أطلق الرئيس أحمد الشرع وحاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية العملة السورية الجديدة، وذلك خلال حفل أُقيم مساء اليوم في قصر المؤتمرات بدمشق بمشاركة وفود رسمية وشعبية.
وتضمنت العملة السورية الجديدة ست فئات وهي: فئة الـ 10 ليرات سورية وتحمل في صورتها وردة شامية وفراشة، وفئة الـ 25 ليرة وتحمل صورة لشجر التوت الشامي وطائر السنونو، وفئة الـ 50 ليرة وترمز إلى الحمضيات، وفئة الـ 100 ليرة وتحمل وردة القطن وغزال الريم، وفئة الـ 200 ليرة وتتجلى فيها بركة شجر الزيتون وأصالة الحصان العربي، وفئة الـ 500 ليرة وتحمل صورة عصفور الدوري مع سنابل القمح.
الرئيس الشرع: استبدال العملة عنوان لمرحلة جديدة وبداية لاستعادة الثقة بالاقتصاد السوري
وأكد الرئيس الشرع خلال جلسة حوارية أقيمت ضمن حفل إطلاق العملة الجديدة، أن إطلاق العملة السورية الجديدة يشكل عنواناً لإقفال مرحلة سابقة لا مأسوف عليها وفتح أفق لمرحلة وطنية جديدة يطمح لها كل الشعب السوري، مشدداً على أن عملية التحول النقدي تُدار بهدوء ومسؤولية، بما يحفظ الاستقرار النقدي ويعزز الثقة بالاقتصاد الوطني.

وأوضح الرئيس الشرع أن موضوع استبدال العملة خضع لنقاشات طويلة حيث أشارت تجارب استبدال العملات عالمياً وحذف الأصفار إلى نجاح بعضها فيما لم ينجح الآخر، واصفاً العملية بأنها “جراحة دقيقة” في بنية النظام النقدي، تتطلب إدارة حذرة وتدرجاً مدروساً.
الرئيس الشرع: حذف الأصفار لتسهيل التعامل لا لتحسين سعر الصرف
وبيّن الرئيس أن هناك الكثير من المفاهيم يجب أن تطرح خلال مرحلة تبديل العملة، فحذف صفرين من العملة لا يعني بحد ذاته تحسناً اقتصادياً أو في سعر الصرف، وإنما يهدف إلى تسهيل التعاملات اليومية للمواطنين، في ظل صعوبات حقيقية كانت تواجه عمليات البيع والشراء نتيجة انخفاض القيمة للفئات النقدية.

وأشار الرئيس الشرع إلى أن تحسين الاقتصاد يرتكز أساساً على زيادة الإنتاج وخفض معدلات البطالة، مبيناً أن تطوير القطاع المصرفي يُعد من الشروط الجوهرية لتحقيق النمو، باعتباره شرياناً رئيسياً للاقتصاد، وأن نجاح التحول النقدي مرتبط بسياسات مصرفية مدروسة تضبط آليات الطرح والسحب والتداول.
وأكد الرئيس الشرع أن مرحلة التحول النقدي حساسة، وتتطلب منع أي حالة فزع مجتمعي قد تضر بسعر الصرف، موضحاً أن مصرف سوريا المركزي سيعلن جدولاً زمنياً واضحاً لعملية الاستبدال، مع فترة تعايش بين العملة القديمة والجديدة، داعياً المواطنين إلى الهدوء في عملية استبدال العملة القديمة وعدم الانجرار وراء الإشاعات.
الرئيس الشرع: الثقة… الركيزة الأساسية لأي اقتصاد
وتطرق الرئيس إلى مسألة الثقة بالاقتصاد السوري، مؤكداً أن الثقة هي الركيزة الأساسية لأي اقتصاد، وأن ما تحقق خلال هذا العام أسهم في استعادة شعور الانتماء لدى المواطن، معتبراً أن حمل العملة الوطنية الجديدة يعزز هذا الشعور ويقوي الثقة بالتداول النقدي.
وأشار الرئيس الشرع إلى الأضرار الكبيرة التي لحقت بالاقتصاد السوري خلال الـ 60 سنة الماضية، ولا سيما في الـ 14 سنة الأخيرة، وما رافقها من عقوبات وانهيار في القطاع المصرفي، الأمر الذي أدى إلى تراجع الإيداع في المصارف وانتشار الاكتناز النقدي في البيوت.
وأوضح الرئيس الشرع أن السياسات الاقتصادية الجديدة، وتحديث قوانين الاستثمار، وفتح المجال أمام القطاع الخاص، وابتعاد الدولة عن مزاحمة السوق، كلها خطوات تعزز الثقة تدريجياً، لافتاً إلى أن العملة الجديدة تعبّر أيضاً عن هوية وطنية متجددة.
الرئيس الشرع: رموز طبيعية بدل تقديس الأشخاص على العملة
وفي هذا السياق، لفت الرئيس الشرع إلى الابتعاد عن الحالة النمطية من تقديس الأشخاص ووضع صورهم على العملة، والتركيز بدلاً من ذلك على رموز طبيعية واقتصادية تعبّر عن الجغرافيا السورية، موضحاً أن العملة الجديدة تحمل رموزاً للقمح والزيتون والقطن والحمضيات والورد الجوري، إضافة إلى طيور مثل السنونو والدوري، وزخارف مستوحاة من الفن الإسلامي الدمشقي.

