| محمد قاسم الساس
يحرص كبار النجوم وشركات الإنتاج في الوطن العربي على الوجود على الشاشة، من خلال المسلسلات التي تتنافس فيما بينها لجذب الجماهير، ضمن خريطة الأعمال الدرامية العربية ككل موسمٍ رمضانيٍ درامي، بعدما عانت الدراما العربية في الموسمين الماضيين من الإجراءات الاحترازية التي فرضها وباء كورونا. حيث تلقت الدراما العربية عموماً ضربةً في الصميم، بسبب هذه الإجراءات التي فرضتها الحكومات، درءاً لخطر انتشار الوباء، ومع ذلك مازالت الدراما العربية قائمة بعناوينها المتنوعة، وزاخرة بالنجوم العرب الذين يترقب الجمهور على امتداد العالم العربي إبداعاتهم كل عام.
حيث عاودت الدراما العربية في الموسم الدرامي الحالي على طرح نتاجها وانتشارها على القنوات العربية كافة بعدما تم إنجازها دون اختزال، وعرضها كاملةً على مدار الشهر الكريم دون نقصان، وسط تفاؤلٍ مشترك لدى الجمهور والوسط الفني والإعلامي، في أن نشهد موسماً درامياً زاخراً بالأعمال العربية المميزة على اختلاف أنواعها، حيث يبدو موسم دراما رمضان 2022 حافلاً بالأعمال الدرامية على امتداد الوطن العربي. بعض الدرامات تشهد تطوراً مطرداً، استناداً إلى إرث وتقاليد صناعة عريقة مثل الدراما المصرية، وبعضها يمر بمسار تصاعدي مبشر مثل الدراما الخليجية، أما الدراما المشتركة فهي تشهد انكماشاً، على حين تحاول الدراما السورية استعادة مكانها مجدداً.
«الوطن» التقت «مازن طه» الكاتب والسيناريست، للحديث معه عن الدراما العربية، بعد تأثرها وتراجعها لعامين بسبب أزمة كورونا، قائلاً: «أعتقد أن الدراما العربية لم تتأثر كثيراً بفايروس كورونا في العامين المنصرمين بشكلٍ عامٍ، ولكن الدراما السورية كانت أكثر المتأثرين بالوباء. والأثر الأكبر كان من ناحية الكم. والتأثير الكوروني لا يمكن أن يشكل العامل الأساسي لهذا التراجع الدرامي العربي».
وأضاف: «إن بعضهم وجد في الوباء شماعة يعلق عليها فشله. ولكن تأثير الوباء كان محدوداً على الأعمال الدرامية العربية. والمشهد الدرامي السابق بشكلٍ عام عانى من الضعف مع استثناءات قليلة ومحدودة. هذه الاستثناءات لا تشكل قاعدة يمكن البناء عليها. فالقليل من الورود لا تصنع ربيعاً. والمشكلة الأساسية في المحتوى الذي أخذ يبتعد عن الواقع الذي نعيشه. وهذا الانفصال عن الواقع تجسد أيضاً في غرابة الصورة وسرياليتها في بعض الأعمال الدرامية العربية».
وعن تقييمه للأعمال الدرامية العربية ضمن الموسم الرمضاني الحالي 2022، وكيف أصبح حال درامانا المحلية والعربية بعد تجاوز أزمة كورونا، أوضح طه أن الدراما السورية خطت خطوة مهمة في المسار الصحيح وحققت حضوراً لافتاً من خلال عددٍ من الأعمال المتميزة، قائلاً: «في الأعوام السابقة كانت المنافسة ضعيفة، وبالكاد يحظى عمل واحد بالاهتمام والمتابعة، ولكن هذا العام لمسنا تطوراً مهماً على صعيد الكم والنوع، واشتعلت المنافسة بين ثلاثة أعمال على الأقل».
وأضاف: «بشكلٍ عام يبدو الحصاد جيداً، والمهم التأسيس على ما تحقق هذا الموسم، والتحضير جيداً للمواسم القادمة للمحافظة على المكتسبات التي حققتها. وعدم الركون إلى الأطناب والمديح فقط. فقد دقت ساعة العمل لإعادة الدراما السورية إلى موقعها الحقيقي، وأنا اقصد أنه لابد من وضع خريطة إنتاجية متنوعة ومدروسة لتكون قادرة على المنافسة».
