| ناصر النجار
المباريات الثماني الأولى من مرحلة الإياب أعطت مدلولاً عن مدى تقدم الفرق أو تراجعها، والمستوى الذي قدمته في الذهاب وفي الإياب، وللأسف وجدنا أن أغلب الفرق (نَفَسَها) مقطوع فلم تملك العزيمة الجادة للدخول بقوة على باب المنافسة، ورأينا كيف أن الفرق ترفع الراية البيضاء واحداً بعد الآخر في مشهد يدل بما لا يدعو للشك على ضعف الفكر الاحترافي الذي أدى إلى هدر المال العام أو مال الداعمين بلا أي طائل، ونحن نستغرب (أمام هذا الوضع الذي وصلت إليه فرقنا) سباق التسلح باللاعبين الذي خاضوه قبل مطلع الدوري، وللأسف لم يصنع هذا الزخم من اللاعبين بطولة، ولم يصنع فريقاً نقول عنه (يخزي العين).
وإذا كان الجميع يراهن على الكرامة مطلع الدوري، فإن هذا الرهان جاء بغير مكانه المناسب لأن (حليمة عادت لعادتها القديمة) وعلى ما يبدو أن الفريق حنّ للمراكز المتأخرة.
والجيش سار ضمن خُطا ثابتة لكنها كانت بطيئة فلم تسعفه ولن تسعفه في تحقيق آماله هذا الموسم، وإذا استمر وصيفاً يكون قد حقق مركزاً أفضل من مركز الموسم الماضي.
الوحدة وحطين ارتقيا عن الذهاب لكنه رقي محدود، تطور بسيط لا يقدم ولا يؤخر ومطبات لا يصح أن يقع بها فريقان تكلفا الكثير ومديوناتهما أكثر ولم يحققا طموح جماهيرهما بمنافسة مشرفة على الأقل، بل كانا ينتقلان من الرابع إلى الخامس ثم يعودان وهكذا، وبالمحصلة العامة لم يملكا شخصية البطل هذا الموسم أيضاً وبات عليهما الانتظار موسماً آخر.
الحقيقة التي لم تعد تخفى على أحد أن تشرين هو الوحيد الذي يستحق لقب البطل، فهو الأكثر جدية بالتعامل مع الدوري والأكثر حرصاً على لقبه والدفاع عنه، وهو يملك شخصية البطل، وأمامه أمتار بسيطة للفوز باللقب للمرة الثانية على التوالي، ومع ذلك عليه الحذر وعدم الاستهتار حتى لا يضيع تعب موسم كامل توافرت فيه كل الشروط والإمكانيات والدعم للفوز ببطولة الدوري.
قصة المنافسة هذا الموسم تبدو ضعيفة على عكس الموسم الماضي التي كانت أقوى بكثير وكلنا نذكر أن تشرين حسم اللقب في المباراة الأخيرة، ولا نعتقد أن هذا الأمر سيتكرر هذا الموسم، فالمكتوب يقرأ من العنوان، وفرقنا ضاع أغلبها في زحمة التعادل أو في خسارة مفاجئة وغير محسوبة، والعلّة الأكبر التي عانت منها أغلب الفرق إن لم يكن جميعها هو العقم الهجومي.
مؤشرات سيئة
تراجع الكرة في حلب يشير إلى تراجع الكرة السورية بشكل عام، ودوماً كان الحديث عن سلامة كرتنا وتطورها مربوط بسلامة كرة حلب وتطورها، وإذا كان الاتحاد وهو أهم قلاع الكرة الوطنية صار (ملطشة) لفرقنا فعلى كرتنا السلام.
صحيح أن كرة الاتحاد لم تدخل المنافسة القوية على اللقب في السنوات العشر الماضية، لكن الأصح أنها لم تكن (هزيلة) كما الموسم الحالي، وكما يقال إن العجز الذي تعانيه الكرة الاتحادية هو نتاج عجز الإدارة.
الفوضى الإدارية في كرة حلب وضعت الاتحاد بمكان لا يليق بتاريخه وهويته واسمه وستعيد الحرية إلى الدرجة الأدنى، ولا نجد أن هناك من يملك عصا سحرية ليغير قناعاتنا والواقع الذي يعيشه الناديان.
البعض يحاول رمي التقصير والتراجع في حضن الأزمة ومخلفاتها ونحن نرى أن أزمة الكرة الحلبية بمن يقودها ويتسلط عليها.
أمر واقع
الأداء والنتائج التي حققها الطليعة والوثبة تعكس واقع الفريقين وإمكانياتهما، الطليعة هذا هو موقعه الطبيعي، بل يقدّم أكثر من المطلوب منه، ويعاني في الوقت الحالي (كما سمعنا) من أزمة مالية حادة ربما أثرت على الفريق ونتائجه فيما تبقى من مشوار الدوري.
صحيح أن الوثبة تراجع عن الموسم الماضي خطوات كثيرة إلى الوراء، لكن الأصح أن الفريق فقد عماد لاعبيه ولم يتبق منه إلا القليل، لذلك كانت نتائجه متوافقة تماماً مع أوضاعه الفنية، ووجوده في المناطق الدافئة أبعده عن هموم المؤخرة وأحلام المقدمة، فابتعد عن الضغط والتشنج وبات يؤدي مبارياته بأريحية تامة.
تقدم وتراجع
جبلة تقدم كثيراً عن الموسم الماضي ويكفي أنه غادر هموم المؤخرة، وكانت أحلامه أكبر مما وصل إليه، في جبلة روح متّقدة تبحث دائماً عن الأفضل، وما زالت أيام البطولات تدغدغ مشاعره.
