرافقها زيادات في تكاليف بعض القطاعات الإنتاجية والصناعية الخاصة، والتي من الممكن أن تُحدث انخفاضاً في الأرباح في حال ثبات الإنتاج.
وفيما يخص النقطة الأخيرة التي تحدث عنها الوزير وهي قضية الموارد الحكومية فليس هناك فكرة محددة عن توفر هذه الموارد الحكومية والقدرة على توفير موارد لتغطية أعباء الموازنة العامة بما فيها كتلة الرواتب والأجور، وهكذا موضوع يمكن أن يعطي حرية ومرونة لوزارة المالية بتوجيه هذه الزيادات في الوقت الذي تتوافر فيه هذه الموارد تلقائياً.