عبد العزيز محسن:
في سياق حديث صحفي لرئيس الاتحاد العام للفلاحين أكد وجود وعود حكومية بتقديم الدعم المباشر وغير المباشر لكافة المحاصيل الزراعية أسوة بما تم تقديمه لمزارعي القمح مؤخراً واستثناء الزراعات المحمية “البيوت البلاستيكية” من هذا الدعم بحجة عدم الاعتماد على هذا النوع من الزراعات بشكل رئيسي في الاستهلاك!!!..
لا ادري كيف لرئيس منظمة فلاحية نقابية يُفترض أنه مؤتمن على مصالح أعضائها، أو على وزارة متخصصة بالشأن الزراعي بكافة جوانبه، أو على حكومة تعتبر الزراعة هي المصدر الرئيسي للدخل الوطني كيف لهم جميعاً أن يقبلوا بتهميش قطاع طويل عريض كالزراعات المحمية وتجاهل ما يمر به من صعوبات وتحديات وإخراجه من أي سيناريو مستقبلي للدعم واعتباره قطاعاً غير أساسي في منظومة الزراعة السورية.. ولنسأل “حضراتهم” هل بإمكانهم الاستغناء عن الخضار المنتجة في البيوت البلاستيكية كالبندورة والخيار والفليفلة وحتى الكوسا والباذنجان…. والتي اصبحت بفضل مزارعيها وأصحابها متوافرة على مدار العام وبكميات كبيرة خارج أوقات انتاجها الطبيعي وبأسعار مقبولة….. وأضف إلى ذلك وبفرض أن الدعم الذي يتحدثون عنه سيطال المحاصيل الحقلية المكشوفة فقط نسأل اين المنطق في تقديم الدعم لمحاصيل قليلة التكلفة نسبياً وحجبه بنفس الوقت عن المحاصيل المنتجة في البيوت البلاستيكية ذات التكلفة العالية جداً.. والجميع يعلم الأسعار الفلكية الهائلة لمستلزماتها كشرائح النايلون والحديد والأسلاك المعدنية والبذار والأسمدة والأدوية والمبيدات المستوردة والعبوات واليد العاملة ويضاف اليها المخاطر الكبرى الناتجة عن عوامل الطقس من صقيع وعواصف وفيضانات وغير ذلك.. والتي اصبحت بمجموعها تشكل عبئاً ثقيلاً وكابوساً يومياً يقض مضاجع المزارع ويهدده بالإفلاس وبهجر أرضه والتوجه نحو المجهول في ظل عدم وجود خيارات أخرى بديلة…
المطلوب الآن الرؤية بمنظار أوضح وأوسع والتعامل بإنصاف مع جميع القطاعات وإيجاد حلول للصعوبات التي تعاني منها ومن بينها تلك الشريحة “المستبعدة” من الدعم الموعود والعمل على تخفيض فاتورة تكاليف الانتاج الباهظة والكف عن إطلاق الوعود الخلبية والتصريحات غير اللائقة وعن التصرفات المستفزة غير المدروسة كالتي قام بها وزير التجارة الداخلية الأسبق -على سبيل المثال- عندما تغاضى عن التدقيق في تسعير معظم المنتجات الصناعية وغير الصناعية في الأسواق بحجة ارتفاع تكاليفها و”تمرجل” على مادة البندورة المنتجة في البيوت المحمية وقام “شخصياً” بإجبار تجار سوق الهال بتسعيرها الى ما دون سعر التكلفة حين كان الانتاج في ادنى مستوياته وبأعلى تكاليفه.. طبعا مع تفهمنا التام لما يعانيه المستهلك من ذوي الدخل المحدود -ونحن منهم طبعا- في هذه الظروف الصعبة، ولكن لا بد من قول كلمة الحق والإنصاف وتسجيل موقف ولو كنا متضررين أو غير متضررين… وكما كنت أردد دائماً بأن هذه الفترة الزمنية القصيرة من العام والتي لا تتحاوز مدتها الشهر الواحد هي من حق مزارع البيوت البلاستيكية فاتركوه يزرع وينتج ويبيع بسعر مقبول وليعيش بالحد المقبول من الكفاية لتأمين عيش كريم له ولأسرته، فلا أحد يدرك حجم معاناته إلا من اقترب منه واكتشف ظروف عمله المكلفة جداً والمحفوفة بالصعوبات والمعاناة وبكثرة المخاطر..
أخيراً.. تشير الإحصاءات المتوفرة لدينا بأن عدد البيوت البلاستيكية المستثمرة يتجاوز الـ 160 ألف بيت، من بينها 135 الف بيت في محافظة طرطوس وتنتج أكثر من 700 ألف طن من مختلف اصناف الخضار، وتشكل المصدر الأساسي والوحيد للدخل لعشرات الألاف من الأسر والعائلات والتي تعتبر اليوم مهددة بلقمة عيشها بسبب عجز معظم هذه العائلات عن تمويل مستلزمات الموسم القادم وعدم وجود بوادر إيجابية أو بارقة أمل من أية جهة لمساعدتهم وإنقاذهم من محنتهم.. فعن أي دعم يتحدثون.. ولماذا تجاهل هذه الحقائق.. وإلى أين يريدون الوصول؟!..
(سيرياهوم نيوز-بانوراما سوريا30-6-2020)