وشدد الرئيس على أن العملة ليست مجرد ورقة نقدية، بل عنوان لاقتصاد جديد، محذراً من المضاربات الوهمية، ومؤكداً ضرورة إدارة السيولة بشكل تدريجي لتجنب التضخم، إلى جانب نشر ثقافة اقتصادية داعمة لعملية الاستبدال.
الرئيس الشرع: سوريا مقبلة على مرحلة واعدة
واختتم الرئيس الشرع حواره بالتأكيد على أن سوريا مقبلة على مرحلة واعدة، مستندة إلى موقعها الجغرافي وأهميتها الجيوسياسية، مع تزايد الاهتمام الإقليمي والدولي، معرباً عن أمله بأن تنعكس هذه المرحلة إيجاباً على الإنتاج والاستثمار، داعياً إلى عدم الانجرار وراء الشائعات، ومؤكداً أن المصدر الرسمي للمعلومات هو مصرف سوريا المركزي.
حاكم مصرف سوريا المركزي: استبدال العملة محطة وطنية مفصلية
بدوره، أكد حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر الحصرية خلال جلسة حوارية ضمن الحفل، أن إطلاق واستبدال العملة السورية يشكل يوماً تاريخياً سيبقى في الذاكرة الوطنية، بوصفه أحد أهم الاستحقاقات الاقتصادية بعد تحرير سوريا من النظام البائد، وخطوة سيادية تهدف إلى إرساء الاستقرار النقدي وتعزيز الثقة بالليرة والقطاع المصرفي.
المصرف المركزي ركيزة للاستقرار والثقة
وأوضح الحصرية أن رؤية مصرف سوريا المركزي تقوم على أن يكون الركيزة الوطنية للاستقرار والثقة، مشيراً إلى أن عملية استبدال العملة هي عملية تقنية بحتة تعتمد على حذف صفرين من القيمة الاسمية دون أي تغيير في القيمة الحقيقية للعملة أو تأثير مباشر على سعر الصرف ولا يحمل أي أثر تضخمي، إضافة إلى طباعة عملة جديدة، بهدف تبسيط المعاملات المالية وتسهيل حياة المواطنين، إلى جانب القطيعة مع رموز وصور الماضي.

ولفت الحصرية إلى أن الأداء الاقتصادي والمالي للمصرف يجب أن يكون بحجم حدث التحرير في الثامن من كانون الأول من العام الماضي، مؤكداً أن الاستبدال يمثل بداية جديدة للاقتصاد الوطني.
تبسيط العمليات وضبط الكتلة النقدية
وبيّن الحصرية أن من الأهداف الأساسية لاستبدال العملة تبسيط العمليات الحسابية والمالية والسياسة النقدية، وضبط الكتلة النقدية ومعرفة حجمها الحقيقي، موضحاً أن سوريا كانت تمتلك خلال نحو 70 عاماً كتلة نقدية قُدرت بنحو 14 مليار قطعة دون معرفة الكمية المتداولة فعلياً، ما أسهم في أزمات السيولة والتضخم وتراجع سعر الصرف.

