يقال إن السكوت من ذهب، ولكن الظاهر أن ذلك ليس دائماً، فقد يكون الصمت أحياناً من حديد، أي سلاحاً ضاراً، بل وحتى قاتلاً، لأن الكثيرمن الأزواج يستعملونه كوسيلة عقاب للطرف الآخر، وقد يكون هذا مقبولاً إذا اعتمد لفترة وجيزة لعلاج نشوز الزوج أو الزوجة، أي للإصلاح ولكن ما ليس مقبولاً أن يتحول الصمت العقابي إلى طريقة للتحقير وتحطيم نفسية الشريك الزوجي وإشعاره بالدونية والانتقاص من شأنه أو دفعه إلى المبادرة بالاعتذار أو الانفصال، ما قد يتسبب له في مشاكل نفسية غير مستحبة.
إصلاح أم تدمير
فما هو الصمت العقابي وهل هو وسيلة إصلاح أم تدمير للحياة الزوجية؟
الصمت العقابي كما يعرفه الخبراء هو السكوت اللفظي المتعمد والموجه تجاه شخص آخر، وهو شكل من أشكال السلبية والعدوانية والإيذاء العاطفي، حيث يبعث الشخص الصامت مشاعر سلبية الى الضحية بالاستياء والنبذ والاحتقار، ولكنه يبقى محافظاً على صمته، وقد وصفته الطبيبة النفسيه هاريت برايكر بأنه أحد أشكال العقاب التحكمي والتلاعبي الاستغلالي، وقد يتعرض له الشخص في إطار أي علاقة إنسانيه كالصداقة، القرابة، الجيرة، لكن الأقسى أن يتعرض له المرء في إطار العلاقة الزوجية، فالكثير من الأزواج يستخدمون الصمت العقابي كوسيلة انتقام أو تأديب أو تعذيب الشريك، وهو يختلف تماماً عن الخرس الزوجي الذي قد يصيب العلاقات الزوجية أحيانا نتيجة الرتابة والملل، والمتعلق بالمواقف الحرجة بين الزوجين الذي يبتعدان من خلاله عن بعضهما ويصومان عن الكلام إلى أن تهدأ وطأة الصراع بينهما.
فالصمت العقابي تكتيك يستخدمه البعض ضدّ الشريك الزوجي بغرض الإساءة والإيذاء والتلاعب والضغط، وهو يستمر إلى فترة طويلة، وهذاالعقاب ينشط منطقة الألم في الدماغ. قد يستهين الكثير بالاثر والخطر الناجمين عن عقاب الشريك الزوجي بالصمت ولكن لتقدير قسوته يكفيهم معرفة ما كشفته الأبحاث عن كون الصمت العقابي ينشط نفس المنطقة في الدماغ التي ينشطها الألم الجسدي، ما يسبب للضحية أوجاعاً نفسية كالحزن والاكتئاب، تدني تقدير الذات، وقد ينتهي ذلك بأمراض عضوية.
العقاب بالصمت
كما كشف الدكتور شروت أن العقاب بالصمت والتجاهل يقلل رضا الشريكين عن علاقتهما الزوجية تماماً، مثلما حدث مع زوجة عمرها 40سنة زوجة سابقة لرجل غير متزن نفسياً، على حد قولها «كان مهووساً بطريقة عقابي بالصمت، كلما صدر من طرفي سلوك لا يعجبه ويستمر في ذلك لعدة شهور، وهو ما أدخلني في حالة من الاضطراب النفسي، كدت أفقد صوابي، خاصة عند فشل كل الأساليب التي استخدمها لكسر صمته، لقد كان يتجاهلني كأنني غير مرئية، لدرجة في بعض المرات دخلت في نوبات هستيرية، دفعتني لضربه كي يتكلم معي، وهذا ما انعكس على صحتي الجسدية والنفسية، فأصابني الوهن والمرض وآلام شديدة في الرأس لأقرر في النهاية طلب الطلاق بتشجيع من أهلي، الذين أدركوا أن بقائي معه سيدفعني إلى الجنون، أو سيجعلني ألقى حتفي».
ولكسر حلقة الصمت العقابي هناك مجموعة من الخطوات وضعها الخبراء لكسر تلك الحلقة الخانقة -تعتمد على ممارسة النشاطات والهوايات ليحافظ المرء على قدرته وثباته، -تعلم تقنيات الذكاء العاطفي لتتقن طريقة إدارة مشاعرك وكيفية التواصل مع شريك حياتك، -احبب نفسك ودللها واهتم بها لتفادي الوقوع في فخ الاكتئاب والعزلة والحزن، -تصرف بلا مبالاة، -كن هادئا ورصينا وجابه صمت الشريك من دون انزعاج حتى يتيقن من كون السلاح الذي يحارب به عديم الفعالية، فيتوقف عن سلوكه، -تفادي الانعزال والحفاظ على دائرة الاصدقاء والأقارب وزملاء العمل وعلاقاتك الاجتماعية التي ستنقذك من وحدتك التي فرضها عليك شريكك الزوجي بصمته العقابي، -اطلب المساعدة من استشاري علاقات زوجية أو اختصاصي نفسي، فقد يكون شريك حياتك نرجسياً أو يعاني من مرض نفسي، -لاتسمح بإيذائك، -اتفق مع شريك حياتك على حدود السلوكيات المقبولة وغير المقبولة بينكما، -وإذا استدعى الأمر الانسحاب، فافعل لأن صحتك النفسية والجسدية والعقلية أهم من أي علاقة.
الخـــرس الزوجـــي.. أذيـــة نفسيـــة للطرفيـــن
سيرياهوم نيوز 2_الثورة