حسين صقر:
ليس هناك أجمل من الاعتراف بالأخطاء، لأنه من الفضائل، ويوازي الصدق والشفافية، حيث الصدق من الإيمان كالرأس من الجسد، وليس هناك أجمل من العودة عما نرتكب من خطايا، على أن يكون ذلك نابعاً من الذات، ودون أي مواربة أو تبييت نيات، عندها تشع القلوب نوراً، و تتملك الأرواح السرور والغبطة.
فالاعتذار بشكله العام يولٌد في النفس الطمأنينة، ولا يجعلك تتردد في متابعة ما أنت عليه من خصال، وبدلاً من أن تنقطع المروءة من رأسك، تفيض بالمشاعر الإنسانية أكثر من ذي قبل.
فالاعتذار النابع من السريرة النقية والصافية يعكس معدن الإنسان ورقيه، ولن نقول طيبته، لأن الطيبة في زمننا باتت مبعثاً للإحباط، وأصبح المتصف بها محط اتهام بأنه ساذج وعلى السجية.
دعوة للاعتذار الصريح ممن نخطئ بحقهم، لأن ذلك سيكون بمثابة صابون سحري ومنظف فائق الفعالية للقلوب والسرائر، على أن يتم ذلك دون تلميح وجس للنبض ومحاولة لتلميع الأحاسيس الكاذبة..
بعض الأشخاص عبروا بالقول بأن ثمة من يعتقد أن الاعتذار نقطة ضعف لا يجب إظهارها، لأن البعض يعتبرونها دليل انكسار وهزيمة لا تليق بهم، ومن هذا المنطلق فإن أشد المكابرين الرافضين للاعتذار، هم من الذين يصنفون أنفسهم كطبقة مثالية لا تخطئ وإن أخطأت فهي سامية لا تعتذر لمن هم دونها مرتبة.
وبالتالي يتناسى هؤلاء أن الاعتذار ليس دليل ضعف أو فشل، كي نخجل منه، بل يكفي أن نعلم أنه مجرد اعتراف بالخطأ ورجوع عنه.
المهندس كنان معروف يرى : إن ترجمة الشعور بالاعتذار إلى فعل حسي ملموس، يحتاج إلى قوة محركة تجبر النفس على النزول إلى الحق ومحاسبة الذات، وهذا لا يكون إلا عند من ملك صفة الشجاعة، وهنا أجدها فرصة للحديث بأن الدول التي أساءت بحق سورية، وحاربتها وكانت ضدها، وجلبت الإرهابيين من كل حدب وصوب لتدميرها، ماذا لو اعتذرت واعترفت بخطئها وتسامت عن الأفعال الجرمية التي ارتكبتها..؟
ونوهت المحامية علا محمد أنه في بعض المجتمعات يعتبر الاعتذار جزءاً من مقوماتها وثقافتها الفكرية، فتراهم يزرعون في أطفالهم ثقافة الاعتذار منذ الصغر وينمون لديهم هذا السلوك، ويحفزونهم عليه، وعندما يحدث الخطأ لأمر ما مهما كان صغيراً وجب الاعتذار عنه، وقالت :أنا تواجهني في المهنة عدة مواقف تتطلب الاعتذار فيما لو عول موكل علي، وعندما لم أوفق أعتذر.
وقال حسن محمود وهو مدرس: الاعتذار ليس كلمة تقال في زحمة الحديث وتبرير الخطأ، أو البحث عن مخرج من الورطة التي سببها سلوك ما خاطئ، فالاعتذار يعني الاقتناع التام بأن هناك خطأ ينبغي تصحيحه، وهو ما أوجبه، وبالتالي فإن نوع الاعتذار لابد وأن يقترن بنوع الخطأ وحجمه، ومعنى أن نخطئ فنعتذر لا يعني أننا أشخاص سيئون، بل جيدون لأننا نحاول إصلاح أخطائنا، فليس من بشر معصوم عن الخطأ بعد الرسل، وأضاف أنا كمدرس فيما لو شعرت بخطأ اتجاه طلابي سوف أعتذر بكل راحة، وأطلب منهم ذلك فيما لو حصل خطأ بينهم أو معي أنا.
ولهذا من الضروري أن تتعاضد النفوس لجعله ثقافة حقيقية تسود المجتمعات، وأول ما يطبقه الأفراد لأنهم اللبنة الأولى والأساسية في تلك المجتمعات، فضلاً عن أنه يعبر عن التسامح والصدق والقوة وصفاء القلوب.
سيرياهوم نيوز 6 – الثورة