آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » الدراما السورية تستعيد ألقها في رمضان.. عكست واقع البلاد المُؤلم بعد الحرب وفتحت النار على الفساد.. هامش حرية عالي السقف يُحسب للنظام.. فهل تنسجم المسلسلات السورية مع التوجّهات السياسية الداخلية للمرحلة المُقبلة في ضبط الفوضى؟

الدراما السورية تستعيد ألقها في رمضان.. عكست واقع البلاد المُؤلم بعد الحرب وفتحت النار على الفساد.. هامش حرية عالي السقف يُحسب للنظام.. فهل تنسجم المسلسلات السورية مع التوجّهات السياسية الداخلية للمرحلة المُقبلة في ضبط الفوضى؟

كُل مُتابع للدراما السورية في هذا الموسم الرمضاني يدرك أن هذه الصنعة التي أصبح الفنانون السوريون روادها على مستوى الوطن العربي لعقود سبقت الحرب في بلادهم، عادت من جديد لتحتل مراتب الصدارة في الاعمال الرمضانية. ولا بد من الإشارة إلى فترة من التشتت طبعت الدراما السورية خلال سنوات الحرب، اتسمت هذه المرحلة أما بالاندماج مع الاعمال اللبنانية مع الانتقال للتصوير في ربوع لبنان، او الرحيل الى الامارات وصناعة اعمال منزوعة الدسم هناك وخير مثال عليها سابقا مسلسل “السنونو” للفنان ياسر العظمة الذي واجه انتقادات لاذعة، وحاليا يعرض مسلسل “جوقة عزيزة” بطولة الفنانة “نسرين طافش” الذي لم يحصد جمهورا، وهجره أغلب المتابعين من الحلقات الأولى.

ويحتل حاليا عملين سوريين تم تصوريهما في سورية الأول مسلسل “مع وقف التنفيذ” والثاني مسلسل “كسر عظم” الصدارة على مستوى المشاهدة في رمضان. يمتاز العملان حسب رأي اغلب المتابعين حسبما رصدت “رأي اليوم” على مواقع التواصل بالجرأة في تصوير الواقع السوري بعد الحرب. وتأثيرات تلك الحرب المدمرة على المجتمع، والتغييرات التي طرأت على الدولة ومؤسساتها.

العملان يتقاطعان بتجسيد ذلك الواقع المؤلم، حيث ترفع وتيرة الفساد الذي يشمل كل القطاعات، وحيث يبرع حيتان المال وأمراء الحرب في جمع الثروات بطرق غير مشروعة، مقابل الفقر والعوز الذي لحق بأغلب طبقات المجتمع، وحيث تغدو المؤسسات الحكومية مرتعا للسماسرة، وساحة للتحايل على القانون.

حكاية الحي في مسلسل “مع وقف التنفيذ” هي تجسيد لحكاية أحياء كاملة على امتداد الجغرافية السورية.

الحي الذي عاد إليه سكانه بعد تهجيرهم بسبب الحرب ليكملوا الحياة فيه ولكن بمعايير مختلفة يفرضها الواقع الجديد. حيث يتضخم الطمع، وتبرز الانتهازية لاستغلال حاجة الناس، ويتغول الفساد، وتصبح السلطة أداة ابتزاز لجمع المال. قصة ابنة الحي بنت شيخ الجامع وتجسد شخصيتها الفنانة “سولاف فواخرجي” الفتاة التي حاولت التسلق بأي ثمن، الى درجة انها اهدت امانة والدها وكانت عبارة عن مصحف نادر لأحد المسؤولين كي يمنحها منصب في الاتحاد النسائي، خلعت الحجاب ثم تزوجت ذاك المسؤول والذي لعب دوره الفنان ” فايز قزق”.

وكان زواجا مصلحيا اوصلها الى عضوية البرلمان وتقوم الفتاة مستغلة المنصب بتسيير كافة الاعمال غير المشروعة لزوجها الذي يعاملها كجارية. هذه القصة ليست سوى جزء من قصص صادمة يعرضها العمل الدرامي لواقع مؤلم لبلاد ما بعد الحرب.

اما مسلسل “كسر عظم” والذي يحظى الآن بأعلى نسبة مشاهدة، فهو اكثر جرأة وتصويبا على الفساد، والحرب القائمة بين القانون والقافزين فوقه. وتبرز شخصية حوت المال “الحكم أبو ريان” الذي يستغل ضباط في الجيش ومنهم ابنه ريان في عمليات تهريب غير قانونية، وبما يمتلكه من مال ونفوذ يكسر أبو الحكم كل الأنظمة، ويستعمل نفوذه لتمرير قوافل التهريب لتجار كبار مقابل المال من الحواجز العسكرية، وقد أدى ذلك الى تفجير سيارة على حاجز واغتيال احد الضباط الكبار.

ولم يشذ العمل الكوميدي السنوي “بقعة ضوء” عن القاعدة، وقدّم خلال شهر رمضان لوحات غنية عكست المعاناة اليومية للسوريين، وحالة الفقر والعوز الذي باتت ملازمة لشريحة واسعة من الشعب، و من شح المواد الأساسية، والاصطفاف بالطوابير للحصول على المساعدات الغذائية، الى حالة فقدان الامل والحلم بالسفر. كلها مشاهد حاول العمل بأسلوب كوميدي ساخر ان يجسدها غارفا من الواقع اليومي البائس.

ومن خلال ما طرحته الاعمال السورية هذا الموسم، يبدو من المؤكد أن الرقابة على الاعمال الدرامية في سورية تركت سقفا مفتوحا لكتاب هذه الاعمال.

وبمقابل المسلسل المصري الاختيار3 الذي اظهر بشكل مباشر مثالية الجيش والأجهزة الأمنية المصرية وصورها كالملائكة التي تحمي البلاد، ونزهها عن كل شوائب المراحل السياسية المختلفة التي عصفت بأم الدنيا، ما جعل العمل اقرب للدعاية السياسية منه الى تصوير الواقع، فإن الاعمال الدرامية السورية وضعت اصابعها على الجرح، وعكست الواقع دون رتوش او تجميل. ولا يمكن اعتبار هذا السقف العالي جدا للدراما السورية في معالجة الواقع السياسي والاجتماعي السوري وما يحمله من انتقاد مباشر لمواقع الخلل والفساد في البلاد، الا نقطة تحسب للدولة وأصحاب القرار فيها. وتؤكد ان تلك الاعمال لم تخضع لمقص الرقيب، كما هو الحال في كل الاعمال الدرامية العربية التي نتابعها على الشاشات. والتي غدت بمعظمها أداة دعاية للأنظمة وتوجهاتها السياسية.

وقد يكون إعطاء هذا الهامش الكبير للدراما السورية، بداية الطريق، وتمهيد لمرحلة جديدة في سورية، يتم فيها ضبط الفوضى التي خلفتها الحرب، وإعادة فرض لدولة القانون، والضرب بيد من حديد على مواطن الفساد والخلل.

سيرياهوم نيوز3 – رأي اليوم

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المؤسسة العامة للسينما تعيد تأهيل صالات الكندي

تماشياً مع رغبة المؤسسة العامة للسينما في تقديم أفضل ما يمكن من أساليب العمل السينمائي، وتأكيداً لضرورة تأمين حالة عرض متقدمة ومتميزة لجمهورها، فإنها عملت ...