وأكد الحصرية أن قرار تغيير العملة قرار سيادي تتولاه الجهات المختصة في مصرف سوريا المركزي، بمشاركة أطراف لوجستية متعددة داخلياً وخارجياً، لافتاً إلى الاستفادة من تجارب دولية ناجحة، كالتجربتين الفرنسية والألمانية، اللتين جاءتا بعد حروب أو تحولات سياسية كبرى.
معايير التغيير وجاهزية القطاع المصرفي
وأوضح الحصرية أن الاستقرار النقدي كان المعيار الأول في اتخاذ قرار حذف الأصفار، ولا سيما بعد تحسن الليرة السورية بنحو 30 بالمئة خلال عام 2025 منذ التحرير واستقرار سعر الصرف، إضافة إلى جاهزية المصرف المركزي والقطاع المصرفي والصرافة، وإقرار التعديلات التشريعية اللازمة لإصدار العملة الجديدة، مشيراً إلى أن المصرف ورث عن النظام البائد واقعاً كارثياً، وتم العمل لأشهر على تهيئة البنية المصرفية والتشريعية لإنجاح عملية التغيير.
خمسة مرتكزات للاستراتيجية النقدية
واستعرض حاكم المصرف الاستراتيجية النقدية القائمة على خمسة مرتكزات رئيسية، تشمل: الاستقرار النقدي واستقرار المستوى العام للأسعار، وسعر صرف متوازن وشفاف، إضافة إلى نظام مصرفي مركزي سليم، ونظام مدفوعات رقمي وآمن وشامل، فضلاً عن التكامل مع النظام المالي العالمي.
إدارة الكتلة النقدية وجذب الاستثمار
وبيّن الحصرية أن المرحلة المقبلة ستركز على إدارة الكتلة النقدية بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية والسياسات العامة للدولة، لافتاً إلى أن الاستقرار النقدي يشكل شرطاً أساسياً لجذب الاستثمار الخارجي، وأن معرفة حجم المعروض النقدي داخل سوريا وخارجها أمر حاسم لتحقيق ذلك.
وأوضح أن المرحلة الثانية بعد الاستبدال ستكون استعادة الثقة بالقطاع المصرفي، بعد استعادة الثقة بالليرة ودورها في الحياة اليومية للمواطنين.
مراحل الاستبدال والتسعير بالعملتين
وبيّن الحصرية أن فترة الاستبدال تمتد 90 يوماً قابلة للتمديد، مع إشعار المواطنين قبل أي قرار بعدم التمديد بـ 30 يوماً، تليها مرحلة السحب التي ستستمر عبر مصرف سوريا المركزي، مؤكداً إلزامية التسعير بالعملتين في المحال التجارية ومكاتب الصرافة.
دعوة للثقة والطمأنينة
وشدد الحصرية على أن صدور الليرة الجديدة مسؤولية مشتركة، داعياً المواطنين إلى الاطمئنان وعدم الخوف على مدخراتهم أو قوتهم الشرائية، مشدداً على أن العملية لا تحمل أي مخاطر تضخمية أو ارتفاع في الأسعار.
كما دعا الحصرية التجار والفعاليات الاقتصادية إلى الالتزام بالتسعير بالعملتين وعدم استغلال الظرف، وحث مكاتب الصرافة على العمل ضمن القوانين ومنع المضاربة، مؤكداً أن الثقة هي أساس العملة والاقتصاد، وأن مصرف سوريا المركزي يدرك مسؤولياته، ويضع راحة المواطنين وخدمة الاقتصاد الوطني في مقدمة أولوياته.
الشماع: وضع استراتيجية التبديل على أسس علمية ومعايير عالمية
من جهته، أوضح المستشار عبد الله الشماع أن فريقاً من المستشارين والخبراء السوريين تعاون مع مصرف سوريا المركزي لوضع استراتيجية تبديل العملة على أسس علمية ومعايير عالمية، بهدف جعل المصرف ركيزةً للاستقرار وقائداً للتحول الاقتصادي.
وبيّن الشماع أن الرؤية استندت إلى خمس ركائز هي: السياسة النقدية والاستقرار السعري، وسوق صرف متوازن وشفاف، وقطاع مصرفي سليم، ومدفوعات رقمية آمنة، والتكامل المالي الدولي والشمول المالي المستدام.
وكان حاكم مصرف سوريا المركزي أعلن أمس في مؤتمر صحفي بمبنى المصرف بدمشق، عن التعليمات التنفيذية للعملة السورية الجديدة، في إطار استراتيجية اقتصادية وطنية متكاملة تهدف إلى تعزيز الاستقرار النقدي، وترسيخ الثقة بالاقتصاد الوطني، ودعم مسار التعافي الاقتصادي المستدام.




syriahomenews أخبار سورية الوطن
