أينما تنقلت بناظريك تشاهد الرمان أكواماً، سواء في أسواق الهال أو الخضار أو على بسطات الأرصفة والطرقات، إن هذا المحصول الذي حيّد مساحات كبيرة من محصول الكرمة والقليل من الزيتون أصبح في ذروته وبإنتاجية عالية جداً، علماً أن المطروح في الأسواق معظمة للحبات متوسطة أو صغيرة الحجم وتلك التي فيها كسر ويتم بيعها بأسعار منخفضة، فيما معظم الإنتاج “الاكسترا” والأول لا يصل الأسواق، بل يذهب إلى مراكز الفرز والتوضيب بغرض التصدير وإلى وحدات الخزن والتبريد بهدف تخزينه، ومن ثم طرحه في غير موسمه، أما لجهة أسعار الأصناف عالية الجودة فهي مرتفعة، لكن بالنظر إلى التكاليف فهي على الأغلب تأكل نحو نصف المردود، وعلى المدى البعيد هناك من ينتقد استمرار التوسع بزراعة هذا المحصول، لكونه لا يشكل أولوية بالنسبة لاحتياجنا الغذائي.
التوسع بزراعة الرمان جاء على حساب الكرمة.. لكن هل من أولويات أخرى؟
إنتاج عالي الجودة
أبدى عدد من المزارعين ارتياحهم للإنتاج الوفير من محصول الرمان وجودته العالية، حيث أصبح معظمهم يتقن عملياته الزراعية من فلاحة وري وتسميد ومكافحة، لافتين إلى أنهم زرعوا أشجار الرمان بدلاً من أشجار الكرمة لاحتياجها رعاية وتكاليف أقل ولها منافذ تسويق أكثر، لكن ذلك لا يعني أنّ تكاليف مستلزمات إنتاجها منخفضة بل مرتفعة، وما يساعد في تأمين تلك المستلزمات أنّ بعض المكاتب الزراعية تقدمها من دون أن تقبض ثمنها إلّا بعد تسويق الإنتاج.
الأسعار حسب الجودة
الرائج في عملية التسويق يتمثل بقدوم تجار يشترون الإنتاج وهو على الأشجار، وذلك بمبلغ إمامقطوع لكامل الإنتاج الذي يتم تقديره حسب الخبرة أو بالكيلو، وتحديد السعر يتم حسب جودة الإنتاج، فمثلاً صنف الاكسترا تم شراء الكيلو منه بنحو ٨ آلاف ليرة والصنف الأول بين ٥٥٠٠ و٧٥٠٠ ليرة، وهذه الأصناف تذهب لغرض التصدير أو التخزين، أما الأصناف الأقل جودة وخاصة للحبة الصغيرة وهي المطروحة على الأغلب في الأسواق المحلية، فسعرها يتراوح في أسواق الهال بين ٢٥٠٠ و٣٥٠٠ ليرة وتباع بالمفرق بزيادة من ١٠٠٠ إلى ١٥٠٠ ليرة، لكن الحبات التي فيها كسر فهي تباع بأقل من ذلك وفي أسواق خضار المفرق مثلاً تجد من ينادي ٤ أو ٥ كغ بقيمة ١٠ آلاف، حيث يتم العمل على تصريفها بسرعة وبأي ثمن لأن الكسر الموجود في حباتها يعرضها للتلف السريع.
المخاوف موجودة
للعلم كان متوقعاً أن تكون الأسعار أكثر مما ذكر آنفاً، وخاصة بالنسبة للأصناف التصديرية، لكن على ما يبدو إن الظروف التي تسود المنطقة بعثت مخاوف لدى التجار لاحتمال أن تكون حركة التصدير منخفضة، ما قد يعرّضهم لخسائر كبيرة، وهذا ما دفعهم لعدم التحفز كثيراً لشراء المحصول ما خفض من سعره، لكن بالعموم تبقى الأسعار بالنسبة للفلاح جيدة وتحقق ريعية مناسبة.
