آخر الأخبار
الرئيسية » ثقافة وفن » الدهماء بين الخوف من التفكير وعبودية الجهل… دعوة إلى وعي العقل

الدهماء بين الخوف من التفكير وعبودية الجهل… دعوة إلى وعي العقل

 

د. طارق سامي خوري

 

في عالم اليوم، حيث المعلومات تتدفق بسرعة البرق والفيديوهات تنتشر كالنار في الهشيم، بات التفكير العقلاني فضيلة غائبة عن كثير من الناس. نعيش في مجتمع غالبًا ما يطغى عليه الانفعال على حساب المنطق، والتبعية العمياء على حساب التفكير النقدي، والمظاهر الزائفة على حساب الجوهر الحقيقي.

 

*من هم الدهماء؟*

 

الدهماء ليسوا مجرد أفراد يتبعون بلا تفكير، بل هم حالة نفسية واجتماعية تتحكم في الإنسان وتشل قدرته على النقد والتحليل. الدهماء هم الذين:

1) يطبلون ويرقصون للقادم دون أن يسألوا: ماذا يحمل؟

هم الذين يحتفلون بالشكل دون النظر إلى المضمون، ويرون التغيير بحد ذاته مكسبًا دون أن يدققوا في معناه.

2) يخافون من استخدام عقولهم، على الرغم من أن العقل هو الشرع الأعلى.

الخوف من التفكير قد يأتي من شعور دفين بأن السؤال قد يكشف لهم حقائق مزعجة أو يضعهم في مواجهة مع أنفسهم أو مجتمعاتهم.

3) يتبعون الأحزاب أو الأفكار كأنها مسلمات،

فلا يميزون بين الإيمان العميق بالمبادئ والتقديس الأعمى للأشخاص أو المؤسسات.

4) يصدقون كل ما يصلهم من معلومات دون تحقيق،

وكأن الحقيقة يمكن أن تُختصر في مقطع فيديو أو صورة مفبركة.

5) يبررون التناقضات في سلوكياتهم وسلوكيات من يتبعونهم،

كأنهم يغمضون أعينهم عن المنطق إذا تعارض مع أهوائهم أو مصالحهم.

6) يفرحون بسقوط حالة دون التفكير في تبعات القادم،

كأن السعادة تكمن في التغيير ذاته بغض النظر عن عواقبه.

7) يحكمون على الناس من خلال المظاهر الخارجية،

وينسون أن الإيمان والعمل الصالح لا يقاسان بالشكل بل بالمضمون.

 

*كيف نخرج من دائرة الدهماء؟*

 

الخروج من عقلية الدهماء يتطلب جهدًا جماعيًا وفرديًا، وهو ممكن من خلال:

1) إحياء ثقافة التفكير النقدي:

علينا أن نتعلم كيف نسأل ونشكك ونحلل المعلومات قبل أن نتبناها. الحقيقة ليست دائمًا ما يُعرض علينا، بل ما نصل إليه عبر البحث والتدقيق.

2) تحرير العقول من الخوف:

الخوف من التفكير هو عدو التقدم. يجب أن ندرك أن التفكير الحر ليس تهديداً او كفراً، بل هو الطريق إلى الحقيقة والحرية.

3) رفض التبعية العمياء:

الإيمان بفكرة أو حزب لا يعني الغاء العقل. علينا أن ندرك أن معظم الأحزاب والأيديولوجيات أدوات، وليست غايات إلهية مقدسة.

4) التعلم من التاريخ:

التاريخ مليء بالدروس التي يمكن أن ترشدنا إذا ما تأملناها بعقلانية. تجاهل هذه الدروس يعني تكرار الأخطاء.

5) التركيز على الجوهر لا المظهر:

الإيمان والعمل الأخلاقي يتجاوزان المظاهر الخارجية. علينا أن نحكم على الناس بناءً على قيمهم وسلوكهم، لا على مظهرهم أو طريقة لباسهم.

6) تعزيز ثقافة الحوار:

الحوار الحقيقي هو الذي يفتح الآفاق ويزيل الحواجز. لا يمكن للعقل أن ينمو في بيئة صاخبة تغلب عليها الأحكام المسبقة.

 

*رسالة إلى المجتمع: دعوة للتفكير*

 

العقل في الإنسان هو نفسه الشرع الأعلى والشرع الأساسي العقل هو أعظم ما ميز الله به الإنسان. استخدامه ليس رفاهية بل واجب، والتفكير الحر هو الوسيلة الوحيدة لتحرير الذات والمجتمع من قيود الجهل والتبعية. إذا أردنا إصلاح الناس، فعلينا أن نبدأ بإصلاح أنفسنا أولًا، ونمد يد الدعوة لكل من حولنا لكي يتحرروا من أسر الدهماء، ويعيشوا بعقول واعية ونفوس مطمئنة.

 

(اخبار سوريا الوطن 1-منتدى الفكر السياسي والادبي)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

ليلى علوي تحتفل بعيد ميلادها الـ63 وتسترجع ذكريات حياتها الشخصية والفنية

تحتفل اليوم السبت، 4 يناير، الفنانة المصرية ليلى علوي بعيد ميلادها الـ63، وهي واحدة من أبرز نجمات السينما المصرية. ولدت في عام 1962 في حي ...