زياد غصن
يبدو أن حظوظ خيار استبدال دعم السعر النهائي لبعض السلع بتقديم دعم نقدي مباشر للأسر المستحقة باتت كبيرة هذه الأيام. وحسب ما أوضح مسؤول حكومي في جلسة نقاش عقدت مؤخراً فإن هناك اجتماعات حكومية مكثفة تجري لمناقشة هذا الخيار.
لن أدخل في تفاصيل فحوى هذا الخيار، لكن ما أود مناقشته يتعلق بمحاولة الإجابة على السؤال التالي:
أين تكمن نسبة الهدر الكبرى في ملف الدعم الحكومي.. أثناء إنتاج السلع والخدمات المدعومة؟ أم أثناء توزيع واستهلاك هذه السلع والخدمات؟
وهذا السؤال يقودنا منطقياً إلى طرح سؤال آخر:
ما الذي يمكن أن يضبط الهدر والفساد في ملف الدعم الحكومي عموماً.. ضبط هدر وفساد الإنتاج أم ضبطهما أثناء التوزيع؟
في الإجابة على السؤال الأول هناك عدة نقاط يجب الإشارة إليها…
أولى هذه النقاط أنه على الحكومة الاعتراف أن عملية حساب التكاليف لدى المؤسسات المعنية بإنتاج وتقديم السلع والخدمات المدعومة غير صحيحة وتفتقد للموضوعية والمعايير العلمية، فمثلاً هذه التكاليف تتحمل في جانب هام منها تبعات سياسة التوظيف الاجتماعي… وغيرها.
ثاني النقاط أن عملية احتساب كلفة الدعم تعاني هي الأخرى من غياب الموضوعية والنزاهة العلمية، فمثلاً هذه الكلفة تتضمن كل أشكال الفساد، والتي كشفت تحقيقات المؤسستين الرقابيتين عن بعضها خلال السنوات السابقة وهي بعشرات المليارات، وهي تتضمن كذلك قيمة الهدر سواء الناجم عن قدم الآلات، تدني إنتاجية العامل، ارتفاع تكاليف الإنتاج… وغير ذلك
فمثلاً كلفة دعم الكهرباء تتضمن رسمياً قيمة طاقة مهدورة تقدر حكومياً بحوالي 30% أي ما قيمته 5 آلاف مليار ليرة، وكذلك الحال مع مياه الشرب التي تفوق رسمياً نسبة الهدر فيها 45%.
كل هذا يجعل من الهدر والفساد في إنتاج وتقديم السلع والخدمات المدعومة ليس بأقل خطورة من الهدر والفساد الموجودين أثناء توزيع واستهلاك هذه السلع والخدمات، وتالياً على الحكومة ألا تتوقع أن معالجة جانب التوزيع والاستهلاك سيقلل بنسبة كبيرة من الهدر والفساد!
إذاً السعي لضبط الهدر والفساد والتخفيف من نسبهما مرتبط بمراجعة علمية وموضوعية لكلف إنتاج وتوزيع واستهلاك السلع والخدمات المدعومة، وإلا فإن أي إجراء مجتزأ يعني منح البعض مزيداً من الوقت لجمع ومراكمة مزيداً من الأرباح والثروات على حساب خزينة الدولة، وحقوق ما يزيد على 90% من المواطنين المصنفين أممياً على أنهم ضمن خط الفقر.
(سيرياهوم نيوز ٢-شام إف إم)