آخر الأخبار
الرئيسية » كتاب وآراء » الزلزال الإنتخابي الفرنسي آتٍ.. أية ارتدادات مجتمعية سيُولّدها؟ Continue reading at الزلزال الإنتخابي الفرنسي آتٍ.. أية ارتدادات مجتمعية سيُولّدها؟

الزلزال الإنتخابي الفرنسي آتٍ.. أية ارتدادات مجتمعية سيُولّدها؟ Continue reading at الزلزال الإنتخابي الفرنسي آتٍ.. أية ارتدادات مجتمعية سيُولّدها؟

كيف يبدو المشهد السياسي الداخلي في فرنسا، قبل أقل من أسبوعين على موعد الدورة الأولى للانتخابات النيابية المبكرة المُقررة يوم الأحد في 30 حزيران/يونيو الحالي؟ الزلزال السياسي، الذي أحدثه قرار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بحلّ الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة، ما تزال ارتداداته تتفاعل بسرعة كبيرة وحجم لم تعتده الحياة السياسية الفرنسية. ولعل أبرز المعطيات التي أفرزتها الأيام الأخيرة تتمحور حول النقاط الآتية: أولاً؛ مقولة “فرِّق تسُد”، التي ربما تكون شعار الرئيس ماكرون الخفي وهدفه غير المعلن، من نتائجها الأولى والمباشرة زيادة الانقسام والتشرذم ليس داخل الوسط السياسي والحزبي فحسب بل ـ وهذه النقطة الأخطر ـ في قلب المجتمع الفرنسي. ثانياً؛ نجح اليسار، بكل مكوناته من الحزب الاشتراكي إلى الحزب الشيوعي مروراً بحزب أنصار البيئة “الخضر” وأقصى اليسار المتطرف (حزب “فرنسا الأبية”)، بتوحيد صفوفه والذهاب إلى المعركة الانتخابية بمرشحين موحدين وببرنامج انتخابي موحد في إطار “الجبهة االشعبية الجديدة”. ثالثاً؛ اليمين المتشدد والمتطرف المتمثل بحزب “التجمع الوطني” بقيادة مارين لوبن عزّز موقعه وتمكن من جذب رئيس حزب “الجمهوريين” أريك سيوتي واقامة تحالف انتخابي معه في وقت قرّر قياديو هذا الحزب عزل الأخير وعدم السير في خياراته متهمين اياه بـ”خيانة” المبادىء والقيم التي قام عليها الحزب اليميني المعتدل وريث الرؤساء الجنرال شارل ديغول وجاك شيراك ونيكولا ساركوزي. رابعاً؛ حزب “النهضة” الذي أسّسه الرئيس ماكرون وبنى أكثريته النيابية عليه في تراجع مستمر وانتقل إلى المرتبة الثالثة في مواجهة القوتين الأساسيتين تحالف اليسار من جهة واليمين المتشدد من جهة أخرى. خامساً؛ انخراط القوى الفاعلة في المجتمع الفرنسي في الحراك الانتخابي. فقد تحرّكت الأحزاب اليسارية والنقابات في الشارع ونظّمت تظاهرات حاشدة في العاصمة باريس وعدة مدن فرنسية، كما دعت شخصيات تنتمي إلى الأوساط الفنية والرياضية (أبرز أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم) إلى “المشاركة الفاعلة في الاقتراع وصد قوى التطرف”. في المقابل، بدأت أصوات تنتمي إلى الجالية اليهودية (وأبرزها صوت المحامي والناشط سيرج كلارسفلد)، وبشكل مفاجىء، ترتفع داعية إلى الاقتراع لمصلحة اليمين المتشدد والمتطرف في وقت كان هؤلاء سابقاً من أشد المعارضين والمنتقدين لتوجهات الأحزاب اليمينية المتطرفة. سادساً؛ حدة الصراع الانتخابي ودقة الوضع السياسي، دفعت برئيسي الجمهورية السابقين فرنسوا هولاند ونيكولا ساركوزي إلى الخروج عن تحفظهما والمجاهرة بموقفهما. فقد فاجأ هولاند الأوساط السياسية والشعبية والاعلامية بتقديم ترشحه إلى أحد المقاعد النيابية والانخراط بالمعركة إلى جانب تحالف قوى اليسار، وهو شغل سابقاً موقع السكرتير الأول للحزب الاشتراكي. أما ساركوزي فقد خرج عن صمته وانتقد قرار حل الجمعية الوطنية، وأطلق التحذير من دخول فرنسا “المنقسمة” في مرحلة من “الفوضى”. كما عارض تقارب وتحالف رئيس حزب “الجمهوريين” القريب منه أريك سيوتي مع اليمين المتشدد والمتطرف. ما هي أبرز التوقعات قبل أسبوعين من موعد الدورة الأولى للاقتراع؟ تُظهر استطلاعات الرأي الأولية أن المنافسة ستكون شديدة بين القوتين الأساسيتين، اليمين المتشدد والمتطرف من جهة وقوى تحالف اليسار من جهة ثانية. أما الخاسر الأبرز فهو الحزب الموالي لماكرون الذي يحل في المرتبة الثالثة. لكن عاملين أساسيين سيكون لهما تأثير مباشر على النتائج النهائية في الدورة الثانية، أولهما؛ مدى التجاوب الشعبي (وخصوصاً شريحة الشباب) مع الدعوة الى المشاركة في الاقتراع بعدما بلغت نسبة المقاطعة في الانتخابات الأوروبية الأخيرة حوالي نصف المسجلين على لوائح الاقتراع. ثانيهما؛ كيفية تصرف الناخب ولا سيما المنتمي إلى شريحة “المعتدلين”، إذا انحصرت المواجهة النهائية في الدورة الثانية بين أقصى اليمين من جهة وأقصى اليسار من جهة أخرى، في ضوء النتائج التي ستُفرزها الدورة الأولى، بعد أقل من أسبوعين. هذه التطورات السياسية المتسارعة تأتي في وقت تزداد تحذيرات الخبراء الاقتصاديين والماليين والمسؤولين الحكوميين من مبادرة الأحزاب المعارضة وخصوصاً قوى اليمين المتشدد وتحالف قوى اليسار إلى اطلاق “وعود انتخابية شعبوية” بشأن تحسين القوة الشرائية ورفع الرواتب وخفض سن التقاعد، مع ما سيفضي إليه ذلك من أكلاف مالية عالية ستترك أثرها “الكارثي” على الوضع الاقتصادي وزيادة قيمة الدين العام “بشكل مرتفع جداً وجنوني وغير مسؤول”.. ومن أولى المؤشرات ما شهدته باريس من تراجع ملحوظ على صعيد البورصة في الأيام الاخيرة. أما التخوف الآخر، فيتناول تماسك المجتمع الفرنسي غداة هذه الانتخابات في ظل الانقسام الحاد في المواقف السياسية والخيارات الشعبية ومدى انعكاسه على ديمومة الأمن والاستقرار الداخليين إضافة إلى تداعيات كل هذه التطورات الداخلية على موقع فرنسا الخارجي ودورها أوروبياً ودولياً.

 

 

سيرياهوم نيوز 2_

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الصهاينة و«مشروع قبرص»

  رأي هشام صفي الدين   «ربما نستطيع أن نطالب الإنكليز بقبرص» من يوميات ثيودور هرتزل، 1 تموز، 1898   يذكر الأب المؤسّس للصهيونية ثيودور ...