علي عبود
هل هي مصادفة أن يسخر الرئيس فلاديمير بوتين من “مجموعة السبعة الكبار” في ذروة التقارب الأمريكي ـ الروسي حول عدة قضايا عالمية في مقدمتها إنهاء الحرب في أوكرانيا؟
نعم، لقد سخر الرئيس بوتين واعرب عن دهشته لتسمية مجموعة الدول السبع بـ “الكبرى” في ظل أدائها الاقتصادي المتواضع، وصعوبة رؤيتها على خارطة العالم، وتساءل في الكلمة التي ألقاها في مؤتمر الإتحاد الروسي للصناعيين ورجال الأعمال في موسكو بتاريخ الثامن عشر من اذار الجاري :
ماهو الكبير “في السبعة الكبار”؟
ولم يطرح بوتين السؤال جزافا، فقد أكد سخريته اللاذعة بمقارنة رقمية وكشف أن “نمو الناتج المحلي في دول مجموعة السبع (الكبار) أقل من 1.9 % وفي مجموعة ”بريكس” 4.9%”.
ولكي ”لايتنطح” منظّر ليبرالي (ما) ويزعم أن ارتفاع النمو في دول ”بريكس” سببه الاقتصادي الصيني الضخم، وبأن موسكو تعاني من تراجع أو تدهور إقتصادي بفعل العقوبات الغربية..الخ، فقد سارع بوتين إلى الكشف إن نمو الناتج المحلي في روسيا بلغ 4.1 % لعامين متتاليين!
لقد زعم أنصار ودعاة هيمنة الاقتصاد الأمريكي بأن “مجموعة بريكس” لم ولن تشكل خطرا على الأحادية القطبية، وبأن الدولار سيقي مسيطرا على اقتصادات العالم إلى أمد طويل جدا، مما دفع بالكثيرين إلى التساؤل: هل فعلا لاتخشى أمريكا “بريكس”؟
لو عدنا إلى تصريحات الإدارات الأمريكية في السنوات القليلة الماضية لاستنتجنا بأنها راهنت على إخفاق دول ”بريكس” (حتى بوجود الصين) بإنهاء الأحادية القطبية، وبإضعاف الاقتصاد الغربي المتجسد بالسبعة “الكبار” أو التأثير على هيمنة الدولار والإستعاضة عنه بعملات أو وسائل دفع بديلة!
ولكن ماحدث في العامين الماضيين على الأقل أكد أن الرهان على إنهاء ظاهرة الـ “بريكس” كان أكثر من خاسر، والأرقام التي كشفها بوتين مؤخرا تثبت ماقاله: ما الكبير في محموعة السبعة “الكبار” التي يصعب رؤيتها على خريطة العالم؟
لم يقل أحد من قادة دول “محموعة البريكس” أنهم يخططون لتقويض الدولار، لكنهم أعلنوا جهارا أنهم سيعملون على التعامل التجاري فيما بينهم بعملات أخرى لتجنب العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على بلادهم، وبمعنى آخر أن مجموعة “السبعة” (التي لم تعد كبيرة) هي التي دفعت باقتصادات دول كبرى كالصين وروسيا والهند..الخ، للبحث عن بدائل للدولار!
واكتشفت أمريكا متأخرة “بفعل عنجهيتها وتسلطها” إن المبادلات التجارية العالمية بالدولار قد تراجعت من 90 % إلى أقل من 70 % في العقد الأخير، وهذا ماجعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يهدد دول البريكس: سنعاقب كل من يستبدل الدولار بعملات أخرى!
نعم، انه اعتراف أمريكي بتفوق “بريكس” على السبعة “الكبار”، وبأن رهانهم على استمرار الهيمنة على اقتصادات العالم كان خاسرا، بل ومؤلما وبأن نتائج العقوبات ارتدت سلبا على اقتصادات الغرب وعلى أمريكا، بدليل أن الإدارة الأمريكية بدأت تفرض الضرائب والرسوم على الواردات من دول “بريكس” وخاصة من الصين، بل بدأت تفرض الرسوم حتى على الأصدقاء والحلفاء كأوروبا وكندا..الخ.
الخلاصة: لقد أكد الرئيس بوتين منذ أكثر من عام أن حصة مجموعة “بريكس” في الاقتصاد العالمي ستبلغ 37 % عام 2028 بينما ستنخفض حصة اقتصادات مجموعة السبع إلى مادون 26 %!
ومن الملفت أن توقعات صندوق النقد الدولي للاعوام القادمة تؤكد ماقاله بوتين، فقد كشف الصندوق في نهاية العام الماضي أن الاقتصاد العالمي سيعتمد بشكل أكبر على “مجموعة بريكس” بدلا من نظيرتها الغربية “مجموعة السبع الكبار”!!
(موقع أخبار سوريا الوطن-١)