عون هو أول رئيس لبناني يزور الجزائر منذ أكثر من ربع قرن
يصل الرئيس اللبناني جوزف عون بعد ظهر اليوم إلى الجزائر في زيارة رسمية تلبية لدعوة من نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، يبحث في خلالها ملفّات اقتصادية وثقافية، ويوقع اتفاقات تعاون تعكس اهتماماً جزائرياً متزايداً بلبنان.
وعون هو أول رئيس لبناني يزور الجزائر منذ أكثر من ربع قرن. ويرافقه وزيرا الخارجية يوسف رجي والإعلام بول مرقص ومستشار الرئيس لإعادة الإعمار الوزير السابق علي حمية.
ومن المقرر أن يستقبل تبون الرئيس اللبناني في المطار، حيث تطلق المدفعية 21 طلقة. وبعد الاستقبال، يجري الرئيسان محادثات تشمل، إلى العلاقات الثنائية، ملف إعادة إعمار جزء ممّا خلّفته الحرب الإسرائيلة وملفات أخرى.

وستركّز المساعدة الجزائرية على إعادة إعمار المقرّات الحكومية، التي تضرّرت نتيجة الحرب، بمبلغ يتراوح في المرحلة الأولى ما بين 50 و200 مليون دولار، وفق ما أشارت إليه تقارير.
كذلك، يُنتظر توقيع اتفاقات ثقافية تعزيزاً للروابط المشتركة. وفي البرنامج مركز ثقافي جزائري – لبناني في العاصمة بيروت، وبرامج تلفزيونية بين مؤسستي التلفزيون الحكوميتين في البلدين، إضافة إلى دعم لوجستي وفني لتلفزيون لبنان.
ومن الاتفاقات المتوقعة أيضاً تعزيز المنح الدراسية وإقامة صرح ثقافي كبير في بيروت، وصولاً إلى احتمال مساعدة القوى الأمنية. ويتوقع أن تعلن الجزائر عودة طيران الخطوط الجوية الجزائرية إلى بيروت، بعدما توقفت مع بدء الحرب الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله.
ومن المنتظر الإعلان عن هبة نفطية جزائرية للبنان. وكانت آخر مساعدة جزائرية للبنان من هذا النوع، في الصيف الماضي، عندما أرسلت الجزائر شحنة تزن 30 ألف طن من مادة الفيول بهدف إعادة تشغيل محطات الطاقة.
ويعكس الاهتمام السياسي والإعلامي اللافت بالزيارة الأولوية التي توليها الجزائر للبنان، خصوصاً بعد سقوط النظام السوري برئاسة بشار الأسد، الذي كان يعتبر حليفاً للجزائر، في الثامن من كانون الأول/ديسمبر.
وكان وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف زار دمشق في الثامن من شباط/فبراير الجاري، وأكد دعم الجزائر لوحدة سوريا واستقرارها، ووقوفها إلى جانب دمشق خلال هذه المرحلة الدقيقة، وأبدى استعدادها لمدّ المساعدة الكاملة في كلّ المجالات لتمكين الشعب السوري. ومن دمشق، انتقل العطاف إلى بيروت، والتقى المسؤولين اللبنانيين.
ومن المنتظر أن يقدّم الرئيس الجزائري أحد أرفع الأوسمة لضيفه.
ويختتم الرئيس عون زيارته للجزائر بزيارة للمسجد الكبير وكاتدرائية القلب الأقدس.
ويرى الخبير المالي والاقتصادي اللبناني أحمد فايز عقل أن زيارة الرئيس جوزف عون إلى الجزائر “في هذه الظروف والتوقيت الذي تمر به المنطقة والأمة العربية يعتبر مهماً جداً وأساسياً، وهو دليل على مدى قوة العلاقات اللبنانية – الجزائرية، ومدى تجذّر الترابط السياسي والاقتصادي بين البلدين”.
ويؤكد عقل لـ”النهار” أن “الجزائر أبانت عن مواقفَ مهمّة خلال فترة العدوان الإسرائيلي على لبنان”، وهي المواقف التي كانت تحظى بتقدير وترحيب عميق من قِبل المسؤولين والقيادات اللبنانية والشعب اللبناني أيضاً.
ويوضّح بأن “التعاون الاقتصادي بين الجزائر وبيروت كان موجوداً سابقاً مع دعم اقتصاديّ مهم جداً من قِبل الحكومة والشركات الجزائرية خاصة في مجال الطاقة”، معتقداً بأن “الفرص الاستثماريّة المهمة التي يُتيحها البلدان، بخاصة مع تشابه إمكاناتهما في السياحة والزراعة على وجه الخصوص، يجعلهما محطّ اهتمام رجال الأعمال اللبنانيين والجزائريين”,
ويُلفت عقل إلى الاهتمام الذي أبداه رجال الأعمال المُغتربين اللبنانيين والجزائريين في الاستثمار في مجالات معينة، قائلاً إن “دوراً مهماً سيكون لهؤلاء في التقارب الحاصل بين الجزائر وبيروت، وقد تكون لزيارة الرئيس عون وقع كبير على هذا التأثير”.
قراءةٌ أخرى لزيارة الرئيس عون إلى الجزائر تؤكد حساسية الظرف الإقليمي والدولي، التي جاءت فيه، من منطلق الوضع السياسي والاقتصادي الصعب الذي يعيشه لبنان “مما يدفع السلطات اللبنانية إلى البحث عن دعمٍ عربيّ يساهم في استقرار البلاد مستقبلاً سياسياً واقتصادياً” تقول الإعلامية مريم زكري لـ”النهار”.
وتضيف أن “الجزائر بدورها تسعى إلى تعزيز دورها العربي والإقليمي من خلال فتح مجال الحوار والدعم مع الدول الشقيقة، وهو ما يتماشى مع مبادئها في عدم التدخل، وفي الوقوف إلى جانب الشعوب”.
وتلفت زكري إلى رغبة كلّ من الجزائر وبيروت “في إحياء العلاقات الجزائرية – اللبنانية بعيداً عن المجاملات الدبلوماسية إلى النظر والتنسيق في مختلف الملفات، بخاصة السياسية والاقتصادية والثقافية”، مبرزة “طغيان الملف الاقتصادي” على عمق زيارة الرئيس جوزف عون إلى الجزائر.
وأكدت أن “لبنان باستطاعته الاستفادة من القدرات الطاقوية الهائلة للجزائر، بخاصة في مجالات الكهرباء والطاقة”، مشيرة إلى “هبّة الجزائر العام الماضي عندما أرسلت شحنة طاقة عاجلة لإنارة لبنان في واحدة من أصعب أزمات هذا البلد الشقيق، وقد يتحول هذا التضامن إلى شراكة دائمة واستثمارتٍ نوعيّة ترتكز على التزود المنتظم وتبادل الخبرات ومشاريع البنى التحتية في مجال الطاقة”.
وتكشف زكري أن “للجزائر نيّة في عرض خدماتها على لبنان من أجل إعادة إعمار المناطق المتضررة من العدوان الصهيوني”، لافتة إلى الإمكانات والخبرات التي اكتسبتها الجزائر في هذا المجال.
على الجانب المُقابل، توضح زكري بأن “لبنان، ورغم ظروفه الاقتصادية الصعبة، له قدرات بشرية مميزة في مجالات الاتصالات والطب والخدمات والسياحة، وهو ما يمكن أن تستفيد منه الجزائر، خاصة في مشاريع رقمنة الإدارة أو تطوير قطاعات خدماتية عبر الاستعانة بخبرة الكفاءات اللبنانية”.
اخبار سورية الوطن 2_وكالات _النهار اللبنانية