آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » الدكتور فؤاد المرعي المعلّم الأول في الحضور والغياب

الدكتور فؤاد المرعي المعلّم الأول في الحضور والغياب

 نضال بشارة:
رحل الناقد والأستاذ الأكاديمي الدكتور فؤاد المرعي (1938 – 2022) يوم الإثنين الماضي بعد أن أصدر أكثر من عشرة كتب من تأليفه وعشرات الكتب في مجال الترجمة، وأشرف على عشرات الرسائل الجامعية في الماجستير والدكتوراه، ونشر مقالات وأبحاثاً في مجلات كثيرة، وشارك في عدة مؤتمرات علمية في أكثر من جامعة سورية وعربية.
رحل الناقد الإنسان بكل معنى الكلمة، الناقد الذي كسبته جامعة وطلاب حلب، وخسرته حمص فهو تولّد مدينة تلكلخ، لأنه آثر العيش في حلب وإن استضافته حمص في أنشطة لكنها ظلت قليلة جداً ولم تتنبه ولا هيئة ثقافية لضرورة تكريمه. أذكر أننا التقينا ذات مرة مصادفة في دمشق فقلت له أنا أغار من كل إنسان حلبي أصغى إليك وتتلمذ على يديك وعقد صداقة معك، لكننا في حمص لا نحسدهم بل نهنئهم لأن من يعاشرك يسمو، فضحك وقال تعال وكل الحمامصة المحبين واسكنوا في حلب وضحكنا، فظلت ضحكته رصيداً دائماً في الذاكرة.

الباحث الجمالي
ولقد عرف الراحل فؤاد المرعي أنه أستاذ الكثيرين ممن تخصصوا في علم الجمال الذي أخذ حيزاّ أساسياً من اهتمامه، والذي يقول فيه الدكتور سعد الدين كليب في دراسة عنه«يصحّ التوكيد أن البطاقة العلمية، للدكتور المرعي، تتحدد أولاً بعلم الجمال. سواء أكان ذلك على صعيد الترجمة والتعريب، أم على صعيد الإشراف والتدريس، أم على صعيد التأليف تنظيراً وتطبيقاً. نقول هذا على الرغم من توزّع اشتغاله على كلّ من الأدب والنقد ونظرية الأدب تدريساً وترجمة وتأليفاً. ولعلّنا لا نبالغ إذا ما ذهبنا إلى أن هذه الحقول الدّرسية قد طبعت بطابع الدراسة الجمالية، في الكثير من جوانبها، من جهة، وطرائق التحليل والمعالجة من جهة أخرى. وهو ما يعني أن شخصية الباحث الجمالي هي الأكثر وضوحاً، في دراسات الدكتور المرعي. الذي يعدّ واحداً من أهم المشتغلين في البحث الجمالي العربي، ولاسيما السوري منه، في النصف الثاني من القرن العشرين. إنه واحد من أربعة، إليهم يعود الفضل في لفت النظر إلى علم الجمال وأهميته التنظيرية والتطبيقية، في الحقل الأكاديمي السوري خاصة، والثقافي عامة. أما الثلاثة الآخرون فهم الدكتور عبد الكريم اليافي، والدكتور نايف بلّوز، والدكتور عفيف بهنسي. مع الإشارة إلى أن هؤلاء الرواد الأربعة لم يلفتوا النظر إلى هذا العلم بكثرة التأليف والتصنيف بل بقيمة المادة المؤلفة، إضافة إلى التدريس الجامعي».
بطاقة متنوعة
وتشير بطاقة الراحل المرعي إلى نيله عام 1964 إجازة في اللغة الروسية وآدابها من جامعة «لومانوسوف» في موسكو، وعلى دبلوم من الجامعة ذاتها عن أطروحة تناولت صور المرأة في أعمال الروائيين الروس في القرن التاسع عشر. وفي عام 1973 حصل على الدكتوراه في الأدب في تخصص «النقد الأدبي الروسي في النصف الثاني من القرن التاسع عشر». وقد ألّف الراحل العديد من الكتب حول علم الجمال ونظرية الأدب والنقد، منها: المدخل إلى علم الأدب، المدخل إلى الآداب الأوروبية، مقدمة في نظرية الأدب، مبادئ النقد ونظرية الأدب، في تاريخ الأدب الحديث، النقد الأدبي الحديث، الوعي الجمالي عند العرب قبل الإسلام، الجمال والجلال (دراسة في المفاهيم الجمالية)، في اللغة والتفكير، بحوث نظرية في الأدب والفن، وغيرها. وتشير المصادر إلى أنه اشتغل مبكراً في الترجمة من اللغة الروسية وله فيها أكثر من خمسين كتاباً، ومن أواخر ما صدر له ترجمته لرواية دستويفسكي « الجريمة والعقاب».
حوار خلاّق
وعن نهجه في التدريس يقول الناقد أحمد الحسين أحد الذين تتلمذوا علي يديه: «ولم يكن الدكتور المرعي حريصاً في محاضراته على خلق نسخ له، أو مريدين متبنّين لمنهجه النقديّ؛ بل كان يحرص على الحوار الخـــلّاق مع طلابه، وكان يناقشهم بحرية، مؤمناً بحقهم في الاختلاف معه حتى العظم؛ وهكذا أفسح لهم المجالَ كي يكتبوا بحرية كاملة، وكان يشجعهم على الاختلاف معه في القضايا النقدية التي يثيرها، ولذلكَ كان من الممكن للطالب أن يكتب ما يريد في الامتحان، أو في الأطروحة الجامعية التي يعدها من دون أن يؤثر ذلك في الدرجة التي يمكن أن ينالها لو تجرّأ على مخالفته في الرأي، أو انتهى إلى نتيجة لا يقرّها هو. وقد تخرج على يديه طلاب وباحثون مرموقون في عدد من الدول العربية بينها الجزائر واليمن وسورية أعطوا جديداً على صعيدي الدراسة الجمالية، والنقد الأدبي، منهم: سعدالدين كليب، وعبدالله عساف، وحسين الصّديــق، ونورالدين السد، ومحمد تحريشي، وعبدالله بن قرين، وغيرهم».
رحل الدكتور فؤاد المرعي مستحقاً بجدارة ما قال عنه الدكتور سعد الدين كليب: المعلّم الأول، المعلّم دوماً، المعلّم في الحضور والغياب. المعلّم فؤاد المرعي وداعاّ..وداعاً يا بهيّ الروح والوجه والخطاب.

سيرياهوم نيوز 6 – تشرين

x

‎قد يُعجبك أيضاً

المؤسسة العامة للسينما تعيد تأهيل صالات الكندي

تماشياً مع رغبة المؤسسة العامة للسينما في تقديم أفضل ما يمكن من أساليب العمل السينمائي، وتأكيداً لضرورة تأمين حالة عرض متقدمة ومتميزة لجمهورها، فإنها عملت ...