آخر الأخبار
الرئيسية » عربي و دولي » الخليج يتهيّأ لحقبة ترامب: تنافس سعودي – قطري على الحظوة

الخليج يتهيّأ لحقبة ترامب: تنافس سعودي – قطري على الحظوة

حسين ابراهيم

 

 

ها قد تَسلّم دونالد ترامب رئاسة أميركا من جديد. والرجل جاء بشعار إنهاء الحروب في العالم، ولا سيما في الشرق الأوسط، وحقّق تقدماً حتى قبل التنصيب. لكن لهذا المشروع تتمة هي توسيع التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل وفقاً لنمط «اتفاقات أبراهام». والتوسيع لا يستحق تلك الصفة من دون السعودية، التي تؤثِر حتى الآن الصمت المطبق، بل تعلي سقفها بمواقف لم تكن تتخذها من قبل، من نوع رفع الصوت ضد التوغلات الإسرائيلية في سوريا، وبقاء قوات محتلة في لبنان، كما ضد أي محاولة إسرائيلية للتملّص من تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة كاملاً، والاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية. ولعلّ الصمت السعودي حيال التطبيع يمثّل مؤشراً إلى أن المملكة، تقول إنها لا تستطيع الاستجابة لهكذا مشروع في ظل السلوك الإسرائيلي الذي يفاقم الكلفة عليها أمام الرأي العام السعودي خصوصاً، والعربي والإسلامي في العموم. وإذا كان ترامب قد وجّه ضربة محدودة إلى اليمين الإسرائيلي، عبر فرض القبول بصفقة غزة عليه، إلا أن هذه الأخيرة ليست كافية لتوفير شروط التحاق الرياض بالتطبيع، بل وبعيدة جداً عنها، إذ لا زالت المملكة تربط رسمياً ذلك بإقامة دولة فلسطينية، وإن كانت لا تحدّدها بأراضي الـ67 ومن ضمنها القدس الشرقية.

 

وعليه، فلا شيء يمكن أن يُتَلمّس منه أن الرياض وترامب يعملان على الموجة ذاتها، لكن الرئيس الأميركي الجديد الذي تتنافس سِيَر أركان إدارته على من هو أكثر ولاء لإسرائيل، ما كان ليضغط على اليمين الإسرائيلي، لو لم يكن لديه مشروع واضح يعتقد أن الظروف صارت مناسبة له، وهو مفيد لإسرائيل، بعيداً عن شطحات يمينها المتطرف الذي يطرح شروطاً غير قابلة للتطبيق على الأرض، ولا للتسويق عند العرب. والواقع أن قدر الاهتمام الذي يوليه ترامب وإدارته للشرق الأوسط، الذي كان قبل أربع سنوات فقط يريد الانسحاب منه نهائياً، هو مؤشر آخر إلى أن ثمة ما هو وشيكُ الطرح على مستوى ترتيب هذه المنطقة لسنوات طويلة قادمة، لا سيما أن الروس انسحبوا من سوريا وقوى المقاومة خسرت المبادرة راهناً على الأقل. وبالمثل، فإن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يعرف أن ممرّه إلى الزعامة الخليجية والعربية، هو ترامب، ويعرف أن مفتاح القلب هدية. ولكي تكون الهدية على مستوى طموحات الأخير، فقد أبلغه في اتصال هاتفي للتهنئة أجراه به، أنه يرغب في توسيع الاستثمارات السعودية مع الولايات المتحدة إلى 600 مليار دولار، مع إمكانية ارتفاع المبلغ في حال توافر فرص إضافية.

 

الرئيس الأميركي يستغلّ التنافس الخليجي لتحقيق المكاسب

 

 

وقبل الإعلان عن الهدية السعودية، كتب الحساب المعارض لابن سلمان، والذي يحمل اسم «رجل دولة» على منصة «إكس»، أن ترامب طالب ولي العهد بدفع مبلغ 500 مليار دولار، وإلا فإنه سيتجاهله، وهو بالفعل لم يتحدّث عنه منذ توليه الرئاسة، رغم اهتمامه غير العادي بالشرق الأوسط. وللمقارنة فقط، حين تولى ترامب الرئاسة للمرة الأولى عام 2017، كانت زيارته الخارجية الأولى إلى الرياض، وحينها نال صفقات أسلحة قيمتها أكثر من 400 مليار دولار. وللمقارنة أيضاً، ذهبت الإشادة من الإدارة الأميركية هذه المرة إلى قطر، التي تنافس المملكة بشكل أو آخر على ودّ ترامب، لدورها في وقف النار في غزة؛ وطال الثناء خصوصاً رئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي كان قد اجتمع بترامب قبل أشهر من انتخابات الرئاسة ورتّب العلاقات معه.

 

والواقع أن الاستغلال الأميركي للتنافس الخليجي ليس جديداً، لكن الأمر يحتاج إلى تاجر موهوب مثل ترامب، الذي يعرف كيف يستفيد من المتنافسيْن معاً. وحين حصل على الـ400 مليار دولار السعودية قبل سنوات، ورفض حمد بن جاسم الاستثمار في شركة صهره جارد كوشنير العقارية المفلسة، بارك ترامب الحصار الذي قادته السعودية ضد قطر، والذي لم ينقذ نظامها منه آنذاك سوى تقدير الدولة العميقة لارتباط مصالح أميركا بأدوار قطر التفاوضية مع الخصوم، ووجود قاعدة «العديد» الأميركية على الأراضي القطرية. واليوم، فإن الاندفاع الأميركي لإنهاء الحرب في غزة، يتناغم مع سياسة قطر، وهو تناغم عكسه مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الآتي إلى المنطقة مشمراً عن ساعديه وركبتيه للإشراف شخصياً على تنفيذ وقف إطلاق النار في القطاع. إذ لم يكن عابراً تصريح الرجل الذي تحدث بغموض عن توسيع التطبيع، وحين سئل عن الدولة التالية على قائمة التطبيع لم يأتِ على ذكر السعودية، وإنما أشار إلى قطر التي قال إنها كانت «مفيدة جداً. ولا غنى عن مهارات الشيخ محمد للتواصل مع حماس».

 

في تغريدته، تساءل «رجل دولة»: «أين تقف المملكة في الشرق الأوسط المتغير؟»، ليجيب بأن «ابن سلمان عمل على تحويل المملكة إلى ساحة للغناء والترفيه، مستنداً إلى الدعم والحماية الأميركية، لتأتيه الآن الصدمة من ترامب، بعدما أحرق جميع الأوراق التي كانت تتيح له المناورة، بدءاً من عدائه للإسلاميين داخل السعودية وخارجها، وليس انتهاء بدعم إسرائيل وتحريضها على القضاء على غزة ومقاومتها. وهاتان الورقتان لو عرف كيف يستغلهما، لأصبح للمملكة وزن حقيقي في النظام العالمي». وعليه، فإن السؤال الآن هو: هل ستعوّض المليارات الـ600 هذا «الخلل» في السياسة السعودية، أم أن قطر ستكسب مرة أخرى؟

 

 

 

 

أخبار سورية الوطن١ الأخبار

x

‎قد يُعجبك أيضاً

مباحثات في القاهرة بين السيسي وشيخ محمود و إعلان سياسي مشترك لترقية العلاقات بين مصر والصومال

استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي،اليوم الخميس بقصر الاتحادية الرئيس الصومالي د. حسن شيخ محمود، حيث أقيمت مراسم الاستقبال الرسمي وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس ...