آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الرقص مع الضباع…..!!

الرقص مع الضباع…..!!

| بقلم:باسل الخطيب

 

لا أحب العبارات الفضفاضة، لا أحب العبارات التي لا مرسى لها، عندما أصف تلك الجغرافيا التي تمتد من جاكرتا إلى طنجة بالصحراء، فأنا لا أشتم، أنا أسمي الاشياء بمسمياتها، قبل عامين من هذا اليوم رقص كل أولئك الهمج الرعاع على طول تلك الصحراء على وقع رقص أردوغان إياه على أنقاض كنيسة آيا صوفيا، كل أولئك الهمج اعتبروا قراره بتحويلها من كنيسة إلى مسجد فتحاً من اللّه عظيم و نصراً مبيناً للإسلام…..

نعم، ليس صدفة أن يقصف إرهابيو أردوغان بطائرة مسيرة تجمعاً للسوريين في قرية السقيلبية، و هم يدشنون افتتاح كنيسة آيا صوفيا البديلة في قريتهم، وذلك في نفس تاريخ إقامة أول صلاة جمعة في آيا صوفيا في إسطنبول قبل عامين، آنذاك ألقى رئيس الشؤون الدينية التركية علي رياش أول خطبة جمعة بتاريخ  24/7/2020 ، رياش هذا كان يحمل بيده سيفاً، هو سيف السلطان محمد الملقب بالفاتح، الذي احتل القسطنطينية عام 1453، و استباحها جنوده لمدة أسبوع، و مازلنا في موروثنا نسمي ذاك السفاح ( الفاتح)، على فكرة، لطالما تساءلت لماذا جمال باشا فقط من بين كل قادة العثمانيين يحمل لقب السفاح، خذوا علماـ أيها السادة، تلك رسالة مبطنة تستهدف الوعي الجمعي للأمة، أنه هو وحده من بين أولئك القادة السفاح، والبقية فاتحون وأبطال، أي أنه الاستثناء الشاذ للقاعدة….

ذاك السيف إياه لم يكن ديكوراً، ذاك السيف كان رسالة، و بعض تلك الرسالة كانت تلك الطائرة المسيرة التي استهدفت المدنيين في السقيلبية…….

لم يراودني الشك يوماً أن الصراع مع تلك القبيلة العثمانية السلجوفية هو صراع وجود، بل أن خطر هذه القبيلة على سوريا الجغرافيا و الدور و الشعب أكبر من الكيان الصهيوني نفسه، فكيف إذا اتحدت العقلية العثمانية مع العقيدة الإخوانية؟…….

ترى من الذي قال إنه حيث تمر خيول الاتراك لا ينبت العشب؟؟ لم يعرف التاريخ كله قبيلة أكثر همجية و وحشية من تلك القبيلة، كل الغزاة الذين مروا على هذه الأرض تركوا ولو أثر جميل واحد، ترى ماذا ترك العثمانيون سوى الخازوق و كلمة (طز)؟حتى لغتهم احتاجت أبجديتنا حتى تستقيم، على فكرة كل المأكولات التي نعرفها و التي تحمل مسميات تركية ( الشاورما، الشيش طاووق، الفلافل.. وغيرها….) هي مأكولات سورية أصلاً، عندما دخل سليم الأول دمشق عام عام 1516 محتلاً وغازياً، جمع 1500 طباخاً من خيرة طباخي سوريا، و أمرهم باختراع أكلات طيبة له.و كان نتاج ذلك كل ما نعرفه الآن من أكلات اخذت مسمياتها من لغة المحتل العثماني….

إمبراطورية الدم، هذا هو اللقب الذي تستحقه السلطنة العثمانية، هل لكم أن تخبروني باسم عالم أو اختراع واحد قدمته تلك السلطنة على مدى خمسة قرون من عمرها؟…. علماً أن فترة وجود السلطنة العثمانية كان فترة فوران العلوم في مختلف المجالات، لا يعرف التاريخ سلطاناً عثمانياً واحداً ارتقى سدة الحكم إلا بعد أن قتل كل اخوته، وبعضهم قتل أبنائه……

يتحدث أردوغان عن الحفاظ على وحدة و سيادة سوريا مراراً و تكراراً، هذه كلمات يمضغها أردوغان ورهطه مادامت موضة تخزين القات لم تصل إليهم بعد، و لكن أي سورية تلك التي يقصدها اردوغان؟ يقصد سورية إياها تحت حكم الإخوان المسلمين و سطوة الأتراك عليها، هل تعرفون أنه و حتى تاريخه يوجد بند في ميزانية الدولة التركية مخصص لولايتي حلب و الموصل كما يسمونهما مقداره ليرة تركية واحدة؟…. يتحدث أردوغان عن محاربة الإرهاب، يا هذا، ألا تشعر برائحة غاز كبريتيد الهيدروجين كلما فتحت فمك و تكلمت؟ ألا تشعر بكل ذاك الكذب يتدلي من  أنفك؟ ألم ترضع داعش من  ثديي أردوغان على مدى كل تلك السنوات؟ هل تعرفون ما اسم المجلة التي تصدرها داعش؟ اسمها (دابق), هل يذكركم هذا الاسم بشيء؟ عام 1516حصلت معركة مرج دابق مابين الغزاة العثمانيين بقيادة سليم الأول والمماليك بقيادة قانصوه الغوري، وبعدها احتل العثمانيون سوريا، هل تظنون ذاك المسمى صدفة؟… ماذا عن النصرة و بقية كتائب الإرهابيين في إدلب و شمال سوريا؟ تُرى من  أي أثداء كانت ترضع ومازالت؟ نعم، إياكم أن تظنوا أن صراعنا مع أردوغان ورهطه هو صراع مدينة هنا أو قرية هناك، هل أذكركم لماذا سميت حارة الصغار و حارة التل في حلب بهذه الأسماء؟ هل تشتمّون رائحة ابن تيمية بين السطور؟…

