| ناصر النجار
اليوم تستعد فرق الدوري الكروي الممتاز لانطلاق مرحلة الإياب التي باتت معلقة بارتباط المنتخب الوطني في مشاركته في النهائيات الآسيوية في قطر، وحينما تنتهي المشاركة سيتم الإعلان عن بدء مرحلة الإياب المتوقع أن تكون متواصلة دون عثرات أو عقبات ولن يتخللها توقفات إلا في أيام الفيفا، حيث يستكمل منتخبنا الوطني مبارياته في تصفيات المونديال القادم.
الفرق في الفترة هذه أعادت حساباتها بشكل كامل وقد وضعت خطتها لمرحلة الإياب عبر تغييرات تجدها ضرورية سواء على الصعيد الفني أم الإداري، هناك بعض الفرق تحاول إجراء تغييرات شاملة كفريق الساحل أو رتوشات بسيطة مثل بقية الفرق، وهذا الأمر فرضه واقع الحال، ومستوى المنافسة وشدتها، فأغلب الفرق لم نجد لديها الحماس لتغييرات مماثلة لتغييرات الميركاتو الشتوي في الموسم الماضي لأن خيوط المنافسة متباعدة، ولأن فرص المنافسة على اللقب باتت محدودة وأغلب الفرق تتموضع في منتصف اللائحة بعيدة عن لقب هذا الموسم، ربما يكون الاهتمام منصباً على المؤخرة وتفادي الهبوط وهو شر يحيط بعدة فرق إنما بنسب مختلفة.
الصور الواضحة التي خلفتها مرحلة الذهاب يمكنها أن تدعم فكرة زج اللاعبين الشباب بكثرة في مرحلة الإياب وإعطائهم الدعم الكامل والفرصة لإثبات وجودهم ومقدرتهم وكفاءتهم، وهذه الفرص ستمنحهم الخبرة والصقل ليكونوا عماد فرقهم في الموسم القادم، والملاحظ أن لاعبي الخبرة كانوا السواد الأعظم لأغلب الفرق، وهذا كما له إيجابيات له سلبيات إنما أكثر.
لذلك فالمأمول أن نجد تشكيلات تضم بين الخبرة والشباب من أجل بث الروح في الفرق وضخ دماء جديدة في الكرة السورية، وكما نلاحظ أن المنتخب الوطني يفتقد المواهب وروح الشباب من الدوري المحلي وربما الاستثناء الوحيد كان محمود الأسود وهذا يدل على فقر كرتنا وعقمها، لأن أنديتنا اعتمدت على اللاعبين المخضرمين أكثر من اعتمادها على الشباب وما فيهم من مواهب وخامات وهذه إحدى أهم سلبيات الدوري في مرحلة الذهاب.
طوابق عديدة
مرحلة الذهاب فرزت فرق الدوري إلى عدة طوابق حسب أدائها ونتائجها، واتصفت الفرق باضطرابها وعدم توازن أدائها فتارة في القمة وتارة في السفح، لهذا تباين الأداء من مرحلة لأخرى واختلفت كذلك النتائج حسب المزاج المسيطر على الفريق ولاعبيه.
الطابق الأول يسكن فيه فريق الفتوة وحده وهو المتصدر الذي يبتعد في صدارته عن بقية الفرق، ونجد من الصعوبة أن يلحق به أي فريق لينازعه على الصدارة وهذا لن يتحقق إلا بشرطين اثنين، أولهما: انهيار فريق الفتوة وتدهور نتائجه، وثانيهما: توفيق مطارديه بتحقيق نتائج كبيرة وعدم إهدار النقاط وخصوصاً في الأسابيع الخمسة الأولى من الإياب.
الفتوة لم يخسر أياً من مبارياته، فاز في ثماني مباريات وتعادل في ثلاث أخرى وابتعد عن أقرب منافسيه بفارق سبع نقاط وهذا ما يجعل إيابه مرتاحاً وإياب منافسيه صعباً، امتهن الفتوة اللعب التجاري على حساب الأداء وساعده على ذلك تكامل صفوفه من جهة، وضعف منافسيه من جهة أخرى، وامتلك الفتوة الحظوظ وناله التوفيق من أوسع أبوابه ويكفينا القول إن الدقائق الأخيرة من المباريات والوقت بدل الضائع منحته ثماني نقاط، حيث حقق الفوز على الحرية والجيش والتعادل مع الكرامة وتشرين.
من المعاناة التي لازمت فريق الفتوة ضغط المباريات بسبب المشاركة في بطولة الاتحاد الآسيوي التي لم يحقق فيها أدنى النتائج المطلوبة وخرج منها بخفي حنين، وهذه النتائج مع ما رافقها من أداء غير جيد أعطت مدلولاً على ضعف الدوري، لذلك قال بعض المراقبين: إذا كان متصدر الدوري ظهر في هذه البطولة الآسيوية بمثل هذا المستوى، فكيف سيكون حال بقية الفرق؟
من العثرات التي رافقت فريق الفتوة هروب محترفه ماركوس جوزيف (ترينداد توباغو) في ليلة ليلاء وهذا الهروب يدل على ضعف العمل الإداري في النادي، أيضاً رافق الفريق بعض الخلافات والمشاكل مع بعض اللاعبين، كالمشكلة التي حدثت مع محمد عبادي ثم طويت، وغيرها من المشاكل الأخرى التي لم تظهر للعلن، وتم حلها داخل النادي.
