طرطوس – لجينة سلامة:
يحدث أن يأتي الموت على روح فنان بعد معاناة مع المرض أفقده صوته دون أن ينال من ملكاته الفكرية و الأدبية وأدواته الإبداعية الإخراجية ..ظلّ متمسّكاً بخشبة المسرح القومي في طرطوس حتى النفس الأخير بعمله المسرحي (روبوت ) ليرحل في يوم بارد ودّعته شمس البحر بحزن مع عائلته وأهله وعشاقه.
أيّاً يكن الراحل رضوان جاموس مع حفظ الألقاب و كونه خريج المعهد العالي للفنون المسرحية الدفعة الأولى بمرتبة جيد جداً ، فقد كانت له بصمة في مجال الإخراج المسرحي وآثر أن يكون ملعبه الفني في طرطوس التي يحب وهو الذي جاء من بحرها كما يقول : ( قد جئت من البحر ..أنا شيخ البحر ..عمري من عمر الحجارة والصخور المحفورة بأبجدية البحر والزيتون ..من عمر الشموس والكواكب والأقمار والنجوم ..من عمر ملح البحر من عشرة آلاف عام والبحر صديقي وقد جئت أرنو لشواطئك يا جميلتي وعزيزتي طرطوس)، طرطوس حيث تميّز وأبدع .
وقد أنصفه الأستاذ المخضرم محسن سلامة أستاذ اللغة العربية حين قال : (رضوان خازن الجنّة، جنّة الفنّ والمسرح الرّاقي النظيف، وصخرة الشاطئ، وزيتونة الساحل، زيتها يكاد يضيء خلود العبقريّة السوريّة، وسنديانة من جبل هي للبحر شموخ عزّ وأنفة ، وعطر شيح هو للقلوب طيب فنّ أصيل رضوانيّ الإبداع، وحدك نقلت عاصمة الفنّ المسرحيّ إلى طرطوس، و بدأبك وصمودك ستقول الأجيال:
نقل الفنّان السوريّ ( رضوان جاموس ) عاصمة الفنّ المسرحيّ إلى طرطوس بتعبه، وجهده واجتهاده وموهبته الأصيلة وعبقريّته وتواضعه وعشقه لهذا البلد الذي تجذّر فيه كما السنديان، سنديان قريته في عمق هذه الجبال طرطوس.
عاش فقيراً ليجعل الفنّ غنيّاً في طرطوس التي عشقها حتّى العظم والنخاع ).
وبعيداً عن كونه ممثلاً تلفزيونياً وسينمائياً ومخرجاً مسرحياً وكاتباً وقاصاً، فهو قبل كل هذا إنسان حساس صادق في مشاعره مخلص في عمله استطاع أن يحقق بعضاً من أحلامه فيما ظلت أحلامه البقية دفينة معه.. ولم يسعفه العمر لتجسيدها على الخشبة التي ستشتاق له وقد آنسته وآنسها عبق صفحات الإنشاء ونبض الحياة ..وكانت وزارة الثقافة -مديرية المسارح والموسيقا وعلى خشبة مسرح طرطوس القومي عملت على تكريم الفنان جاموس قبيل وفاته من قِبل مديرة المسرح غادة عيسى التي نوّهت إلى عشقه للمسرح وحيويته ونشاطه وحماسه ورغبته في العمل رغم الألم وهو يقدم آخر عمل مسرحي بعنوان ( روبوت )..لاعجب في هذا وهو القائل دائماً في مقدمة نصوصه الإخراجية :(المسرح فعل وكذلك الحب ).
وكم أثلج التكريم قلبه وقلب محبيه وأفاض عليه الكثير من مشاعر الغبطة والامتنان والتقدير لمسيرته التمثيلية والإخراجية والإنسانية..
الجدير ذكره أن للراحل جاموس عدة أعمال مسرحية وتلفزيونية وسينمائية نذكر منها على مستوى المسرح :
«ضجيج»و «شهيق زفير»و»غرفة على السطح»،و»حكايات من دفتر اليوميات».. كما أسس فرقة «بيادر» لهواة المسرح، التي قدمت عروضاً في عدد من المناطق السورية.
و في السينما شارك في «نجوم النهار .. الليل.. القناع).. وفي التلفزيون كانت له عدة مشاركات درامية في» المنعطف» و «الاحتفال «و «أشجار البحيرة «و «حوش المصاطب» و» جذور وجسور» و مسلسل نهارات الدفلي و» الخطوات الصعبة» و «الفراري» و» أمواج» و» لعنة الطين «و «صلاح الدين الأيوبي» و «سيف بن ذي يزن».
(سيراهوم نيوز4-الثورة)