أكد الرئيس أحمد الشرع أن سوريا انتصرت للعالم أجمع عندما أسقطت منظومة إجرام استمرت لـ 60 عاماً، وتحولت من بلد يصدّر الأزمات إلى فرصة تاريخية لإحلال الاستقرار والسلام والازدهار للمنطقة بأسرها.

وفي كلمة الجمهورية العربية السورية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين، طالب الرئيس الشرع برفع العقوبات بشكل كامل حتى لا تكون أداة لتكبيل الشعب السوري ومصادرة حريته من جديد، مشدداً على أن الحكاية السورية لم تنته بعد، فهي مستمرة ببناء فصل جديد عنوانه السلام والازدهار والتنمية.
وقال الرئيس الشرع: إن الحكاية السورية حكاية تهيج فيها المشاعر ويختلط فيها الألم بالأمل، إن الحكاية السورية حكاية صراع بين الخير والشر، وبين الحق الضعيف الذي ليس له ناصر إلا الله والباطل القوي الذي يملك كل أدوات القتل والتدمير، لأن حكايتنا عبرة من عبر التاريخ، وهي تمثيل حقيقي لمعاني الإنسانية النبيلة.
وأضاف الرئيس الشرع: في هذه المعركة الأزلية بين الحق والباطل تروى الحكاية السورية لتحكي فصلاً جديداً من فصول هذا الصراع، فصلاً مشرقاً وعظيماً بالإبداع، زاخراً بالمواجهة والإصرار والصبر والعذاب والألم والتضحية والفداء والتمسك بالقيم النبيلة والأعراف الحميدة، والإعداد الجاد والعمل الدؤوب ثم الاتكال على الله، تلك أدوات تعين الحق على الباطل.
الشعب ثار منادياً بحريته وكرامته لكنه قوبل بالقتل والتنكيل

وتابع الرئيس الشرع: لقد جئتكم من دمشق عاصمة التاريخ ومهد الحضارات، تلك البلاد الجميلة التي علّمت الدنيا معنى الحضارة وقيمة الإنسان والتعايش السلمي لتصبح منارة يقتدي بها العالم، غير أن سوريا ومنذ 60 عاماً وقعت تحت وطأة نظام ظالم غاشم يجهل قيمة الأرض التي حكمها ويقهر الشعب الودود المسالم، لقد صبر شعبنا لسنين طويلة على الظلم والقهر والحرمان ثم ثار منادياً بحريته وكرامته وقوبل بالقتل والتنكيل والحرق والاغتصاب والتهجير.
وقال رئيس الجمهورية: لقد استخدم النظام السابق في حربه على شعبنا أبشع أدوات التعذيب والقتل والبراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية والتصفية الميدانية في السجون والتهجير القسري، وأثار الفتن الطائفية والعرقية، واستخدم المخدرات سلاحاً ضد الشعب والعالم، ومزق بلادنا طولاً وعرضاً، وهدم أهم حواضر التاريخ فيها، واستقدم قوات أجنبية وميليشيات وعصابات من أصقاع الأرض شتى، وارتهن بلادنا الجميلة، لقد قتل النظام السابق نحو مليون إنسان وعذب مئات الآلاف وهجر نحو 14 مليون إنسان وهدم ما يقرب من مليوني منزل فوق رؤوس ساكنيها.
وأضاف الرئيس الشرع: لقد استهدف الشعب الضعيف بالأسلحة الكيماوية بما يزيد على 200 هجوم موثق، ولقد استنشق أطفالنا ونساؤنا وشبابنا الغازات السامة، لقد فعل النظام كل ذلك ليسكت صوت الحق، ومع كل هذا الإجرام أنهى أي لغة سياسية للحل رغم ما كان يعرض عليه، فما كان أمام هذا الشعب سوى أن ينظم صفوفه وأن يستعد للمواجهة التاريخية الكبرى في عمل عسكري خاطف، مواجهة أسقطت منظومة إجرام استمرت لـ 60 عاماً مع كل داعميه.
انتصرنا للمظلومين والمعذبين والمهجرين قسراً

وتابع الرئيس الشرع: عمل عسكري كان ملؤه الرحمة والخير وتغليب العفو والتسامح، معركة عسكرية لم تتسبب بتهجير إنسان أو قتل مدني، توجت بنصر لا ثأر فيه ولا عداوات واستعاد الشعب فيها حقه وانتصر لظلمه، نعم لقد انتصرنا في المعركة للمظلومين والمعذبين والمهجرين قسراً.
وأضاف الرئيس الشرع: لقد انتصرنا لأمهات الشهداء والمفقودين، وانتصرنا لكم جميعاً أيها العالم، انتصرنا لمستقبل أبنائنا وأبنائكم ومهدنا الطريق لعودة اللاجئين إلى ديارهم، ودمرنا تجارة المخدرات التي كانت تنتقل من بلادنا إلى بلادكم في زمن النظام السابق، وتحولت سوريا بهذا النصر من بلد يصدر الأزمات إلى فرصة تاريخية لإحلال الاستقرار والسلام والازدهار لسوريا وللمنطقة بأسرها.
وقال الرئيس الشرع: إن الإنجاز السوري الفريد والتكاتف الشعبي الحاصل دفع بأطراف لمحاولة إثارة النعرات الطائفية والاقتتالات البينية سعياً لمشاريع التقسيم وتمزيق البلاد من جديد، غير أن الشعب السوري كان يملك من الوعي ما يمنعه من استمرار حصول الكوارث والعودة بسوريا إلى مربعها الأول، فعملت الدولة السورية على تشكيل لجان لتقصي الحقائق ومنحت الأمم المتحدة الإذن بالتقصي كذلك، وخلصت إلى نتائج متماثلة بشفافية غير معهودة في سوريا، وإنني أتعهد بتقديم كل من تلطخت يداه بدماء الأبرياء إلى العدالة.
سوريا تدعو المجتمع الدولي للوقوف إلى جانبها

