آخر الأخبار
الرئيسية » يومياً ... 100% » الدفاع عن الاحلام!

الدفاع عن الاحلام!

 

د. بسام الخالد

 

ما أصعب أن تفقد حلم حياتك بلمح البصر، وما أجمل أن تسعى لاستعادة هذا الحلم بكل ما أوتيت من قوة، والأجمل أن تحقق هذا الحلم بعد كل هذه الإرهاصات والمشاق التي كابدتَها لبناء حلم المستقبل وهذا ليس بالأمر السهل، فالحلم يبدأ منذ الصغر، وثمة دول متقدمة تكتشف المواهب والأحلام في تلاميذ مدارسها منذ التحاقهم بصفوفهم الأولى وتنميها فيهم وتساعدهم على تحقيق أحلامهم بكل السبُل المتاحة، وثمة دول تقضي على طموح تلاميذها وتضع معياراً واحداً لجميع التلاميذ يسيرون عليه، وبهذه الطريقة تذوب المواهب وتُقتل الأحلام ويسود الفشل ويترسّخ التخلف الفردي والجمعي وتتخلف الدول، ولعل القصة التالية التي سأرويها خير مثال على ذلك.

يقول أحد المعلمين: (انتقلت للعمل في مدرسة ابتدائية.. استدعاني المدير لمكتبه وكلفني بتدريس الصف الثالث، وقال لي: سوف أصارحك القول، لدينا في المدرسة ثلاثة صفوف، وفي هذا الموسم قررت مع باقي زملائك أن نجعل في المدرسة صفين يضمان أحسن التلاميذ، أما الصف الثالث، الذي هو صفك أنت، فإن كل تلاميذه ميؤوس منهم، فإن استطعت أن تنتشل منهم ثلاثة أو أربعة تلاميذ، فلك كل التقدير والشكر، وإن لم تستطع فلا لوم عليك، لأن أولياء أمورهم يعرفون ضعف مستويات أبنائهم)!!

ويضيف المعلم: (دخلتُ إلى الصف وسألت كل تلميذ: “ماذا تحب أن تصبح عندما تكبر” ؟

قال أحدهم طبيب، وقال الثاني ضابط، وقال الثالث مهندس، وقال آخر محامي، وآخر صحفي.

ابتهجت في نفسي كثيراً وقلت: الحمد لله أن أحلامهم لم تمت بعد !

في اليوم التالي أعدتُ توزيع جلوس الطلاب بحسب مهن أحلامهم بحيث يكون الأطباء بجانب بعضهم، والضباط بجانب بعضهم، وكذلك الحال بالنسبة للمهندسين.. والمحامين والصحفيين.. وهكذا، ثم كتبت لكل واحد منهم لقبه على كتابه.

الطبيب: سامر

الضابط: أمجد

المهندس: فراس

المحامي: أحمد

الصحفي: ايهاب

وبدأت أمارس مهنتي كمعلم لهؤلاء الطلاب وأنا موقن أنهم كغيرهم من التلاميذ يمتلكون الذكاء والإرادة وليسوا ضعفاء كما يوصفون، وبالطبع وجدت منهم من يخطئ، ومن يتكاسل، ومن لا يكتب الواجب، وهنا جاء دور العقاب.

لقد كان عقابي لهم مختلفاً تماماً، فأنا لم أضربهم ولم أوبخهم، بل كنت فقط أسحب اللقب من المعاقَبين، وبالتالي “أسحب منهم أحلامهم” وأُجلسهم في مكان خاص بالصف، أسميته “الشارع” وبالطبع كان هذا يزعجهم ويجعلهم يضاعفون جهودهم للرجوع لأماكنهم واستعادة ألقابهم المفضلة لديهم، وبهذا الشكل ارتفع مستوى التلاميذ في الصف، وأخذوا ينجزون واجباتهم المنزلية أولاً بأول ويدرسون باجتهادٍ كبير، وتنافس شريف، وكنت أشجعهم أحياناً بتقديم هدايا، لكل واحد منهم هدية، تناسب مجال حلمه!

مع انتهاء الفصل الدراسي الأول، أحب كل تلاميذي الصف والدراسة والمدرسة والمدرس وصرت، نادراً، ما أُجلس أحدهم في”الشارع”!

في نهاية العام، تفوق تلاميذ صفي، على تلاميذ الصفين الآخرين بفارق كبير.

سألني المدير وباقي الزملاء المعلمين:

“بالله عليك، قل لنا ما هي طريقة التدريس التي اتبعتها وغيرت من هؤلاء التلاميذ ورفعت مستواهم بشكل خيالي” ؟

فكان ردي: طريقتي في التدريس وأسلوبي لا يختلف عن أساليبكم، أنا فقط جعلت كل تلميذ يدافع عن حلمه!

ألا يحق لنا أن نتساءل بعد ذلك: متى تتيح أسرنا ومدارسنا لتلاميذنا هذا الخيار ليحقق كل منهم حلمه؟

وأنتم أيها المربون والمعلمون: عززوا في نفوس تلاميذكم ملكاتهم وعلموهم كيف يدافعون عن أحلامهم ليخدموا وطنهم عندما يكبرون!

(خاص لموقع سيرياهوم نيوز)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

آن الآوان لتعديل قانون الانتخابات؟

  علي عبود للمرة الأولى يفعلها مجلس الشعب ويقترح فقدان عضوية ثلاثة فائزين بالدور التشريعي الرابع لفقدانهم أحد شروط العضوية في المجلس، وهو حملهم لجنسية ...