آراء حول الأولوية
يرى متابعون للشأن الاقتصادي أن محصول الرمان لا يشكل أولوية ضمن سلم احتياجاتنا الغذائية، وهو يشغل أراضٍ تصلح للتوسع بزراعة محاصيل أساسية أخرى مثل البطاطا والبصل والثوم وغيرها من الخضار التي تدخل في تشكيل موائدنا التي لا غنى عنها، حيث يسهم هذا التوسع لو تمّ للخضار في استقرار وفرتها وأسعارها عند حدود مقبولة للمزارع والمستهلك معاً، بدلاً من التذبذب الذي يحصل في كل موسم لجهة قلة المعروض والارتفاع المفاجئ بأسعارها بين الحين والآخر.
وحدات الخزن والتبريد تنشط بقوة لاستقبال الإنتاج
تنشط بقوة
دور وحدات الخزن والتبريد حاضر وبقوة على صعيد تسويق محصول الرمان، حيث إن الفلاح نفسه إذا كانت لديه الملاءة المالية هو من يستأجر إحدى الوحدات ويخزن فيها محصوله من الرمان، أو قد تكون لدى مزارعين كبار وحدات خاصة بهم لتخزين إنتاجهم فيها من مختلف المحاصيل القابلة لذلك، لكن الرائج أكثر هو قيام تجار باستئجار الوحدات والتخزين فيها، وقد يكون أصحاب الوحدات تجاراً بالأصل فيستجرون الرمان ويقومون بتخزينه لطرحة في غير موسمه بأسعار عالية تحقق مردودية مجزية.
١٨٠ وحدة مرخصة
مدير صناعة درعا المهندس عماد الرفاعي ذكر أن عدد وحدات الخزن والتبريد المرخصة على أرض المحافظة يصل إلى ١٨٠ وحدة، فيما هناك نحو ١٢٠ وحدة أخرى غير مرخصة، أي أن إجمالي عدد الوحدات يبلغ ٣٠٠ وحدة، وبيّن أن الطاقة الاستيعابية قد تختلف بين منشأة وأخرى حسب حجمها، فمنها ما هو بمساحة ٧٠ م٢ ومنها ما قد يصل إلى أكثر من ٥٠٠ م٢، وهي تستجر فائض الإنتاج الزراعي من المزارعين بما يحقق استقراراً في أسعار المنتجات الزراعية.
الإنتاج وفير وبجودة عالية.. والفضل للظروف المناخية وخبرة الفلاحين
زراعة حديثة
مدير زراعة درعا المهندس بسام الحشيش ذكر أن زراعة الرمان حديثة بدأت وتوسعت خلال العقدين الأخيرين، وجاءت في معظمها بديلاً عن الكرمة، وذلك لكون تكاليفها أقل لجهة الري والأسمدة، وتنتج بعمر أقل ولاسيما في السنة الثانية تبدأ بشائر الإنتاج، لافتاً إلى أنّ الظروف المناخية في حوران وخاصة في منطقة حوض اليرموك مناسبة جداً لزراعة الرمان حيث نجح فيها بشكل كبير.
مليون شجرة
وكشف مدير الزراعة أنه يتواجد حالياً في محافظة درعا نحو مليون شجرة إنتاجها يتفاوت حسب عمرها، لكن بشكل عام فإن إجمالي الإنتاج المقدر للموسم الجاري يبلغ حوالي ٣٠ ألف طن، ومعظم الأشجار من الأصناف الفرنسية الحمراء المرغوبة للاستهلاك والتصنيع والتخزين والتصدير، علماً أن الإنتاج بجودة عالية ويصل وزن بعض الحبات إلى ١.٥ كغ، وبالنسبة لواقع التسويق فالمعروض حالياً كبير في الأسواق، فيما تتجه كميات ليست بقليلة إلى التخزين وأخرى يتم فرزها وتوضيبها بهدف التصدير إلى روسيا والعراق ودول الخليج.
سيرياهوم نيوز 2_تشرين