وتابع الرئيس الشرع: في ذات السياق لم تهدأ التهديدات الإسرائيلية ضد بلادنا منذ 8 من كانون الأول وإلى اليوم، فالسياسات الإسرائيلية تعمل بشكل يخالف الموقف الدولي الداعم لسوريا وشعبها في محاولة لاستغلال المرحلة الانتقالية، ما يعرض المنطقة إلى الدخول بدوامة صراعات جديدة لا يعلم أحد أين تنتهي، وإزاء ذلك تستخدم سوريا الحوار والدبلوماسية لتجاوز هذه الأزمة وتتعهد بالتزامها باتفاق فض الاشتباك لعام 1974 وتدعو المجتمع الدولي للوقوف إلى جانبها في مواجهة هذه المخاطر واحترام سيادة ووحدة الأراضي السورية.
وقال الرئيس الشرع: إننا منذ لحظة سقوط النظام السابق وضعنا سياسة واضحة الأهداف، حيث إنها تقوم على عدة ركائز؛ الدبلوماسية المتوازنة والاستقرار الأمني والتنمية الاقتصادية، فقد عملنا على ملء فراغ السلطة ودعونا إلى حوار وطني جامع، وأعلنا عن حكومة ذات كفاءات وعززنا مبدأ التشارك وقمنا بتأسيس هيئة وطنية للعدالة الانتقالية وأخرى للمفقودين إنصافاً وعدلاً لمن ظلم.
سوريا استعادت علاقتها الدولية وأنشأت شراكات إقليمية وعالمية

وأضاف الرئيس الشرع: نحن ماضون في انتخابات ممثلي الشعب في المجلس التشريعي وأعدنا هيكلية المؤسسات المدنية والعسكرية عبر حل جميع التشكيلات السابقة تحت مبدأ حصر السلاح بيد الدولة، وبنشاط دبلوماسي مكثف استعادت سوريا علاقتها الدولية وأنشأت شراكات إقليمية وعالمية وتوجت برفع معظم العقوبات تدريجياً عن سوريا، ونطالب برفعها بشكل كامل حتى لا تكون أداة لتكبيل الشعب السوري ومصادرة حريته من جديد، كما عدلنا قوانين الاستثمار وبدأت كبرى الشركات الإقليمية والدولية بالدخول إلى السوق السورية والمساهمة من خلال الاستثمار في إعادة الإعمار.
وقال الرئيس الشرع: إن سوريا اليوم تعيد بناء نفسها من خلال التأسيس لدولة جديدة عبر بناء المؤسسات والقوانين الناظمة التي تكفل حقوق الجميع دون استثناء، فسوريا بلد صاحب حضارة وثقافة تاريخية يليق بها أن تكون دولة القانون الذي يحمي الجميع ويصون الحقوق ويضمن الحريات وتزدهر في ظله الحياة وتطوى صفحة الماضي البائس لنعيد مجد سوريا وعزتها وكرامتها.
سوريا تعود إلى موقعها الذي تستحق بين أمم العالم
وتابع الرئيس الشرع: واستكمالاً للحكاية السورية، أعلن اليوم انتصار الحق على الباطل، “وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً”، وها هي سوريا اليوم تعود إلى موقعها الذي تستحق بين أمم العالم، إن هذا الإعلان يمثل صدى لإرادة شعب عظيم صاغ المجد على مر العصور، ولطالما نهض من تحت الركام ليستعيد حقوقه وحريته وكرامته.

وأضاف الرئيس الشرع: نيابة عن الشعب السوري أتوجه بالشكر والعرفان إلى كل من وقف مع قضية الشعب السوري وأعانه في مأساته واستقبله في بلده، وإلى كل دول العالم وشعوبها التي فرحت بانتصار إرادة الشعب السوري وتقف اليوم إلى جانبه في مسيرة السلام والازدهار، وأخص بالشكر كلاً من تركيا وقطر والمملكة العربية السعودية وكل الدول العربية والإسلامية والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
وقال الرئيس الشرع: أود أن أؤكد أن الألم الذي عاشته سوريا لا تتمناه لأحد، ونحن من أكثر الشعوب التي تشعر بحجم معاناة الحرب والدمار، ولذا فإننا ندعم أهل غزة وأطفالها ونساءها وباقي الشعوب التي تتعرض للانتهاك والاعتداء، وندعو لإيقاف الحرب فوراً.
وختم رئيس الجمهورية بالقول: إن الحكاية السورية لم تنته بعد، فهي مستمرة في بناء فصل جديد من فصولها عنوانه السلام والازدهار والتنمية.
اخبار سورية الوطن 2_سانا