عقدة الفريق بأبناء النادي الذين استبعدوا عن المراكز الأساسية من الفريق، لذلك كان مدرب الفريق مضطراً لإشراك أبناء النادي في الشوط الثاني إرضاء لهم وللجمهور، ولم تكن التبديلات حسب الحاجة إنما لسد هذه الثغرة وهي إحدى سيئات الفريق، ويتردد اليوم عن نية الفريق التعاقد مع لاعبين جدد من أبناء النادي حسب الضغوط الممارسة على الإدارة والأسماء المقترحة ربما أكل عليها الزمان وشرب!
الطابق الثاني
على بعد سبع نقاط يقع فريقا جبلة وحطين وهما الأقرب منافسة للفتوة عن غيرهما من الفرق، ولا ندري إن كانا سيستمران في هذا الصراع، أم إن نتائجهما لن تسعفاهما في استمرار مطاردتهما للفتوة.
جبلة يتقدم على حطين بفارق الأهداف، الفريق مع بداية الموسم خسر عدداً من أعمدة الفريق واستعاض عنهم ببعض اللاعبين الجيدين، وكغيره من الفرق يحتاج وقتاً لتحقيق الانسجام داخل الفريق، وهي مشكلة تعاني منها كل فرق الدوري وخصوصاً أن الفرق اعتادت تغيير وتبديل أكثر من عشرة لاعبين وهذا يفقدها الكثير من الإيجابيات ومنها غياب الاستقرار الفني، ما يعانيه فريق جبلة الذي بدأ الدوري بمدرب جديد ولاعبين جدد، وهذا وحده يحتاج الكثير من الوقت لكي يتحقق التناغم بين اللاعبين ولكي يستوعب اللاعبون فكر المدرب، مع العلم أن الكثير من المدربين يعملون على تغيير المراكز، وتوظيف اللاعبين لخدمة مراكز معينة يفتقرها الفريق وقد يؤدي ذلك إلى خلل حتى يتأقلم اللاعبون مع المهام الجديدة الموكلة إليهم.
صحيح أن جبلة احتل المركز الثاني، لكن نتائجه غير مرضية بشكل عام، وصحيح أنه لم يخسر في الدوري إلا مرة واحدة إلا أنه وقع في فخ التعادل خمس مرات وقد أضاعت عليه فرصة الدخول في عمق المنافسة فبقي على أعتابها.
أمران اثنان ساعدا فريق جبلة بالوصول إلى النقطة العشرين، أولهما: استغل عاملي الأرض والجمهور فحقق أغلب نقاطه في المباريات التي لعبها على أرضه، وثانيهما: فاز على كل فرق المؤخرة كالحرية والساحل والوحدة إضافة لتشرين والطليعة وحقق تعادلاً جيداً مع حطين والفتوة.
الحظ العاثر كان في مباراة الجيش فرغم أنه قدّم أداء جيداً إلا أنه لم يوفق بتحقيق الفوز فخسر المباراة.
مشكلة جبلة في الإياب أنه سيلعب أغلب مبارياته خارج أرضه، وسيلعب على أرضه مع أهلي حلب والوثبة والجيش والفتوة، وسيلعب خارج أرضه مع الكرامة والطليعة والساحل وتشرين والحرية والوحدة وحطين.
وهذا الجدول قد لا يساعده كثيراً في الإياب ليستمر في المنافسة أو ليحافظ على مركز الوصيف مع العلم أن أغلب عثرات الفريق جاءت خارج أرضه، لذلك فإن الفريق لابد له من جهد أكبر مما بذله في الذهاب وعليه أن يخشى فرق المؤخرة التي خسرت أمامه في الذهاب بسهولة لأنها لن تكون كذلك في الإياب وهي تصارع على البقاء.
عثرات عديدة
بعد سنوات عانى فيها فريق حطين الاضطراب الإداري والفني وقد أسفر هذا عن وقوع الفريق في مخاطر الانزلاق نحو الدرجة الأولى ونجا فيها من الهبوط مرتين بالمباراة الأخيرة بقدرة قادر، قرر أبناء الحوت النهوض بفريقهم الكروي من خلال الاستقرار الإداري ووجود الداعمين، فتمت صناعة فريق جديد من نخبة لاعبي الدوري لدرجة أن أبناء النادي وجدوا أنفسهم إما خارج الفريق وإما ضمن التشكيلة الاحتياطية، وبدا الفريق بشكل جيد وقدّم نفسه على أنه منافس كبير يحمل شخصية البطل، لكن رياح الدوري لم تسر كما تشتهي سفن الحوت، وربما حدثت بعض الأمور التي شقت الصفوف فتعرض الفريق لهزات متلاحقة أبعدته عن الصدارة وأقالت مدربه أنس مخلوف بانتظار استعادة البريق والدخول مجدداً في المنافسة مع حطين الوصيف الثاني للفتوة ويبتعد عن جبلة بفارق الأهداف فقط.
