الخوف والقلق مشاعر رافقت الإنسان منذ بدايات وجوده، لكن طريقة تفاعل أجسامنا معها اليوم لم تعد تشبه تعامل الأسلاف مع الأخطار المباشرة. فرغم أنّ الخوف غريزة إنقاذ أساسية، يمكن أن يتحوّل في عالمنا المعاصر إلى استجابة مبالغ فيها، فيما يتسلّل القلق كظلّ خفي ناتج من فكرة أو توقع أو احتمال.
في تقرير لصحيفة «واشنطن بوست»، يقدّم الدكتور أرش جوانبخت، مدير «مختبر أبحاث التوتر والصدمة والقلق» في جامعة وين ستيت، رؤية علمية حول معنى الخوف، جذوره البيولوجية، وحدود تحوّله إلى قلق غير مفيد، إضافة إلى استراتيجيات فعّالة للتعامل معه دون أن يفقد الإنسان حريته أو توازنه اليومي.
ما الفرق بين الخوف والقلق؟
يعرّف جوانبخت الخوف بأنه استجابة لحالة تهديد واضحة ومرئية:
«الخوف يمتلك موضوع تهديد واضح ومدرك… إذا كنت أخاف الكلاب وهناك كلب أمامي، أو أقف عند حافة الهاوية وأنا أخشى المرتفعات ــ هذا هو الخوف».
أما القلق، فهو أكثر ضبابية وتوقّعاً:
«القلق أكثر غموضاً… قد لا يكون هناك تهديد مرئي، لكنني أبحث عنه باستمرار».
ويرى الباحث أن معظم تحديات الحياة الحديثة – من المخاوف المهنية إلى العلاقات والضغوط اليومية – هي تحديات قلق، لا خوف فعلي.
هل يمكننا «قهر» الخوف؟
الخوف جزء منك… كيف يمكنك أن تقهر جزءاً من نفسك؟
الخوف جزء منك… كيف يمكنك أن تقهر جزءاً من نفسك؟
يرفض جوانبخت هذا المفهوم:
«الخوف جزء منك… كيف يمكنك أن تقهر جزءاً من نفسك؟».
فالنظام العصبي المسؤول عن الخوف تطوّر لحمايتنا من أخطار فعلية في الماضي، لكنه بات يتفاعل الآن مع مواقف لا تهدد الحياة، مثل فقدان الوظيفة أو مواجهة اجتماعية، ما يجعل الاستجابة أحياناً غير متناسبة مع الموقف.
كيف نعرف إذا كان الخوف منطقياً؟
عندما ترتفع حدة الشعور، يصبح التفكير صعباً. لذا ينصح جوانبخت باستحضار صوت «الشخص الحكيم» في حياتنا:
«اسأل نفسك: ماذا سيقول الشخص الحكيم الذي أثق به لو كان مكاني؟».
كما يشدّد على أهمية تسمية المشاعر:
«عندما نسمّي الشعور، تنخفض شدته».
لماذا يزداد الخوف عند تجنّبه؟
يوضح جوانبخت أنّ التجنّب يعزّز الخوف: «كلما تجنّبت ما تخافه، زاد خوفك منه».
فالدماغ يفسّر التجنّب كدليل على وجود خطر حقيقي، ما يدفعه إلى تضخيم الاستجابة. أما المواجهة التدريجية – مع إدراك المخاطر الواقعية – فهي الأداة الأكثر فعالية لكسر هذه الحلقة.
المعرفة… بوابة للراحة
الحصول على معلومات دقيقة عن مصدر الخوف يمنح إحساساً بالسيطرة، ويخفّف من حساسية الدماغ. فهم طبيعة التهديد ونسبة خطورته والسيناريوهات الواقعية يقلّل من القلق المرتبط بالمجهول.
لماذا نستمتع أحياناً بالخوف؟
يشرح جوانبخت أن الإثارة التي تمنحها بعض الأنشطة، مثل الأفلام المخيفة، تعتمد على الآليات البيولوجية ذاتها التي تنشّط الخوف: تسارع ضربات القلب، تركّز الانتباه، ارتفاع الأدرينالين… لكن الفارق هنا أن التجربة آمنة ويمكن التحكم بها، وهذا ما يجعلها ممتعة.
الحرية أهم من الخوف
ليس خطأ أن لا ترغب في التواجد حول كلاب أو عناكب أو في الحفلات طالما أن القرار قرارك، وليس قرار الخوف
ليس خطأ أن لا ترغب في التواجد حول كلاب أو عناكب أو في الحفلات طالما أن القرار قرارك، وليس قرار الخوف
يقول جوانبخت: «لا تريد أن تكون عبداً لخوفك… الحرية أهم ما لديك».
ليس خطأ أن يخاف الإنسان من المرتفعات أو الأماكن المزدحمة، لكن المشكلة تبدأ حين يتخذ الخوف القرار بدلاً منه. ويذكّر بأن «اضطرابات القلق والخوف شائعة جداً… وليس ضعفاً أن تخاف».
أخبار سوريا الوطن١-الأخبار
syriahomenews أخبار سورية الوطن