أما الدراما اللبنانية والمشتركة «البان آرب»، رأى طه أنها لم تحقق حضوراً لافتاً في هذا الموسم، وتراجعت لمصلحة الدرامات المحلية سواء السورية أو اللبنانية.
وأضاف: «لا يختلف اثنان على أن الدراما المصرية مازالت في الصدارة «وهذا موقعها الطبيعي». حيث قدمت عدة أعمال درامية متميزة. وهي الدراما العربية الوحيدة التي قدمت نسقاً متوازناً بين أعمال المنصات وأعمال الموسم الرمضاني. فسجلت حضوراً قوياً على مدار العام. وهذا ليس غريباً عليها باعتبارها صناعة متكاملة الأركان».
أما الدراما الخليجية فقد رأى الكاتب أنها حافظت على موقعها. وقدمت أعمالاً جيدة، لكنها لم تصل إلى مرحلة الإبهار، رغم أنها اتسمت بجرأة غير مسبوقة.
كما التقت «الوطن» «نور شيشكلي» الكاتبة والمؤلفة التلفزيونية، وقد أعربت عن قلقها على المشهد الدرامي العربي عموماً، بقولها: «من وجهة نظري الدراما العربية أصابها العديد من الفايروسات، التي كان لها أثر أكبر من أثر فايروس كورونا الذي منين به مؤخراً».
وعن تعليقها على عرض عدة أعمال درامية عبر منصات المشاهدة، أو عبر القنوات التلفزيونية المشفرة، خارج العرض الرمضاني الذي بات خياراً رئيساً للمنتج العربي في الآونة الأخيرة، أجابت شيشكلي: «من حق المنتج أن يجد فرصة العرض، فهو لم ينتج الأعمال الدرامية ليخزنها في أدراج مكتبه. ما الضير في عرض هذه الأعمال الدرامية الآن؟ من الأساس كنا نبحث عن موسم درامي يوازي الموسم الدرامي الرمضاني، بدل ازدحام كل الأعمال الدرامية في الشهر الفضيل، والتي قد لا تحظى بفرصة مشاهدة أصلاً بسبب زحمة الأعمال الدرامية العربية المطروحة. والعمل الجيد يفرض نفسه في أي وقت وأي زمان وأي مكان وعلى أي محطة أو وسيلة. لا علاقة لموعد العرض والقناة أو الموسم بتحديد جودة العمل أو جماهيريته. المسلسلات الجيدة يلاحقها المشاهد وينتظرها في أي وقت».
وعن رأيها بنتاج الدراما العربية في ظل الوباء، رأت شيشكلي أنه نتاج خجول ما دامت الأعمال الدرامية انتهت مع انتهاء الزوبعة التي تحيط به بمجرد انتهاء العرض، ولم تقدم شيئاً. وطبعاً لا استطيع أن أعمم لأن ففي ذلك حكم جائر، وخاصة مع من عمل واجتهد وقاتل لأجل إتمام عمله، وسط كل الظروف السيئة التي نعيشها. فالدراما الحقيقة كانت في منازلنا، في الخوف الذي سكن عيوننا، التراجيديا كانت على أبواب مستشفياتنا، الدراما كانت موجودة في شوارع البؤس التي غرقنا بها، وأي عمل سيقدم طرحاً مختلفاً سيكون منفصلاً عن الواقع، ومن الصعب تقبله.
وحول رأيها في موسم دراما رمضان 2022، فضلت الكاتبة نور شيشكلي عدم الخوض حالياً بهذا الشق، موجهةً اعتذارها بشأن رأيها في الأعمال الدرامية، احتراماً منها لكل الجهود المبذولة في ظل الظروف الصعبة المحيطة بنا، قائلةً: «بالتأكيد لدي موقف حول ما يقدم اليوم في درامانا المحلية والعربية، ولكن أفضل عدم إزعاج أحد برأيي الصريح، وخاصةً فيما يتعلق بالدراما السورية والعربية عموماً. الرمادية والمجاملة مرفوضة بالنسبة لي، علماً أنه لابد من الإشارة بوجود درامات تقدم أعمالاً مهمة، يتحقق من خلالها غاية الفن الجوهرية، ألا وهي التغيير».
سيرياهوم نيوز3 – الوطن