نتائج فريق حطين في مرحلة الذهاب مقبولة إلا في مباراتين، فالخسارة أمام الفتوة وتشرين تبدو منطقية إلى حد ما، لكن غير المقبول كانت الخسارة مع الطليعة والتعادل مع الحرية وهاتان المباراتان فقد فيهما الفريق خمس نقاط كانت كافية ليكون بجوار الفتوة، بقية النتائج كانت جيدة، ويمكن لحطين أن يكون أفضل في الإياب إن استطاع التركيز وأداء كل مبارياته بكامل الجدية.
حطين سيلعب في الإياب على أرضه مع الفتوة والكرامة والساحل والحرية وجبلة إضافة لتشرين وسيلعب خارجها مع الوحدة والجيش وأهلي حلب والطليعة والوثبة، وهي مباريات متوازنة تحتاج إلى العزيمة والتصميم الكامل للخروج بنتائج مرضية.
المستوى العام
بقية الطوابق والفرق سنتحدث عنها لاحقاً في مواضيع قادمة، ويمكننا المرور بشكل سريع على العناوين الرئيسية للدوري، وقد كانت أغلبها سلبية في المجمل العام، وفي أهم السلبيات ضعف المستوى العام للفرق وللدوري، فالكثير من المباريات لم تحقق الأداء المنتظر وكانت عبارة عن عك كروي دون أي بوادر لأسلوب الكرة الحديثة فكانت المباريات كلاسيكية وغلب عليها مفهوم الكرات الطويلة والتشتيت وإضاعة الوقت، ونتج عن ذلك فقر بالتسجيل فكان العقم هو أحد عناوين الدوري والكثير من المباريات انتهى بهدف أو هدفين والقليل من المباريات شهد تسجيلاً للأهداف وعلى الأغلب كان أحد طرفي هذه المباريات أحد الفرق المهددة بالهبوط.
من العثرات التي ساهمت بتواضع الأداء الفني في المباريات سوء أرضية الملاعب، فأغلب الملاعب كانت غير صالحة لأداء المباريات، وهذه لا تمنح الفرق حقوقها لأن الفرق الجيدة لا تظهر بمثل هذه الملاعب، حيث يختلط الحابل بالنابل وأي كرة هاربة من أقدام اللاعبين يمكن أن تغير مجرى مباراة بأكملها فضلاً عن أن هذه الملاعب يتساوى فيها كل شيء، والأهم من كل هذا وذاك أنها سبب مباشر للإصابات وخصوصاً الإصابات العضلية ولا ننسى أنها تستهلك طاقات اللاعبين لأنها بحاجة إلى جهد كبير.
الحضور الجماهيري كان متفاوتاً وأكثره كان للفتوة وتشرين وحطين وجبلة والكرامة وباقي الحضور كان معقولاً، وتأثر الحضور الجماهيري بسببين أولهما، سوء النتائج لبعض الفرق وثانيهما: الوضع الاقتصادي العام فحضور المباريات وما يتضمنه من ثمن تذكرة وأجور مواصلات جعل البعض يستنكف عن الحضور.
سوء نتائج فريق الوحدة أدت لابتعاد جمهوره من ملاعب الكرة وقد تحولوا إلى صالات السلة.
الحالة الانضباطية بقيت على حالتها، فأغلب الأندية تعرضت للعقوبات وأغلب العقوبات كانت بسبب الشتم وإلقاء الحجارة والزجاجات الفارغة، وإلقاء الشماريخ والقنابل الدخانية على أرض الملاعب.
حالة واحدة توقفت فيها المباراة وكانت بين الطليعة والجيش بسبب إصابة الحكم بحجر ما أدى لخسارة الطليعة المباراة 3/صفر قانوناً إضافة إلى غرامات مالية.
العقوبات الفردية شملت بعض كوادر الفرق وعدداً من اللاعبين الذين خرجوا عن النص وتجاوزوا القوانين الانضباطية للملاعب.
نأمل في الإياب أن نرى مشهداً كروياً أفضل وأن نتابع مستوى أرقى وأكثر تطوراً وأن تكون الأندية قد عالجت أخطاء فرقها من خلال فترة الاستعداد الحالية، فمعالجة الأخطاء تدخل الفرق مرحلة أكثر نضجاً فيها الجاهزية البدنية بأعلى مستوياتها والتناغم بين اللاعبين في أفضل أحواله، ولاشك أن المصابين سيعودون إلى فرقهم بعد أن أتموا مراحل العلاج والتأهيل.
سيرياهوم نيوز٣_الوطن