يمكننا القول إن جبلة حقق نقلة نوعية قياساً على واقعه في المواسم السابقة، ومن الضروري الحفاظ على ما وصل إليه ليحقق مراده إن لم يكن في الموسم القادم ففي المواسم اللاحقة.
الشرطة تراجع عن الموسم الماضي، لكنه لم يكن هذا التراجع المخيف، وربما كان سببه التغيير الفني بالفريق، فالأسلوب الجديد للمدرب الجديد على ما يبدو كان بحاجة إلى وقت كافٍ ليحقق مفعوله وجدواه، الجيد بالفريق أنه حسبها صح، فأغلب نقاطه نالها من المتأخرين فابتعد عنهم وكفى الله الفريق شرّ خطر الهبوط مبكراً، أهم علّة بالفريق تكمن بالخطوط الخلفية، فشباكه مشرعة لكل الفرق لتسجل فيها أهدافاً.
وربما كان من الفرق القليلة التي سجلت كل الفرق بمرماه سواء في الذهاب أو في الإياب أو بالمرحلتين معاً.
وهذه المشكلة يعاني منها كجبلة تماماً ولو أن دفاعهما كانا أكثر تنظيماً لكان للفريقين موقع آخر على سلم الترتيب.
إمكانيات محدودة
بقية الفرق كان لها قصة مغايرة، والأهم أن إمكانياتها محدودة لتحقيق أفضل مما حققته فلا جود إلا بالموجود.
حرجلة على سبيل المثال ما زال قريباً من مواقع الخطر، وعندما نتحدث عن فريق لم يمض على تأسيسه خمس سنوات وصار في الممتاز وهو بعيد عن الخطر في موسمه الأول فهذا إنجاز جيد يحسب له، هناك أمور عديدة ساهمت بتراجع الفريق قليلاً عمّا كان يتوقعه القائمون عليه، ربما في مطلعها قصر فترة التحضير التي سبقت انطلاق الدوري، وهذه الفترة كانت مهمة لأن الفريق لم يستطع اختيار ما يرغب من لاعبين بسبب تأخر نهاية دوري الدرجة الأولى، وبالتالي فقد سبقته أغلب الفرق إلى التعاقدات.
إدارة النادي وضعت إمكانيات هائلة للفريق، لكن هذه الإمكانيات لم توظّف بالشكل الصحيح لضعف خبرة التعامل مع المدربين واللاعبين وكيفية اختيار الأفضل والمناسب وهذا أمر طبيعي في فريق يبصر النور لأول مرة، المهمة الأساسية للفريق اليوم هي الثبات بالدوري الممتاز وبعدها لكل حادث حديث، والضائقة المالية التي يتعرض لها الفريق اليوم يجب أن تدرسها الإدارة بعناية حتى لا تقع بشرها هذا الموسم وما بعده.
الفتوة فريق مغترب، لا مقر للنادي، لا منشآت، لا استثمار، يعيش النادي كله بكل ألعابه على دعم المحبين والمقربين، وهذا حاله ولا خلاف على ذلك، لكن الفتوة تاريخ، إذا أردت أن تعطي الكرة السورية حقها فيجب أن تذكر الفتوة، وإلا فإن كرتنا ناقصة.
هذا الوصف وهو حقيقة لا يجعل من الفتوة آمناً مطمئناً، الموسم الماضي نجا من الهبوط في الأمتار الأخيرة وحمل عنه المهمة فريق النواعير الذي استسلم مبكراً، وهذا الموسم بحاجة إلى فريق يحمل المهمة ذاتها إذا سلمنا أن الحرية وضعه صعب وغير قادر على مقاومة الهبوط.
كان بإمكان الفريق ألا يكون بين المهددين إلا أن الاختيار الخاطئ لعدد من اللاعبين ولبعض الفنيين أدى إلى التخبط الفني الكامل الذي أتعب الفريق وخصوصاً أن المنظرين بالفريق أكثر من العاملين، والمنافقين أكثر من المخلصين فوصل الفريق إلى ما وصل إليه من خطر التهديد الذي سيستمر حتى الصافرة الأخيرة من الدوري.
قصة الساحل تتكرر للموسم الثاني أو الثالث على التوالي دون أن يكون هناك حل جذري للفريق ودون أن يعيش مرحلة القلق حتى النهاية.
الساحل أكثر ما يعانيه هو ضعف السيولة المالية، فضلاً عن مشاكل إدارية كثيرة زادت منها المشاكل الفنية التي جعلت الفريق متخبطاً على الدوام بنتائج لا تلبي الطموح ولا تسعف للبقاء بين الكبار، بكل الأحوال لا بد من حسابات دقيقة لضمان البقاء فالمنافسة لن تكون سهلة على الإطلاق، وحظوظه مع الفتوة بين البقاء والهبوط واحدة، فمن سيكون أشطر؟
آخر الفرق الحرية لم يقدم أي شيء يدل على جديته ووضعه أكثر من صعب، ولا شك أنه يدفع ثمن الخلافات الداخلية ضريبة باهظة، هو أقرب من غيره إلى الهبوط وقد لا تسعفه المباريات المقبلة وقد يحتاج إلى الفوز بها جميعاً.
هذا الموسم يجب أن يكون محط دراسة جادة لأبناء النادي، فإما أن يعيدوه إلى الطريق الصحيح ويقدموا له كل الدعم والمساندة وإما أن يبقى الفريق مهدداً أو في الدرجات الدنيا.
للأسف إن أبناء النادي هم من وضعوا حداً لفريقهم فأغرقوه في وحل خلافاتهم ومستنقع مصالحهم الشخصية.
الحرية سيكون أول الهابطين ولن ينجو إلا بمعجزة في زمن ليس فيه معجزات.
(سيرياهوم نيوز-الوطن)