لطالما تساءلت لماذا تم تغيير أسماء الكثير من القرى و المناطق السورية بحجة تعريبها،أسال بكثير من الحرقة والغضب، من قال لكم أن تلك الأسماء القديمة لم تكن عربية؟ أما حان الوقت لتفهموا أن (العربية) ليست لغة إنما لسان؟… لماذا تلك المحاولات الحثيثة لصنع تضاد و تناقض بين مفهوم ( السورية) و (العروبة)، حتى يكاد الأمر يصل إلى حدود التساؤل وباستهزاءً: من هي أو ما هي تلك الأمة السورية؟؟… أما حان الوقت لنفهم أن هذا البيت أعمدته هي الوطنية السورية و سقفه هو العروبة، و من دون أعمدته سيتهاوى، و من دون سقفه سيبقى عرضة للتشرذم و التشتت و الضياع؟….. في محافظة اللاذقية تم تغيير مسمى إحدى القرى من اسم صهيون إلى مسمى آخر، و تم تغيير اسم إحدى القلاع من قلعة بني إسرائيل إلى مسمى آخر، إن كان اليهود الصهاينة قد سرقوا تلك المسميات، فهل هذا يعني أن أتخلى عنها و ثقافتي هي أصلها؟ أتعرفون أن معنى كلمة صهيون ( سيون) هو الشمس باللغة الفينيقية؟… إن كان ملك المغرب – وعلى سبيل المثال- قد سرق و ادعى لنفسه لقب أمير المؤمنين، هل هذا يعني أن ألغي هذا اللقب؟….

ثم لماذا ذاك الإصرار على حصر مفهوم الاسلام باتباع السيد محمد بن عبد الله عليه وعلى آله الصلاة و السلام، وان الإسلام هو فقط دين تلك الأركان الخمسة؟… نستطيع نصاً و من دون تأويل ومن القرآن الكريم أن نثبت لكم أن الإسلام هو دين الايمان باللّه و العمل الصالح  و العلم النافع أياً كانت الشريعة….

قلت ماقلته في الأسطر السابقة حتى أصل بكم إلى النتيجة التالية، أن الصراع مع العثمانيين هو صراع ايديولوجيا، وفي هكذا صراع لاتوجد حلول وسط، والكفة في هذا الصراع تميل الآن وبشدة لصالح العثمانيين، لأنهم يمتلكون هوية واضحة محددة،أما نحن فهويتنا هلامية، وهذا ما أشرت إليه أعلاه، عدا عن ذلك وهو الأهم، من المعروف أن سوريا قد تحررت من العثمانيين عام 1918، ولكنها وحتى تاريخه لم تتحرر من موروثهم، ذاك الموروث المتغلغل في الثقافة و الإدارة والقوانين وحتى طريقة التفكير، تستغرب جداً كيف يتم تغيير اسماء قرى تحمل اسماً سورياً صرفاً، وهذه القرى مضى على وجودها آلاف السنين، وسكانها أهل هذه الأرض الأصليين، ولا يتم تغيير اسماء مناطق وأسواق تحمل مسميات المحتلين العثمانيين، استغرب أنه لايوجد يوم وطني لجلاء العثمانيين عن بلادنا……

أنا في مقالي هذا أدق ناقوس الخطر، قد نكون الدولة الوحيدة في هذا العالم التي ابتليت بعدوين يهددان وجودها كدولة وكجغرافيا وكدور وكشعب، الصهاينة مهما طالت مدة بقائهم في منطقتنا فمصيرهم الرحيل أو الذوبان، عدونا الأول هم العثمانيون، هذا لايعني تركيا الدولة، فتركيا ليست كلها عثمانية، أن ينضوي قسم لا پأس به من السوريين تحت لواء العثمانيين وبكل رحابة صدر وفخر وولاء، هذا يعني الكثير الخطير، قد يقول قائل، أنه عندما تهب الرياح وحدها اكياس القمامة تغير مكانها، ولكن نحن لا نتحدث عن أي قمامة، نحن نتحدث عن قمامة ايديولوجية، وكما قلت لكم سابقاً الأيديولوجيا لا تعرف الحلول الوسط، فكيف إذا كانت أيديولوجيا اخوانية؟…وتذكروا أن الضبع هو الحيوان الوحيد الذي يأكل ضحيته قبل أن يقتلها، نرى ماذا يفعل أردوغان ورهطه غير ذلك الآن؟؟؟……..

(سيرياهوم نيوز3-السادس والعشرين من تموز2022)

x

‎قد يُعجبك أيضاً

السعودية والقضية الفلسطينية والحرب على غزة

  رأي مضاوي الرشيد   يكثر اللغط عند الحديث عن الموقف السعودي من الحرب الإسرائيلية الحالية على غزة والقضية الفلسطينية بشكل عام. وهذا ليس بالأمر ...